محمد صالح المسفر


(1) قدر الاردن الشقيق ان يكون الحضن الدافىء لكل مغبون في امتنا العربية في عصرنا الراهن ، كان الاردن في الماضي البعيد ميدانا من ميادين التاريخ مسرح عمليات العزة والكبرياء والكرامة فهذه مؤتة تدحر الروم وتوقع بهم الهزيمة الكبرى، اليرموك الشهيرة في تاريخ امتنا المجيد، وهذه تبوك على تخوم الاردن الحبيب اخر معارك الرسول عليه السلام وتلك حطين.
ما اطهرك يا اردننا الحبيب وما اعظم عطاءك، في الماضي قدمت الارض والرجال والمال من اجل رفع كبرياء امتنا العربية، واليوم يا اردن الهاشميين ونشامى الامة العربية المجيدة تفتح ابوابك دون تكبر او منة لكل مغبون عربي ضاقت ارضه بحملة وانعدم الامن لاهله وذبحت الكرامة وعز الصديق والنصير فكان الاردن العزة والشموخ موئل ذلك الانسان ينشد الامن والكرامة وحماية العرض رغم شح الموارد، ورغم ضيق ذات اليد، لكن النخوة العربية عند اهل الاردن فتحت ابواب المملكة الاردنية الهاشمية لكل مستجير بهم.
(2)
لجأ الى الاردن الشقيق الاف العراقيين عندما حلت بهم كارثة العصر وتم احتلاله، عندما المت بهم المحن وتجبر الطغاة في بغداد ففر الناس ينشدون الامن والامان وحماية الاعراض الى الاردن، صحيح كان منهم الاغنياء ولكن الغالبية العظمى من لاجئي العراق ليسوا من الاغنياء فوجدوا الامن والحياة الكريمة في المدن الاردنية يشاركون اهلها ـــ الذين هم في الاصل في حاجة الى العون من اخوانهم العرب الاغنياء ـــ الماء رغم شحته والمدارس رغم ضيقها والمستشفيات رغم ازدحامها باهل البلاد، واليوم تزدحم المدن الاردنية باللاجئين من اهل الشام هروبا من بطش النظام السياسي في دمشق، اطفال يبحثون لهم عن مدارس بعد ان اصبحت مدارسهم معسكرات لجيش النظام السياسي في المدن، ولم تعد هناك مستشفيات تستقبل المرضى والمصابين فكان الاردن خير معين لم يغلق ابوابه في وجه من اتجه نحوه من اهل الشام ينشد الامن والحياة الكريمة. نعم ازداد الحمل على حكومة الاردن الشقيقة فمطلوب منها تأمين العلاج لكل من طلبه وتؤمن التعليم لكل من رغب في تلقيه وتوفر الامن للكل لكن ظروف الاردن هي ايضا صعبة فلا عون ولا مدد من صديق او شقيق.

(3)
في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الاردن الشقيق، وفي حركة توافد اللاجئين من كل مكان نحو الاردن طلبا للامان والكرامة، هل يمكن ان يلتفت العرب الذين حباهم الله بثروات مالية وموارد طبيعية عالية الثمن واخص بالذكر هنا كل الدول العربية المنتجة للبترول والغاز في تقديم العون والمساعدة لاهلنا في الاردن كي يقوموا بواجبهم تجاه اخوانهم الذين احتموا بهم من بطش الانظمة السياسية الظالمة في اوطانهم.
نريد العون للاردن الشقيق ليس في شكل خيام وبطانيات ومواد غذائية ولو انها مطلوبة في الوقت الراهن ، لكن ما قصدته هو العون في مجال الخدمات الطبية والتعليمية.
قمت بزيارة الى مدينة الحسين الطبية ذات السمعة العالية التي يتوافد الكثير من العرب لتلقي العلاج في تلك المدينة العريقة، رأيت جماهير غفيرة من كل الاقطار العربية على ابواب العيادات وفي ردهات هذا الصرح العظيم وفي الساحات الخارجية الكل ينتظر دوره لمراجعة العيادات المختصة. رأيت ادوات ومعدات طبية موغلة في القدم ، عيادات تحتاج الى صيانة ضرورية.
رأيت اطباء ذوي اختصاصات عالمية ومن جامعات يشار اليها بالبنان في مجال الطب ممرضين مهرة يشكون الندرة المالية لتجديد عياداتهم ومختبراتهم التي تحتاج الى استبدال لانها لم تعد تتماشى مع التطور في هذا المجال.
(4)
خرجت من هذا الصرح الكبير الذي فتح ابوابه على مدار الساعة وموظفيه بكل درجاتهم وتخصصاتهم لا يكلون ولا يملون من خدمة مرضاهم ومراجعيهم.
خرجت من المدينة الطبية حزينا مكسور الخاطر لم استطع اخفاء عبراتي تعبيرا عن عظيم حزني والمي من هول ما رأيت قلت في نفسي لقد حبانا الله نحن اهل الخليج حكومات ومواطنين بالخير الوفير، تبرعاتنا وصلت الى كل بقعة في الارض حتى اغنى دول العالم مثل اليابان وامريكا وحتى حديقة الحيوان في بريطانيا، الا يستطيع هؤلاء الذين حباهم الله بسعة في الرزق ان يتبرع كل ثري منهم بتأثيث عيادة القلب واخر عيادة الكلى وثالث عيادة العيون ورابع عيادة امراض السرطان والعيادات الباطنية والولادة وتجديد المختبرات التي تخدم العيادات الطبية وهكذا تتم اعادة تحديث وتوسيع المدينة الطبية عن طريق اهل الخير ان تجهيز عيادة في مدينة الحسين الطبية اجرها عند الله يفوق اجر بناء مسجد لانها ستنقذ انسانا من الهلاك.
اخر القول: تعالوا يا اثرياء العرب يا من تحبون الخير وتقدمونه للمحتاج ليتبنى كل منكم اعادة تأهيل عيادة في هذه المدينة الطيبة ولا مانع ان يكتب اسمه عليها تخليدا لذكراه نحن امة التكافل والتضامن والله يبارك لكم فيما تنفقون من اجل الخير.