محمد الهرفي

مقالي بطبيعة الحال لا يتحدث عن كل الحكام لأنهم ليسوا سواء وإنما يتحدث عمن أثبت الواقع أنهم لا ينظرون إلى شعوبهم إلا نظرة العبيد الأرقاء الذين لا يستحقون الحياة إلا ما داموا قادرين على أداء دور العبيد كاملاً فإذا ما حاول بعضهم المطالبة ببعض حقوقه - وإن على استحياء ndash; لا يستحق أكثر مما يرمى له من فتات الأسياد.
القذافي حكم الليبيين أكثر من أربعين عاما، وكان مستبدا بكل المقاييس، فمعظم ما في ليبيا له ولأسرته، ولو اقتصر الأمر على هذا كان أهون، ولكنه كتم أنفاس الجميع ومن تجرأ على نقده كان مصيره الموت!!
القهر والعذاب حرك الليبيين للمطالبة بالإصلاح لكن القذافي الذي يدعي أنه لا يحكم البلاد عمل ما لا يمكن تصديقه ليبقى فرعون ليبيا إلى الأبد!! قتل الآلاف ودمر البلاد، كل ذلك ليجبر المواطنين على الاستسلام ولكي يحدث ما يرده صوب نظره إلى كل الاتجاهات لعله يجد من يقف معه ولو قدم في سبيل ذلك كل شيء..
ادعى القذافي في بداية الثورة أن الثوار شراذم من القاعدة، أتباع الظواهري وابن لادن، وأنه لن يسمح بإقامة إمارات إسلامية ظلامية في بلاده!! لكنه وعلى لسان ابنه سيف الإسلام أعلن أنه مستعد للتحالف مع القاعدة أو الإسلاميين ضد الثوار!!
واتجه أيضا إلى الصهاينة ليستنجد بمكانتهم عند الأمريكان والأوروبيين لعلهم يستطيعون تخفيف الضغوط عنه، وبطبيعة الحال لابد أن يكون قد قدم لهم الكثير في سبيل ذلك!! لكن هؤلاء ndash; وكما أتوقع ndash; كانوا أكثر منه عقلا حيث أدركوا أن لا مصلحة لهم من الوقوف مع طاغية مستبد على وشك الانهيار!!
القذافي لا مانع لديه من قتل الآلاف، وتهديم البلاد، وخسارة كل أموال البلاد في سبيل محافظته على حكمه..
بشار الأسد سار على خطى القذافي فحصدت قواته الآلاف فضلا عن هدم المنازل والمساجد وملء السجون بالآلاف من أحرار سوريا كل ذلك لأنهم طالبوا بحقوقهم في حياة حرة كريمة!!
بشار لا يمكنه الاستجابة لمطالب الأحرار لأن هذه الاستجابة تعني أنه لن يبقى يوماً واحدا في الحكم ولأنه يدرك ذلك فكانت إجابته قتل كل من طالب بحريته سواء أكان رجلا أم امرأة أم طفلا..
بشار وزبانيته ما زالوا يتحدثون عن مؤامرة خارجية، وعصابات مسلحة وكأنهم يعيشون في عصور لا يعيش فيها الآخرون، أما سوريا وشعبها فلا مكان لهم في حساباتهم.
وثالث الأثافي حاكم اليمن الذي لم يكفه حكم شعبه أكثر من ثلاثين عاما أخذ فيها معظم حقوقهم، وجعلهم يعيشون في ضنك من العيش، ولما طالبوه بحرياتهم أرسل عليهم الموت الزؤام وكأنهم مجموعة عبيد خرجوا عن طاعة سيدهم في القرون الغابرة فكان جزاؤهم الموت!!
الطغاة لا يريدون أن يصدقوا أن شعوبهم تغيرت ولسان حالهم يقول quot; أنا ربكم الأعلى quot; والمنافقون من حولهم يزينون لهم ما هم فيه من جبروت وطغيان، والشعوب التي سكتت طويلا هي التي تدفع ثمن هذا السكوت من دمائها وأموالها وكرامتها.