إعداد: طه حسيب
كيف يمكن استخلاص دروس من حادثة إطلاق النار على تلاميذ مدرسة ساندي هوك الابتدائية؟ وما هي نتائج مقارنة حوادث القتل الجماعي في الولايات المتحدة بنظيراتها في الدول المتقدمة؟ وهل حان وقت الانخراط الأميركي بالساحة السورية؟ وما مدى أهمية الاستقرار السياسي في اليابان بالنسبة لواشنطن؟ تساؤلات نسلط الضوء على إجاباتها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.
كارثة laquo;ساندي هوكraquo;
تحت عنوان laquo;خريطة طريق لما بعد إطلاق النار في ساندي هوكraquo;، نشرت laquo;كريستيان ساينس مونيتورraquo; يوم الإثنين الماضي، افتتاحية رأت خلالها أن الأميركيين كانوا موحدين نهاية الأسبوع الماضي ومتفقين على ضرورة إيجاد حلول لعمليات إطلاق النار كتلك التي حدثت في مدرسة laquo;ساندي هوكraquo; بمنطقة laquo;نيوتاونraquo; في ولاية laquo;كونتيكتraquo;. الآن بات عليهم التوصل لاتفاق يهدئ مخاوفهم عبر حلول متنوعة. وحسب الصحيفة، اتحد الأميركيون عقب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، والآن توحدوا بعد هجوم الجمعة الماضي الذي أودى بحياة 20 طفلاً وستة من البالغين بمدرسة laquo;ساندي هوكraquo; الابتدائية، البلد بات الآن متلهفاً لطرق من شأنها منع وقوع عمليات قتل على نطاق واسع، خاصة تلك التي يكون ضحاياها من الأطفال. لكن يبدو أن الأميركيين منقسمون حول إمكانية منع تكرار حوادث من هذا النوع، وترى الصحيفة أن أوباما كان حريصاً في تعليقاته الخاصة بالحادثة، عندما قال إن المطلوب اتخاذ خطوات مهمة، أوباما مثله مثل كثير من الأميركيين يرى أن ما تم فعله لمنع هذه الحوادث أو بالأحرى المجازر قليل جداً. الحادثة الأخيرة تشترك مع سابقاتها في أمرين، أولهما: وجود شخص يطلق النار، ويعاني من اضطراب عقلي، وحدوث تجاوز للقانون في استخدام السلاح. وترى الصحيفة أنه بالنسبة لمن يعارضون وضع مزيد من الضوابط على بيع الأسلحة خاصة للمختلين عقلياً، ويتذرعون بأن المشكلة ليست في السلاح بقدر ما هي تتعلق بوجود مجرمين. أما الفريق الآخر الذي يطالب بمزيد من القيود التي من خلالها يتم انتهاج طريق أسهل وأسرع للسيطرة الفاعلة على 300 مليون قطعة سلاح، والحد من الحصول عليه من خلال منافذ بيع خاصة لا تتوافر لديها تراخيص قانونية. هذا الانقسام في المجتمع الأميركي تجاه فرض قيود على بيع الأسلحة الصغيرة كشفه استطلاع أجراه مركز laquo;بيوraquo;، حيث 47 في المئة من الأميركيين يدعمون مزيداً من القيود على بيع تلك الأسلحة، و46 في المئة يفضلون حماية حقوق الأميركيين في حيازة السلاح. وترى الصحيفة أن التساؤل الأكثر واقعية قد طرحه النائب laquo;الجمهوريraquo; مايك روجرز من ولاية متشجن، ألا وهو: كيف يمكن استهداف المختلين عقلياً ومنعهم من حيازة الأسلحة؟ واستنتجت الصحيفة أن البلاد لم تستطيع التحرك قدماً، ووضع حد لحوادث إطلاق النار التي تسفر عن عمليات قتل جماعي، ما لم يقر الطرفان (المؤيد لحمل السلاح والمطالب بفرض مزيد من القيود على تداوله) على احترام مخاوف بعضهما البعض، وذلك حتى يتوافر مناخ من الثقة تراه الصحيفة ضرورياً لإيجاد حل لهذه المشكلة. وتحت عنوان laquo;مذبحة مدرسة نيوتاون توفر دافعاً أخلاقيا للتحركraquo;، نشرت laquo;يو. إس. إيه. تودايraquo; افتتاحية، رأت خلالها أن الولايات المتحدة تستطيع اتخاذ خطوات لمواجهة هذه الحوادث، وقد تكون هذه الخطوات غير كافية، لكن يجب أن تجعل من الصعب وقوع مذبحة جديدة.
مطلوب قوانين صارمة
وتحت عنوان laquo;في بلدان أخرى ثمة قوانين صارمة تعملraquo;، رأت laquo;نيويورك تايمزraquo; في افتتاحيتها أن خبراء من كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد، جمعوا بيانات من 26 دولة متقدمة ، مفادها أنه كلما ازداد عدد الأسلحة كلما وقعت الكثير من الحوادث المروعة... وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن معدلات جرائم القتل تزيد عن بقية الدول المتقدمة بمقدار 15 مرة، وهذه الدول تنتهج قوانين صارمة للتحكم في امتلاك الأفراد للأسلحة الصغيرة. وثمة أمر آخر هو أن الدول التي عانت من حوادث مماثلة تحركت بسرعة وأصدرت وفرضت قوانين صارمة. وضمن هذا الإطار سبق لأستراليا أن تعاملت عام 1996 مع حادثة مشابهة راح ضحيتها 35 شخصاً، وآنذاك أصدرت قوانين تحظر امتلاك بنادق هجومية. وتقارن الصحيفة الولايات المتحدة باليابان، فهذه الأخيرة سقط فيها 11 شخصاً فقط في عام 2008 جراء جرائم إطلاق نار، في حين قُتل 12 ألف شخص في الولايات المتحدة خلال العام ذاته!
