عدوان 9/11 وثقافة الكراهية

عبد الحميد الأنصاري
الاتحاد الإماراتية
حلّت الذكرى السنوية العاشرة لعدوان quot;القاعدةquot; على الولايات المتحدة الأميركية واستعاد الأميركيون ذكرياتهم الحزينة على أحبائهم الذين تساقطوا صبيحة ذلك اليوم المأساوي الحزين 2001/9/11، ثلاثة آلاف إنسان بريء وفيهم مسلمون ومسيحيون ويهود وآخرون من مختلف الأديان، ذهبوا من غير ذنب أو جريرة! وفي حين تبادل زعماء quot;القاعدةquot; وأتباعها وأنصارها التهاني والتبريك وسجدوا لله تعالى حمداً على quot;النصر المبينquot; وأشادوا بالمنفذين المعتدين وأطلقوا عليهم quot;العظماء التسعة عشرquot;، كما وصفوا عملهم الإجرامي بغزوة من غزوات المسلمين المجيدة، فإن الأميركيين استفاقوا من الصدمة ليتساءلوا: ماذا فعلنا حتى يكون هذا جزاؤنا؟ ما الذي دفع هؤلاء الشباب -quot;الملتزمون دينياًquot;- إلى هذا العمل الإجرامي؟ كانت الصدمة شديدة عليهم، ذكّرتهم بكارثة quot;بيرل هاربرquot; حيث تم تدمير الأسطول الأميركي وقتل الآلاف إثر الهجوم الياباني المباغت عام 1941 على الضفة الأخرى من القارة الأميركية.
في العالمين العربي والإسلامي، تفاوتت الإجابات وتعددت بين النخب السياسية والفكرية والإعلامية والرأي العام العربي والإسلامي، بين من ينكر أن هذا من فعل المسلمين ويذكر الشواهد المؤيدة على أنه من تدبير quot;الموسادquot; أو quot;المخابرات الأميركيةquot;، وأنه مؤامرة أميركية لاحتلال أفغانستان والعراق والهيمنة على مقدرات وموارد المسلمين ومحاربة الإسلام في عقر داره. وأذكر أن رمزاً إسلامياً شهيراً -نصبه أتباعه إماماً للوسطية والاعتدال في مهرجان حاشد- قام خطيباً في المسجد الجامع ليؤكد إلى درجة اليقين أن أميركا تعلم quot;علم اليقينquot; براءة بن لادن وأصحابه، لكنها تحشد للقضاء على المسلمين بدافع صليبي حاقد! لكن من أين لذلك الرجل بهذا اليقين؟! يقول إن quot;أمير المؤمنينquot; الملا عمر أخذ على بن لادن والضيوف العرب، عهداً بأن لا يعتدوا على أية دولة وقد بايعه بن لادن على السمع والطاعة، فلا يجوز له أن ينقض عهده شرعاً وديناً! كما أن الرجل ليس عنده من وسائل الاتصال ما يمكنه من تنفيذ مثل هذا العمل الكبير!
أما الذين اعترفوا بمسؤولية quot;القاعدةquot;، فقطاع كبير منهم برروا العمل العدواني بذرائع شتى منها: أنه رد فعل انتقامي ضد مظالم أميركا للمسلمين، ولانحيازها الأعمى لإسرائيل، وتآمرها المستمر على المسلمين... فهو يأتي من باب الثأر والانتقام للكرامة الجريحة ورداً للاعتبار وquot;الشرفquot;، ورسالة للإدارة الأميركية بأن المسلمين لا يستكينون للظلم والمذلة! وهناك من ذهب إلى أن هذه الهجمات المدمرة تأتي لإجبار أميركا على الخروج من المنطقة وسحب قواتها وإغلاق قواعدها وفك تحالفاتها السياسية والعسكرية مع دول المنطقة، انطلاقاً من أن بعض الدول تستظل بالحماية الأميركية في مواجهتها لخلايا quot;القاعدةquot; ومخططاتها العدوانية الرامية إلى إحياء دولة دينية تطبق الشريعة الإسلامية وفق النموذج الطالباني الذي يعد quot;النموذج المثاليquot; للدولة الدينية في منظور زعيم quot;القاعدةquot; وأتباعه وأنصاره والمشايخ المنظّرين للفكر المنغلق. وهناك من رأى أو فسّر هذا العمل العدواني وسائر العمليات التفجيرية والانتحارية من قبل الجماعات التي ترفع شعارات دينية جهادية، بأنه رد فعل لمظالم واستبداد الأنظمة العربية الحاكمة إزاء الإسلاميين عامة، وما يواجهونه على أيديها من قمع واضطهاد وتعذيب وسجون وتضييق في المعيشة وحرية الحركة وحرمان من الحقوق الطبيعية وانتهاك للكرامة... مقابل السماح للعلمانيين بالهيمنة على مناصب التوجيه والتوعية والإعلام والتعليم، لدرجة استفزاز الإسلاميين ومحاصرتهم وإبعادهم!
