راجح الخوري

لم تكن المنطقة في حاجة الى تصريحات محمد رضا رحيمي الذي تعمد تتويج زيارة نوري المالكي الى طهران بالدعوة الى اقامة اتحاد تام بين العراق وايران، لكي تتقدم خطوة اضافية في طريق المواجهة التي تجعل منها رقعة شطرنج ساخنة بين ايران ودول الخليج العربي، تشهد تصاعداً مطرداً في الحساسية المذهبية بين السنة والشيعة.
قبل زيارة المالكي كانت طهران وفي استعراض للقوة قد رفعت التوتر مع دول الخليج، بالاعلان عن نشر مشاة البحرية في الجزر الاماراتية الثلاث المتنازع عليها، طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى، مؤكدة ان هذه الجزر التي تكتسب اهمية استراتيجية في الدفاع والهجوم عند مضيق هرمز quot;هي ايرانية لن تنفك عن تراب ايران المقدسquot; وان اي حديث خارجي عنها يعتبر انتهاكاً للسيادة وتدخلاً في الشؤون الداخلية الايرانية!
جاء هذا التصعيد الايراني في وقت تجري منذ منتصف نيسان الجاري وحتى نهايته مناورات اماراتية - فرنسية مشتركة بعنوان quot;خليج 2012quot;، في اطار اتفاق للدفاع أبرم بين البلدين عام 1955. لكن ايران تعمدت دفع الامور اكثر الى التصعيد عندما تحدثت الانباء عن مشروع قرار في مجلس الشورى لتشكيل محافظة باسم quot;الخليج الفارسيquot; تضم الجزر الاماراتية الثلاث، اضافة الى ميناء سيريك وجزر كيش وقشم ولاوان وميناء لنكه.
بعد أقل من 24 ساعة ردت دول الخليج بالاعلان عن مناورات مشتركة لقوات quot;درع الجزيرةquot; في الخليج، تحت اسم quot;جزر الوفاءquot;، في اشارة واضحة الى التمسك بحق دولة الامارات في السيادة على جزرها الثلاث، التي ترفض ايران مبدأ اللجوء الى التحكيم الدولي بشأنها!
وفي سياق هذا الشطرنج الملتهب بين ايران ودول الخليج، تحدثت الانباء قبل يومين عن اتجاه للاعلان عن قيام اتحاد بين المملكة العربية السعودية والبحرين يحمل اسم quot;الاتحاد الخليجي العربيquot; وذلك خلال القمة التشاورية التي تستضيفها الرياض الشهر المقبل. ويشكل الاتحاد مدخلاً لانضمام دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المعروف ان العاهل السعودي الملك عبدالله كان قد دعا في القمة الخليجية الاخيرة الى الارتقاء من quot;مرتبة التعاونquot; الى quot;رتبة الاتحادquot; بين الدول الخليجية، لأن مواجهة الاستحقاقات وجبه التحديات الامنية والسياسية التي تمر بها المنطقة باتت تتطلب صيغة موحدة تنعكس قوة ومناعة على دور دول الخليج.
تبقى التصريحات عن اقامة اتحاد بين ايران والعراق مجرد كلام او تمنيات قياساً بالمشاكل والانقسامات المذهبية في العراق، لكنها تأتي كنقلة ولو اعلامية في الشطرنج الشيعي ndash; السني، الذي يزداد سخونة مع الازمة السورية التي تقضّ مضاجع الايرانيين خوفاً على محورهم الممتد الى جنوب لبنان، والذي يتسع استقطاباً مع دخول تركيا السنية على الخط الاقليمي وبروز quot;الاخوان المسلمينquot; وروداً في حقول quot;الربيع العربيquot;!