سيواجه مقاطعة شاملة داخلية وخارجية


بيروت

يتفق المراقبون على مختلف انتماءاتهم السياسية على أن العام 2012 سيكون مصيرياً لmacr;quot;حزب اللهquot; الذي سيواجه استحقاقات مؤجلة من العام الماضي, بسبب فشله في إقفالها لمصلحته.
وأكد مصدر واسع الاطلاع على كواليس وأسرار السياسة اللبنانية أن قيادة الحزب أجرت مراجعة شاملة لمواقفها في العام 2011 وخلصت إلى عدم الرضى عما آلت إليه الأمور, وتوجست من تطورات سلبية للغاية كتتمة للإخفاقات السابقة, ستصيب الحزب في العام الجديد.
بدأ العام 2011 على وقع دعاية صاخبة لmacr;quot;حزب اللهquot; عن المبادرة السعودية السورية لمعالجة الأزمة في لبنان, ومزاعم عن تعطيلها أميركياً على يد فريق quot;14 آذارquot;, وخصوصاً الرئيس سعد الحريري, ولكن أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله كشف قبل أشهر قليلة أنه هو من عطلها, ورفض تعويمها عندما زاره وفد قطري - تركي حاملاً موافقة الحريري عليها, على حد قوله, وهكذا خسر الحزب فرصة تبرئة ساحته في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, وخسر صدقيته العربية والإقليمية, مؤكداً ارتباطه حصراً بالنفوذ الإيراني, وكذلك ضيع على لبنان فرصة تاريخية لإجراء مصارحة ومصالحة وطنية شاملة وجامعة, كما قال ذات مرة الرئيس الحريري, ما يعني أنه سيواجه في العام الجديد مقاطعة شاملة, داخلية وخارجية, في وقت سيكون بحاجة ماسة لأي علاقة ممكنة.
انقلب الحزب على الmacr;quot;س سquot; ومضى مع حليفه النظام السوري في مخطط الانقلاب على الحل العربي, من خلال إسقاط حكومة الحريري, بطريقه اتفاق الدوحة, الذي كان قد كرس إيجابية واحدة على الأقل, وهي عدم استفراد فريق معين بالسلطة, وعدم استخدام العنف وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية, وبالتالي فإنه سيفتقد في المستقبل القريب أي وسيط يمكن أن يتدخل لمعالجة أي أزمة, على غرار ما فعلت دولة قطر في العام 2008.
كما انخرط quot;حزب اللهquot; لاحقاً في التهليل للربيع العربي عندما سقط نظاما تونس ومصر, وبدأت أحداث ليبيا واليمن والبحرين, وبوصول الثورات الشعبية إلى سورية, بدل موقفه إلى النقيض, وأعلن مراراً وتكراراً دعمه لنظام بشار الأسد الذي يقتل شعبه, فخسر ما تبقى له من رصيد في الشارع العربي, وربط مصيره بمصير نظام متهالك متداع, والأخطر لmacr;quot;حزب اللهquot; أنه سيفقد في وقت غير بعيد حليفه وسنده المجاور, وهي خسارة ستراتيجية لن يستطيع تعويضها, ومن النتائج المباشرة أنه إذا خاض حرباً جديدة ضد إسرائيل فإن مخزونه الستراتيجي من الأسلحة سينفد ولن يكون باستطاعته الحصول على مخزون جديد من إيران عبر سورية, عدا عن شبكة الدعم السياسي التي يؤمنها له النظام السوري من خلال شبكة حلفائه وأتباعه في لبنان.
وشن quot;حزب اللهquot; حرباً شعواء على المحكمة الدولية, فلوح بداية بملف quot;الشهود الزورquot;, وعقد المؤتمرات الصحافية المطولة للحديث عن بطلان التحقيق الدولي, وعن تسييس المحكمة, ظناً منه أن باستطاعته تأخير القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري, أو التأثير عليه, بزعزعة الاستقرار الأمني. كل ذلك لم يؤثر ولم يفلح بتغيير حرف واحد في الوقائع فصدر القرار الأول وفيه اتهام واضح لأربعة من قياديي الحزب, ومرت عاصفة القرار الاتهامي بسلام, ثم أتبع بقرارات اتهامية تتعلق بجرائم اغتيال أخرى, صحيح أن الحزب نجح في إخفاء المتهمين حتى الآن, إلا أنه خسر معركة إسقاط المحكمة من خلال حملة تشويهها, وأصبح كحزب, وليس كأفراد, في موضع الاتهام, والطامة الكبرى ستكون مع بدء المحاكمات, ولو غيابياً, للمتهمين, حيث يتوقع المطلعون على ملفات الاغتيال أن تتكشف حقائق ومعلومات جديدة, بقيت حتى الآن سرية, ومن شأنها حشر الحزب أكثر فأكثر.
أمل quot;حزب اللهquot; من إسقاط الحكومة أن يحظى لوحده بالقرار اللبناني من خلال حكومة اللون الواحد, فطمح في البداية إلى ترشيح عمر كرامي لرئاستها, ولما فشل تراجع إلى خيار نجيب ميقاتي, والذي جاءت تشكيلته متعددة الألوان, ليس لناحية الانتماء السياسي فقط, كما في حالة الوسطيين, والنائب وليد جنبلاط, وإنما أيضاً لتعدد الطموحات والأهواء داخلها, وهكذا عجز الحزب عن توجيه الحكومة لتصفية الحساب مع فريق الحريري, وعجز عن تسييرها باتجاه تنفيذ شروط حليفه العماد ميشال عون, وهكذا بدا quot;حزب اللهquot; مرة أخرى هاوياً في إدارة الشؤون السياسية الداخلية, وعاجزاً عن التحكم بمجرياتها, وحتى عن التأثير على مواقف حلفائه داخل الحكومة.
على الصعيد العسكري, لا يستطيع الحزب أن يفاخر بأي إنجاز يذكر, فآلته العسكرية على الجبهة الحدودية معطلة بفعل توازنات إقليمية ودولية, وهو لا يملك بالتالي القدرة على تحريكها إلا بإيعاز خارجي, ولأهداف لا تمت بصلة إلى الواقع اللبناني, ومن ناحية ثانية فإن الجسم العسكري للحزب يعاني من حالة تململ بسبب حالة الاستنفار القصوى, على خلفية الوضع السوري, والبقاء طويلاً من دون قتال, عدا عن ذلك لم تمكن الترسانة الحربية الحزب من تغيير أي وقائع سياسية تذكر في الداخل, وقد تبين أن الانقلاب على الحكومة الحريرية, والإتيان بحكومة أخرى لم يحقق أياً من أهدافه.