حان وقت الانخراط
يوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان laquo; نهاية اللعبة في سوريا: حان الوقت كي تصبح الولايات المتحدة أكثر انخراطاًraquo;، نشرت laquo;ميامي هيرالدraquo; افتتاحية، استهلتها بالقول إن نهاية نظام الأسد باتت تلوح في الأفق، لكن سوريا ليست ليبيا، فالأولى أكثر تعقيداً، ومن الصعب أن تتماسك سوريا بعد سقوط النظام، وهذا الأمر يشكل خطراً أكبر على المنطقة التي تقع سوريا في قلبها. وتقول الصحيفة: إلى الآن يلعب البيت الأبيض على عنصر الوقت، لكن في الأيام الأخيرة، كسب الثوار زخماً، وبات مناصرو الأسد في موقف دفاعي، وفقدت الحكومة السورية السيطرة على الحدود، وباتت قواتها تنسحب من مناطق مهمة، وبات الخناق يضيق على دمشق نفسها. السقوط سيكون فوضوياً، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم خيارات للحد من وقوع خسائر ضخمة، وأن تترك للسوريين نافذة من الأمل، أي توفر لهم واقعاً أفضل مقارنة بنظام الأسد. الخطوة الأولى التي يتعين على الولايات المتحدة اتخاذها هي توحيد المعارضة السورية، لتكون قادرة على إدارة مرحلة انتقالية إلى أن يتسنى للسوريين أن يقرروا ما يريدون من خلال انتخابات ديمقراطية. والجانب المضيء في هذه المسألة هو نجاح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تدشين مجلس للمعارضة السورية، حظي إلى الآن باعتراف 100 دولة، وزاد من عزلة نظام الأسد. لقد تأخرت التسوية السياسية كثيراً، ووصل عدد القتلى إلى 40 ألف سوري على الأقل، ومع ذلك لا مناص من وجود هيئة مدنية تتلقى الدعم من الأميركيين والأوروبيين على أمل أن تنال شرعية من قبل السوريين. وثمة خطوة مهمة نوهت إليها الصحيفة، ألا وهي: عزل وإزالة نفوذ الإسلاميين المتطرفين، الذين يلعبون دوراً مهماً، في إسقاط نظام الأسد... وضمن هذا الإطار، اتخذت إدارة أوباما خطوة صحيحة عندما صنّفت laquo;جبهة النصرةraquo; ضمن المنظمات الإرهابية ، فهي تعد فرعاً من تنظيم laquo;القاعدةraquo; في بلاد الرافدين، كما أن تزويد القوى العلمانية بالسلاح يرجح كفتها مقارنة بالمقاتلين laquo;الجهاديينraquo; الذين يتلقون دعماً من جهات أخرى. ويتعين على إدارة أوباما أن تنخرط أكثر وأكثر في الأزمة السورية، كي تتفادى انتصار المتطرفين.
فرصة laquo;آبيraquo; الثانية
يوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان laquo;شينزو آبي يحصل على فرصة ثانية لقيادة اليابانraquo;، نشرت laquo;واشنطن بوستraquo; افتتاحية استهلتها بالقول إن رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته laquo;يوشيهيكو نوداraquo;، ظل في السلطة لمدة 16 شهراً، ويبدو أن هذه فترة جيدة مقارنة بالوتيرة التي يتم بها تغيير رؤساء الوزراء في اليابان، فخلال العقد الماضي كان يتم تغيير من يتولى هذا المنصب كل عام! وترى الصحيفة أن رئيس الوزراء الجديد، وهو laquo;شينزور آبيraquo; كان رئيساً للوزراء خلال الفترة من سبتمبر 2006 إلى سبتمبر 2007، الآن يعود مرة أخرى للمنصب ذاته بعد ثلاث سنوات بقي خلالها الحزب الليبرالي الديمقراطي في صفوف المعارضة كحزب أقلية داخل البرلمان الياباني، بعدما كان حزباً حاكماً في البلاد منذ قرابة نصف قرن، أي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. عدم الاستقرار السياسي يفاقم من التحديات التي يواجهها اليابانيون، فاليابان البالغ عدد سكانها 120 مليون نسمة ويبلغ نصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي 35 ألف دولار سنوياً تظل دولة غنية، لكن سكانها يشيخون ويتناقصون، ما يقلل من إبداعهم. وحسب الصحيفة، فإن عدم الاستقرار السياسي في اليابان يحبط صناع السياسة الأميركيين، فاليابان لا تزال محوراً آسيوياً مهماً بالنسبة لإدارة أوباما، خاصة في ظل استعراض الصين لقوتها في المنطقة وطرح نفسها كنموذج غير ديمقراطي للتنمية لدول جنوب شرق آسيا. فاليابان تعود قوة توازن في المنطقة لاسيما وأنها تتبنى قيماً ديمقراطية.
التعليقات