أحمد الجارالله


المشهد الدموي الذي رسمته أيدي الفوضى في منطقة العباسية القاهرية, يثير المخاوف ازاء ما تحاول بعض الجماعات دفع مصر إليه, وهو طريق فيه من الفوضى والدم ما يجعل المستقبل المصري قاتما, اذا لم يضع من بيدهم الحل والربط حدا له, لأن الدماء التي سالت أمس ليست وليدة رد فعل عفوي, وهي تذكر بما بيت للرئيس السابق حسني مبارك لدفعه الى التخلي عن منصبه تحت ضغط الغوغاء, رغم وجود كل اجهزة الدولة يومذاك غير ما هي الحال عليه اليوم حيث مؤسسات الدولة في ما يشبه الغيبوبة.
لا يمكن للدم أن يجلب رئيس جمهورية من خارج ما رسمه الاعلان الدستوري, بل ان الدم يجر الدم, وهو ما لا قبل لمصر في تحمله ابدا نتيجة ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحساسة, وبخاصة بعد ان عملت القوى المتأسلمة على تقطيع خيوط علاقات الدولة مع غالبية الدول, أو اقله الاضرار بها, وزادت من حالات الخروج الشعبي على النظام والقانون, وهو ما عبر عنه بمرارة كبيرة شباب الثورة الذين اكتشفوا ان الشخصيات والقوى الانتهازية سطت على احلامهم واهدافهم التي سعوا الى تحقيقها.
ما تحتاجه مصر في هذه المرحلة رجال دولة تمرسوا بالعمل العام, واطلعوا على خبايا العلاقات الدولية, ويشعرون بنبض الشارع,مثل عمرو موسى واحمد شفيق, فيما ذلك لا يتوافر بمن يريد جعل نفسه رئيسا بالقوة, كحازم أبواسماعيل الذي جيّش بعض الانصار لافتعال قلاقل امنية ادت في يوم واحد الى وقوع عدد لا يستهان به من القتلى في quot;موقعة العباسيةquot;,وفي المقلب الاخر أعلن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين, وهو أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان, مقاطعة اجتماع المجلس العسكري الطارئ امس دعما لانصار ابواسماعيل, في ما يشبه اكمال سيناريو دك اخر حصون الدولة في مصر.
ان أشد ما يثير رعب المصريين والعرب, تحول الانتخابات الرئاسية بوابة للنار والفوضى في حال تركت تلك الجماعات المخربة تفرض على الدولة الاحتكام الى الغوغاء والغاء العقل والمنطق, وعندها لن تكون مصر كما عهدها العالم, ولا كما عرفها المصريون, وسيتحول لون نيلها الى الاحمر القاني, فيما لن يعود اليها من شرب يوما منه, حين كان صافيا, كما لن تكون يومها أرض الكنانة بلد الأمن والأمان.