وهناك من حمّل الأوضاع السياسية والاقتصادية المحبطة مسؤولية العنف عامة والعمل الإرهابي خاصة، وبعضهم رأى في خروج المرأة وتبرجها واختلاطها والتحلل الأخلاقي بشكل عام باعثاً رئيسياً لهذا العنف المتصاعد!
ومع تفهمنا لكافة وجهات النظر المفسرة أو المبررة للعمل العدواني ضد الآمنين المسالمين، سواء من المسلمين أو غيرهم، إلا أنني أراها تتجاهل quot;أصل الداءquot; في عملية مراوغة وخداع للذات، إما بإعفاء الحركات المتطرفة من المسؤولية عن الأسباب الكامنة والمؤدية إلى استشراء العنف في المجتمعات الإسلامية، أو بتبريره عبر إلقاء اللوم على العمليات العدوانية التي ذهب ضحيتها الآلاف من المسلمين الأبرياء، واعتبارها quot;مظالمquot; دفعت أولئك المعتدين المتحمسين دينياً للعدوان. والحقيقة أن ثمة quot;كراهيات مُعمّقةquot; مترسخة في النفوس ومهيمنة على العقول وموجهة للسلوك. فالحياة نعمة عظيمة وهي عطية الخالق، والإنسان يولد محباً للحياة، لكن quot;ثقافة الكراهيةquot; التي يتشربها الفرد صغيراً ويتبرمج عليها، تجعله كائناً عدوانياً يفضل الموت على الحياة وبخاصة أن هناك من يحرّضه باستمرار ويستصرخه بأن عمله (جهاد) يحبه الله تعالى ويرضاه، والحور مكافأته، والجنة مأواه!
إنها إفرازات quot;ثقافة الكراهيةquot; المترسخة في التربة المجتمعية، لم تكن مجتمعاتنا القديمة بهذا العنف الأعمى الذي يستسهل القتل الجماعي للأبرياء من غير أي تأنيب للضمير! لقد عاش الآباء والأجداد في سلام مع الذات وفي مصالحة مع الآخر، وتعاملوا مع شعوب الأرض من غير عقد، لكن وفد على الساحة الخليجية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فكر متطرف معاد للحياة، تم زرعه ورعايته من قبل ثلاثة تيارات سياسية ودينية نجحت في غزو ثقافة الخليج المتسامحة: التيار التكفيري الديني، تيار الإسلام السياسي، التيار القومي (الناصري والبعثي)، وأدى التلاقح والتفاعل بينها إلى إفراز quot;ثقافة الكراهيةquot; ضد الآخر المحلي المخالف وضد الآخر الغربي وضد التيار الليبرالي.
quot;ثقافة الكراهيةquot; هي توليفة من عنصرين متضجرين (التكفير والتخوين)؛ الديني يكفر والقومي يخون، في ادعاء شمولي يحتكر الدين والوطنية. وما كان لهذه التوليفة أن تكون متفجرة إلا بفعل التحريض المستمر من منابر وفضائيات ومواقع إلكترونية، وهؤلاء الشباب هم ضحايا ووقود ثقافة الكراهية! ولا خلاص ولا بديل إلا quot;ثقافة السلام والتسامحquot; كما دعا إليها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر.
محمد أحمد البشير
أحداث 11 أيلول معطيات ونتائج
العرب اليوم الأردنية
جاءت أحداث أيلول /2001 ضمن سياق الصراع التاريخي بين الغرب والشرق , وطبقاً لنظرية المؤامرة ومقولة الأمور تقاس بنتائجها فإن متفحص نتائج هذه الهجمات يستنتج أن ما حققه تجار السلاح والأسهم والسندات والبشر من مكاسب كان هو الأبرز ما بعد هذه الأحداث!?
لقد ازدهرت التجارة بمختلف أشكالها وتراجعت أخلاقيات العمل والتجارة لصالح الغاية تبرر الوسيلة فصعد من صعد الى الطبقة العليا في التصنيف المالي وهبط من هبط الى الطبقة الفقيرة , حيث ازدادت معدلات الفقر والبطالة فبعد أن كانت مخططات ودراسات البنك الدولي مثلاً !? (الذي يدعي انه جاء لمساعدة الدول الفقيرة) هدفه القضاء على حالات الفقر أو تقليصها و (المقدرة بـ (900) مليون فقير في العالم) خلال عقد من الزمن أي بين (2000-2011) نجد أن عدد هؤلاء حسب آخر الإحصاءات بلغ حدود المليار ونصف المليار فقير هكذا نكتشف ان متلازمة الفقر ايضاً , البطالة ارتفعت نسبتها في الدول المتقدمة وزادت أعدادها حسب نشرة وكالات الإغاثة والمساعدة سواء في أمريكا أو اوروبا او غيرها من الدول الكبرى!?
