أحمد الفراج

تحدثت في المقال السابق عن laquo;الحظraquo; الذي لازم الرئيس أوباما منذ دخوله المعترك السياسي، والذي بالتأكيد لا ينقص من قدراته كسياسي محنك ومتحدث فصيح محملاً بتأهيل علمي رفيع يتفق عليه الجميع.

أوباما لم يتفوق كرئيس حتى الآن، وخيب ظن كثيرين، خصوصاً العرب والمسلمين الذين عوّلوا عليه كثيراً فيما يخص قضاياهم، ولا يُلام في ذلك، فأمريكا وطن تحكمه مؤسسات عريقة لا شخص الرئيس على أي حال. وعلى الرغم من ذلك فإن الحظ ما زال في خدمته مرة أخرى، فخصومه الجمهوريون الذين يحسبون الثواني لإزاحته لم يتمكنوا من إيجاد مرشح مؤهل لمنافسته في ظل قحط جمهوري لم يسبق أن عاناه حزب الزعيم التاريخي ابراهام لينكولن منذ زمن طويل جداً.

دعونا نستعرض منافسي أوباما الجمهوريين لانتخابات 2012 القادمة، وأبرزهم ميت رومني حاكم ولاية ماشيتيوستش السابق ورجل الأعمال الثري، والذي تقف عوائق جمة في طريقه، فهو ينتمي إلى طائفة laquo;المورمنraquo; المنشقة عن المسيحية، والتي يتركز أتباعها في ولاية يوتا، وهي طائفة تبيح تعدد الزوجات بلا حصر، ولها ممارسات يتحفظ عليها معظم الشعب الأمريكي، خصوصاً المحافظين المسيحيين، وقد يتجاوز الأمريكيون عن ذلك كما تجاوزوا عن لون بشرة أوباما، ولكن الأخير يتفوّق بمراحل من حيث التأهيل والمصداقية وعدم التلوث بالثراء الفاحش.

ثاني المرشحين هو نيوت قينقريتش، وهو محافظ متطرف سبق أن عمل عضواً بالكونجرس ورئيساً لمجلس النواب، وإذاكان الناس قد نعتوا بوش الابن بالغباء السياسي فإنه يعتبر laquo;داهيةraquo; مقارنة بقنقريتش، الذي سيكون عاراً على الأمريكيين إن انتخبوه رئيساً تحت أي ظرف. ثم يأتي ريك سانتروم وهو عضو بمجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا، وهو سياسي مؤهل، ولكنه لا يملك الكاريزما اللازمة، ولا المواقف السياسية الملائمة التي تستحسنها laquo;لوبياتraquo; التحكم والإعلام المسيس حتى النخاع!

أما الأبرز فهو السياسي المثقف رون بول، عضو الكونجرس عن ولاية تكساس، وهو طبيب سابق، وأيضاً طبيب سياسي استطاع أن يضع المشاكل الأمريكية تحت المشرحة ويقدّم كثيراً من الحلول بشأنها، وهو من وجهة نظري الأكثر تأهيلياً، ولكنه لن يحظى بترشيح الحزب، وذلك لأن مواقفه فيما يتعلّق بسياسة أمريكا الخارجية تحول دون ذلك، وهو ليس صديقاً مقرباً من laquo; ايباكraquo; على الإطلاق!، وعدم ترشيحه يعتبر خسارة فادحة للأمريكيين لو كانوا يعقلون.

هناك أيضاً ثلاثة مرشحين انسحبوا من السباق خلال الأيام الماضية، وهذا خير لهم ولأمريكا، فأحدهم تلميذ بوش الابن وحاكم ولاية تكساس حالياً ريك بيري، والذي سبق أن قال إنه سيسعى لتعديل أحد القوانين، وعندما سُئل عن ماهية هذا القانون، لم يستطع تذكره! والثاني جون هنسمان، وهو سفير سابق ورجل أعمال، وأخيراً السيدة ميشيل باكمان، وهي عضو كونجرس عن ولاية منيسوتا رفعها laquo;حزب الشايraquo; إلى عليين، ثم رماها الناخبون إلى مزابل التاريخ غير مأسوف عليها، فهي متطرفة تنتمي إلى فئة طيّبة الذكر سارة بالين.

وختاماً، من المؤكّد أن من سينافس أوباما في 2012 سيكون إما رومني أو قينقريتش، وكلاهما لديه هنَّاته كما أسلفنا، ولو كان حظه سيئاً لنافسه جمهوريون عتاة من طراز الرؤساء الجمهوريين السابقين ديوت ايزنهاور وديك نيكسون وبوش الأب، ولكنه laquo; الحظraquo; الذي يغيظ كثيراً من مناوئيه.