يعقوب أحمد الشراح
في احتفال بعيد laquo; النوروزraquo; القومي لأكراد العراق يوم 21/ 3/ 2012 جاء على لسان رئيس الإقليم مسعود البرزاني بأن المرحلة المقبلة ستكون مفصلية في تاريخ الإقليم لأنها مرحلة تستدعي اتخاذ القرار المناسب من الشعب الكردي تجاه استغلال الإقليم وتأكيد حقه في الحكم الكامل وبلورة هويته بصورة نهائية في ظل تكاثر المشكلات وتدهور الأوضاع في العراق، وتهاون الحكومة المركزية عن أداء مسؤولياتها.
ويبدو أن تصريح رئيس إقليم كردستان العراق جاء في الوقت المناسب حيث التوقيت تزامن مع انعقاد القمة العربية في بغداد، وتصاعد الأزمة السورية، ووجود مؤشرات داعمة لأجواء سياسية مناسبة لتشكيل ضغط كردي على بغداد، وبالذات على حكومة نوري المالكي التي توصف من الأطياف العراقية بأنها متعثرة في أدائها وسياساتها، خصوصا ضعفها في ضبط الأمور الأمنية. ومع أن هنالك معوقات أمام الرغبة في انفصال الإقليم إلا أن التحليلات السياسية تشير إلى وجود بوادر للدعم الأميركي لهذا الاستقلال من اجل قطع الطريق على دعوات أخرى داخل العراق تنادي بانفصال محافظات أخرى، فالمطالبة بالفيديرالية العراقية على ما يبدو لا تستند على أسس سياسية وثقافية بقدر ما هي تتأثر بالطابع المذهبي والعرقي ومحاربة الإرهاب الذي تكافحه أميركا وحلفاؤها في كل مكان.
هناك مشاكل كثيرة منذ أمد بعيد ما زالت عالقة بين إقليم كردستان العراق وبغداد منها ضعف العلاقة السياسية والإدارية بين الإقليم والحكومة، وإهمال تنفيذ اتفاقيات اربيل، والخلافات على كركوك، وخصوصا مشاكل النفط والغاز. ورغم أن تركيا تعارض استغلال الإقليم عن العراق إلا أنها في ظل التغيرات الحاصلة في المنطقة فان إقليم كردستان العراق يرى أن قبول الأتراك للانفصال لن يكون صعباً في ظل اتفاقيات مستقبلية تضمن سلامة الحدود في المنطقة بين تركيا وشمال العراق، وكذلك الاتفاق على مبادئ تدعم الحاجة إلى الأمن والسلام لكلا الطرفين.
كذلك نجد في التحليل السياسي لأوجه العلاقة بين الإقليم وبغداد أن هناك عددا من المؤشرات تؤكد أن استمرار الوضع المتأزم القائم لن يكون في صالح العراق، خصوصا بعد أن تفاقمت المشاكل وأصبح من الصعب معالجتها بسبب انفلات الأوضاع الأمنية وسيطرة المذهبية والطائفية، واستمرار الخلافات السياسية بين هذه الطوائف، فضلاً عن التدخلات الخارجية المستمرة في الشأن العراقي. فالمطالبة الكردية بالاستغلال كنتيجة حتمية للحكم الذاتي الذي استمر لسنوات له مبرراته اليوم في واقع معيشي مزر في الداخل، خصوصا وان الإقليم له خصوصيته في المنظومة العرقية والجغرافية والتاريخية، وكذلك في أوجه خصائصه الأخرى الاجتماعية والتراثية واللغوية. فانفصال الإقليم رغم تباين الآراء فيه قد يسهم في امتصاص الاحتقانات السياسية والمذهبية السائدة في العراق، ويجنب التناحر بين الأطياف المتعددة، فضلاً عن تأمين الحدود التركية - الإيرانية التي يكثر فيها الهاربون من الداخل أو المتسللون من الخارج، وكذلك الحد من تنامي الجماعات الإرهابية التي تجد في الجزء الشمالي من العراق مكاناً مناسباً للتدريب والتصدير إلى دول أخرى تسهم في زعزعة استقرار العالم.
- آخر تحديث :
التعليقات