بسام البدارين

عمان

الاعلان عن استشهاد عسكري اردني فجر الاثنين على الحدود الاردنية السورية ثم اعتقال 13 مسلحا اشتبكوا فعلا مع القوات الاردنية يعني ببساطة وبلغة السياسة انتقال الهواجس الامنية التي طالما اقلقت الرأي العام الاردني الى مستوى الوقائع.
قبل ذلك بدا ان التداعيات في سورية حصريا اصبحت محور اهتمام المؤسسة الاردنية التي تواجه ضغوطات سياسية داخلية وضائقة اقتصادية فقبل الحادث العسكري فجر الاثنين تم الاعلان عمليا عن عملية 'تصدير' للكفاءات الجهادية من سورية الى الاردن فيما وصف بانه احباط عملية ارهابية كبرى وضخمة.
بيان القوات المسلحة الاردنية استخدم لاول مرة صفة 'تكفيريين' وهو يتحدث عن 13 مسلحا حصل اشتباك معهم وكانوا يخططون لعبور الحدود ومسلحين باسلحة رشاشة وهذا الهجوم حصريا لم يكن له علاقة بمحاولات تسلل بقدر ما له علاقة بمحاولة تخطي الحدود بصورة مسلحة ومتزامنة وعلى مجموعتين قبل تصدي الجيش العربي الاردني المرابط منذ اكثر من عام على الحدود.
ومفردة تكفيريين بالعادة تصفها المؤسسة الاردنية لاعضاء في شبكات تنظيم القاعدة او الخلايا الجهادية فيما بدا واضحا ان الرسائل الاعلامية الاردنية للداخل والخارج مكثفة في تسليط الضوء على 'تحديات امنية' حقيقية تواجه الاردن.
بالتزامن وقبل ساعات من سقوط ضحية من العسكريين الاردنيين نعته القوات المسلحة رسميا اعلنت ادارة المخابرات عن احباط عملية ارهابية ضخمة كانت تستهدف ضاحية عبدون الراقية حيث مقر السفارة الامريكية والسفارة البريطانية.
وبسبب جدية التهديدات في اطار هذه العملية تم تعزيز حراسات على عشرات الشخصيات المهمة في ضاحية عبدون قبل الكشف عن تفاصيل اخطر اشتباك مع القوات العسكرية على الحدود مع سورية.
الانطباع الذي تخلقه هذه الحيثيات يشير الى ان اطرافا في معادلة الحرب الداخلية السورية بدات تسعى لتصدير الازمة لدول الجوار ومن بينها لبنان والاردن.
وفي حال قراءة معمقة لحيثيات الافصاحات العسكرية والامنية الاردنية التي برزت بقوة طوال يوم الاثنين يمكن الاستدلال بان السلطات الرسمية بدأت فعلا تستشعر القلق، الامر الذي دفع وزير الاعلام الناطق الرسمي سميح المعايطة للقول علنا بان الحكومة ستخبر الرأي العام بكل المعلومات.
هذه الافصاحات بعد تحليل صياغات البيانات الرسمية تؤشر على ان 'جهة ما' داخل الميدان السوري المشتعل تسعى لتكثيف تواصلها مع الحدود الاردنية التي تم اقفالها منذ ثلاثة اشهر بوجه السلفيين والجهاديين مما يوحي بأن عملية 'اعادة تصدير' للجهاديين بدأت تستهدف الاردن.
حصل ذلك فيما يعلن القيادي الجهادي المعروف محمود الشلبي 'ابو سياف' بان عدد الاردنيين الذين دخلوا سورية للجهاد يصل الى 250 فردا فيما تجري احتفالات جهادية بالشهداء في عمق المدن الاردنية.
بالتوازي قرع زعيم السلفية الجهادية في الاردن الشيخ ابو محمد الطحاوي كل اجراس القلق الامني عندما تحدث عن عودة الى حكم الاسلام لابد من تعميدها بالدم والاشلاء قائلا بان التنظيم سيبدأ لاحقا في تنظيم عمليات جهادية في'فلسطين ملمحا لان ذلك قد يكون انطلاقا من الاردن.
هذا التصريح للطحاوي اعتبر بمثابة 'انقلاب' على قاعدة ضمنية تفاهم السلفيون عليها مع السلطات الامنية طوال سنوات ومضمونها حسب المحامي المقرب من السلفيين موسى العبدللات الاتفاق على عدم تنظيم اي نشاطات جهادية في الاردن وداخل الاردن على ان يسمح لهم بنشاطات لوجستية تخص الجهاد في العراق وافغانستان ولاحقا سورية.
معطيات هذا التفاهم تغيرت عمليا بعدما اوقفت الاجهزة الامنية تدفق السلفيين الجهاديين الى سورية عبر الحدود الاردنية اثر سياسة التغاضي عنهم قليلا بضغط سعودي وخليجي في بدايات الثورة السورية حيث تلقي السلطات القبض على اي شخص يحاول التسلل لسورية من الاردن ويحاكم حاليا 17 من هؤلاء على الاقل حسب رئيس لجنة المعتقلييين محمد حديد.
الواضح اليوم ان موقف الاردن الرسمي الذي اوقف امنيا تسهيلات العبور للسلفيين الجهاديين ترد عليه التنظيمات الجهادية الفاعلة في سورية بالعودة لقاعدة الارض الاردنية وفقا لقواعد تجارية بحتة قوامها التصدير واعادة التصدير او 'تمنعونا.. نعود اليكم'.

لذلك ابلغت السلطات الرسمية الرأي العام عن ما يجري سواء على الحدود مع سورية او على صعيد الحرب الخفية على تنظيم القاعدة التي انتهت على ما يبدو بالكشف عن الخلية الجديدة التي تقول السلطات انها خططت عمليا لتفجير منطقة حيوية هي ضاحية عبدون لا تضم فقط السفارة الامريكية او البريطانية لكن السورية ايضا .
الوضع امنيا الآن حرج جدا في المملكة الاردنية التي تفاعت باقل خسائر مع حريق الربيع العربي لكن الشرر بدأ يتطاير من سورية والسلفيون الذين منحوا تسهيلات في البداية يعودون مسلحين ويحاولون العبور بالاتجاه العكسي.