وائل الحساوي

استغرب الناس مما طرحه بعض المتحدثين في ندوة النائب السابق سالم النملان وشعروا بالاشمئزاز من ارتفاع سقف النقد والتجريح بجميع قيادات البلد والتي وصلوا بها إلى مقام صاحب السمو أمير البلاد تلميحا وتصريحا ما يعد سابقة خطيرة في مجتمعنا الكويتي الذي لم يعهد مثل تلك اللغة في الخطاب، ومع ان المجتمعين قد علقوا انتقادهم على شماعة الخوف من اقدام السلطة على تشريع قوانين ضرورة تقلص فيها عدد الاصوات التي يحق للناخب ان ينتخبها في دائرته الا ان الهدف الاكبر لبعض المتحدثين كان ضرب السلطة والعمل على اضعاف هيبتها وبالتالي الهيمنة على مقاليد البلد.
ان خطاب الكراهية الذي قد اصبح السمة الواضحة في خطاب المعارضة اليوم قد توسع إلى درجة غير مسبوقة واصبح التفنن في استعراض العضلات الخطابية والمفردات اللغوية لكثير من نواب المعارضة هو السمة البارزة ما ينذر بالشؤم على الكويت التي لا تحتمل تلك الجرعة المضاعفة من الكراهية والتحريض على الشارع.
لقد نقل بعض المحرضين كلاما فحواه بأن الحكومة ستقدم على تغيير نظام التصويت ليصبح صوتا او صوتين من اجل ضرب القبائل الكبيرة وتقليل اعداد من ينجح منها لان تلك القبائل قد اصبحت هي مصدر الازعاج للحكومة واصبحت تفرخ نوابا صداميين يسببون مصدر تأزيم في المجلس، ومع ان تقليص الاصوات لا يعني بالضرورة تقليص اعداد من ينجح من القبائل الا ان اثارة مثل هذا الكلام له تأثير مدمر في تأجيج الشارع وزيادة حدة خطاب الكراهية.
لقد طالبنا مرارا من قيادات المعارضة ان تتجنب تأجيج الشارع وان تدعو إلى التهدئة والا تستغل الاجواء المتوترة في البلد لتزيدها اشتعالا، ولكن تبين لنا بأن بعض تلك القيادات هي التي تتفنن في زيادة هيجان الشارع وعينها على انتخابات المجلس المقبل.
لقد بينا بوضوح رفضنا لتغيير نظام التصويت في الدوائر وانه ليس من مراسيم الضرورة، وحذرنا من العبث بالنظام الانتخابي لان ذلك ليس من حق السلطة وحدها، ولكن مع هذا فنحن لا نؤيد ردة الفعل المبالغ بها وانما يكفي ان تسعى الغالبية إلى رفض مرسوم الضرورة متى ما نجحت وبذلك تلقن السلطة درسا في عدم تخطي حقوقها.
ولئن كنت اعجب من كثير من الامور الا ان بعض الامور هي اشد عجبا عندي ومنها:
أولا: تسلق قيادات يسارية اسقطها الشارع الانتخابي وهيمنتها على قرار الغالبية تحت مسمى جبهات ما انزل الله بها من سلطان، حيث يقول قائلهم: لا اثق بشيء اسمه حكومة، وكأنما يعيدنا إلى شعارات الماركسية القديمة وحكم البروليتاريا.
ثانيا: انجرار بعض الاخوة السلفيين إلى تلك الفتنة، وان كانوا لا يستخدمون خطاب الكراهية كما يفعل الآخرون، ولكنهم من حيث لا يشعرون اصبحوا سندا ومعينا لاصحاب الاهواء والانحرافات يتحصنون بهم ويقولون للناس: نحن لسنا وحدنا في الساحة ولكن حتى السلفيون يساندوننا ويدعمون خطابنا.
ثالثا: تحول القوى اليسارية التقليدية مثل المنبر الديموقراطي من معسكر اليسار إلى معسكر اليمين وانتقاده لغة التهديد والوعيد وكأنما ترك الجموع الاسلامية والقبلية وحدها في الميدان وحاول كسب ثقة الشعب الثائر على المعارضة يمكننا ان نتكلم ونتكلم ونحلل الاوضاع ولكن نتمنى من عقلاء الكويت ان يأخذوا زمام المبادرة وان يقودوا البلد إلى بر الامان ولا نتركه لمن يتجاذبه يمينا ويسارا من ازلام السلطة المأجورين ولا المعارضة المتخبطة.