مشاري الذايدي
شاهدت على قناة laquo;الجزيرةraquo; هذه الأيام حديثا حادا للروائي والناشط السياسي المصري علاء الأسواني، يكيل فيه النقد الشرس لسلطة laquo;الإخوان المسلمينraquo; في مصر، ويهدد بنزع الشرعية الدستورية عن الرئيس محمد مرسي، مرشح laquo;الإخوانraquo; للرئاسة.
وقبل ذلك استمعت إلى كلام للإعلامي المصري المعارض أيضا حمدي قنديل، يقول فيه إن الرئيس مرسي أخل بوعده لهم، أثناء اجتماع الـlaquo;فيرمونتraquo; الشهير، بعدم تعيين رئيس حكومة وطني غير إخواني أو مقرب لهم.
المحلل السياسي والباحث وحيد عبد المجيد كان أيضا ممن ساروا في ركاب laquo;الإخوانraquo; بحجة إتاحة الفرصة لهم ومقاومة الفلول.. والآن يكيل لهم النقد.
كل هذه الأمثلة وغيرها معبرة ودالة، خصوصا نشطاء laquo;تويترraquo; هذه الأيام، ممن انغمسوا حتى الثمالة في العداء المطلق والساطع والقاطع لأي شيء يمسه غبار النظام السابق، بطريقة مكارثية مذهلة، وبسبب ذلك أيد كثير منهم مرسي في جولة الإعادة ضد شفيق، بحجة أن شفيق هو مرشح الفلول، بينما مرسي هو مرشح الثورة، والآن يقولون إن laquo;الإخوانraquo; لا علاقة لهم بالثورة وإنهم ركبوا عليها! وكان يقال حينها، مهما كان من سوء شفيق فإنه يظل مرشح دولة مدنية وليست فاشية دينية، أي يمكن معارضته من دون أن تكفر بالإسلام، وتخرج من الملة، كما هي دعاية التيارات الدينية الآن ضد معارضيها، وعلى العكس سيحاول شفيق قدر المستطاع إثبات أنه لا يجامل في الثورة.. لكن كانت المشاعر العاطفية غالبة، وكان كثير من النشطاء الثوار، ورموزهم مثل علاء الأسواني، في حالة تعبئة وتخويف وحشد هائل، من بعبع الفلول الوهمي، وكان هذا يسر الإخوان وينفخون فيه، ففي النهاية كان لسان حالهم يقول: laquo;أمطري حيث شئت، فإن خراجك لي. فإن كانت اللغة لغة ثورة فنحن ثوار يناير، وإن كانت اللغة لغة دين وشريعة فنحن أهل الدين والشريعةraquo;، وبذلك يداعبون الجميع ويلاعبونهم، من سلفيي إقامة الشريعة، إلى ثوار اليسار والوطنية والليبرالية. وها هم يسمون مظاهرتهم المقبلة: الشرعية والشريعة. أي سند الدين (الشريعة)، وسند الدنيا (الشرعية)، في مناورات يعرفها من يعرف ثقافة laquo;الإخوانraquo;.
حسنا.. لماذا يقال ذلك عن مصر الآن؟
يقال أولا للعبرة، فالسعيد من وعظ بغيره. وثانيا للنظر في من يكرر الخطأ نفسه الذي ارتكبته القوى المدنية في مصر بحجة الإصلاح، والاحتشاد الجبهوي، خصوصا في دول الخليج هذه الأيام.
ها نحن نرى في دول الخليج من يطعن في من ينتقد laquo;الإخوان المسلمينraquo; ويحذر من مشروعهم النهائي المبطن، ويقول هؤلاء المتحمسون، جهلا أو تجاهلا، إن هذه laquo;فوبياraquo; من laquo;الإخوانraquo;، وإن من ينتقد قد انزعج من كثرة الحديث عن laquo;الإخوانraquo;، لكن دائما، أو غالبا، الإنسان لا يحب أن يتعلم من غيره، بل يجب أن تمس النار يده حتى يوقن بألم الحرق، وربما حينها يكون سبق السيف العذل.
السعيد من وعظ بغيره، والشقي من اتعظ به غيره.
وكل الرجاء والأمل لمستقبل مشرق لمصر، ركيزة الأمة كلها.
التعليقات