اما ملكية الأموال فحدث ولا حرج فعدد المليارديرية في العالم ارتفع من (946) شخصاً في عام 2007 الى (1125) شخصاً في عام 2008 ويملك هؤلاء (4) تريليونات و (400) مليار دولار بزيادة بلغت (900) مليار دولار عن السنة السابقة. اما سنة 2011 فقد بلغ عدد هؤلاء (1210) اشخاص يملكون (5,5) تريليون دولار أي ما يعادل (3,2%) من ثروات العالم وبزيادة مقدارها (25%) عن العام السابق.
ان سوء هذا الواقع الاقتصادي , تمثل بارتفاع تكلفة السلع والخدمات على حدٍ سواء بعد أن تمكنت قوى منتدى (دافوس) بالتحكم بالمواد الأولية سواء كانت متعلقة بمدخلات الإنتاج الصناعي او المتمثلة في الانتاج الزراعي خاصة الطاقة ومشتقاتها وابرزها النفط الذي ارتفع من (20) دولارا للبرميل الى (150) دولارا للبرميل أي بزيادة تزيد على سبعة أضعاف السعر السائد في سنة 2003!?
هذا الواقع زاد من معدلات الجريمة ومن انتشار المخدرات على نحو مذهل ولافت بالإضافة الى انتشار ثقافة الاستهلاك على حساب ثقافة الادخار والإنتاج بالنسبة لدول العالم الثالث على وجه العموم والبلدان العربية خاصة النفطية منها على وجه الخصوص.
لقد حملت الحقبة الماضية, جملة من الظواهر التي واكبت ردة الفعل الأمريكي على هذه الهجمات سواء كانت ظواهر سياسية او اقتصادية او اجتماعية بالإضافة الى جملة من المتغيرات العميقة في بنيان المجتمع البشري الذي اتجه نحو قانون شريعة الغاب بدلاً من تعزيز سيادة القانون فأمريكا نفسها سنت الكثير من القوانين تحت حجة محاربة الإرهاب التي انقلبت على مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان واحترام خصوصية الأفراد رغم محاولاتها فرض هذه القوانين احياناً خاصة بالمعتقلين خارج الولايات المتحدة , وهكذا فعلت مختلف دول العالم سواء كانت المتقدمة او المتخلفة بعد أن فرضت أمريكا من خلال الترغيب (المساعدات والقروض الميسرة) او الترهيب بالتدخل في شؤون بلدان العالم عسكرياً وامنياً رؤيتها في شكل الصراع ومضمونه مع أعداء أمريكا على حد وصفها (محاربة الإرهاب)!?
اما على الصعيد الاقتصادي فالتشوهات كانت كثيرة, من حيث الميل نحو تعميق سوق رأس المال , الخصخصة, الشراكة بين القطاعين الخاص والعام, ازدياد مديونية دول العالم بشكل عام , ازدياد عجز الموازنة الحكومية بأرقام غير مسبوقة بالإضافة الى الاعتداء على الوظيفة العامة من خلال انتشار ظاهرة العقود او انشاء الوحدات المستقلة, خارج نظام الخدمة المدنية, هذا الواقع الذي صعَب من معيشة الأفراد , واخرج الكثير من الصناعات والمؤسسات الإنتاجية من الخدمة لصالح قطاع الخدمات المالية الذي يسيطر عليه رأس المال او أعضاء منتدى (دافوس).
اما الواقع الاجتماعي فكان لانتشار اندية القمار والمخدرات وسيطرة الثقافة الغربية بعد أن غزت الفضائيات او الفضاء الالكتروني عقول الشباب والشياب على حدٍ سواء, حيث اختلاف لغة التخاطب بين أبناء الجيل الواحد , وانحسار الانتماء الوطني او القومي لصالح البحث عن الثروة بأي ثمن , فانتشرت ظاهرة العنف الاجتماعي في أكثر من موقع وتراجعت مخرجات التعليم مما أفضى الى حالة اجتماعية عمادها العشيرة والبلدة والمدينة والدولة القطرية في الوطن العربي نموذجاً !?
رغم هذا السواد الذي لفت به امريكا العالم ,الا ان حرب حزيران /2006 في لبنان وانتصار المقاومة نسبياً في العراق وصمود اهلنا في غزة بشكل خاص وفلسطين العربية بشكل عام وانتفاضة الجسد العربي في أكثر من موقع , شكل في المحصلة النهائية رداً رائعاً على محاولات الغرب في تغريب امتنا وإخراجها من مسار البشرية الانساني حيث عادت لهذه الأمة روحها الخلاقة من خلال نجاح ثورة مصر وتونس واستمرار تحدي جماهير شعبنا في أكثر من قطر عربي لأنظمة الاستبداد والاستقواء بالغرب, وقوى الفساد المالي والاداري الذي اثر على الأفراد وأملاك الأمة بشكل عام!?0