تركي عبدالله السديري

فئات معينة من الحكام العرب الذين التزموا بمبدأ:

لنا الدنيا ومن أضحى عليها

ونبطش حين نبطش قادرينا

صحيح أنهم كانوا يبطشون في حالة قوة سلطة؛ وفشلت في الحصول على ذلك دول عظمى مثل أمريكا وروسيا، لكن أيضاً بطشهم لم يكن يأتي عبر توازن قوة عداوات، وإنما أتى بين مالك لمختلف أنواع السلاح وملايين ليس بأيديهم إلا سكين المطبخ..

تخيّل لو أن هؤلاء.. لم يولدوا في دولة عربية.. كيف سيكون وضعهم الاجتماعي؟.. هل كان من المعقول أن يمرّ بذهنهم حلم التحول إلى حكام؟..

بل تصوّر الزمالة الاجتماعية المضحكة وكيف ستكون نوعية ممارستهم لحياتهم بصفة عامة لو وُجدوا في شارع مدينة واحدة لتكن أوروبية أو كندية أو حتى آسيوية أو أمريكية جنوبية.. كيف سيكون صدام حسين الذي ارتكب جريمة قتل في شبابه ومارس محاولة اغتيال لعبدالكريم قاسم.. وهذا عبدالكريم قاسم الذي نشر ثقافة السحل في شوارع القتل.. تخيلهما يتنافسان في حيازة مكسب مادي بسيط فمَنْ منهما سيقتل الآخر؟..

تعال إلى المبهر الغريب الذي لن يصل إلى موقع حاكم حتى ولو مثلما في كتابه الأخضر زيّف آية يدّعي بها أنه نبي قادم.. فهو مجنون أكثر مما هو وحش جريمة.. بطل زنقة.. زنقة.. معمر القذافي.. حارساته جميعهن من خارج بلاده.. لماذا؟.. لا أحد يعلم.. يصل به الهوس أن تدخل إلى معرض الكتاب في القاهرة قبل سنوات فتجد أن المعرض الخاص بليبيا مليء فقط بالكتاب الأخضر.. فقط الكتاب الأخضر الذي نادى بلغة مستترة بنبوته غير المعلنة..

خذ أيضاً ياسر عرفات.. الرجل الذي طلب منه الملك فيصل - رحمه الله - في بدايات التكوينات الفلسطينية السياسية ألا يستجيب لأي إغراء من أي طرف نزاع عربي.. أفهمه أن العرب يختلفون، وحتى لو تقاتلوا فهذا يحدث في بلادهم، أما أنت وزملاؤك فأنتم مرتبطون بحقوق شعبكم المُبعد عن أرضه والمحارب في وطنه.. وَعَده بذلك.. لكن ماذا حدث.. أمام زنقة.. زنقة.. فرّغ جيوب بنطلونه بيديه مقسماً أمام أبو زنقة زنقة أنه لم يتلقَ أي ريال من السعودية.. وفي مناسبة أخرى أكثر قسوة وصعوبة حين احتل صدام حسين الكويت فوجئ بياسر عرفات يصله مهنئاً بمنجزه الوطني..

اذهب إلى السودان ستجد في الذاكرة هناك صورة طريفة لرئيس جمهورية يجمع صناديق من الويسكي ويريقها في ماء النيل تأكيداً لتحالفه الديني مع الشيخ الترابي بعد أن اختلف مع جميع القوى السياسية ورفضته..

تخيّل أن هؤلاء الفاقدين لأي تأهيل قيادي ثقافة ومعقولية تواجد كأطفال ثم كشباب في شارع حي شعبي بأي عاصمة عربية أو بأي ريف عربي كيف ستجد جيرانهم يتباعدون عن أي علاقة معهم.. وبما يمارسونه من علاقات عنف مع بعض المارة ستجد أن كثيرين يصفون مرورهم هناك بأنه.. زنقة.. زنقة..