عبدالله العوضي
منذ أكثر من عام والأزمة السورية الداخلية تتفاقم والدماء لا تزال تسيل، والحلول العربية والغربية كذلك أصابها التسييل، فالرقيب العربي رجع إلى مقره وهو خالي الوفاض، والرقيب الدولي آن له مباشرة مهامه، وحسب الخطة المرسومة لهذا الحل البديل لكل ما سبق من حلول لن تخرج نتائجه قبل ثلاثة أشهر، هذا إذا لم تفشل المهمة سريعاً وتقع المفاجآت غير المحسوبة سلفاً.
وإلى هذه الساعة فإن سوريا واقعة تحت خط تماس الدواء العربي والغربي، فإذا لم يُجْدِ ذلك نفعاً، فماذا بعد استنفاد مهلة الرقيب الأكبر؟
فالحل العسكري من قبل النظام لن يحسم الأزمة برمتها إلا عبر تضحيات جسام من أرواح الضحايا التي تقع بصورة يومية وفق التقديرات الحاصلة في الواقع الميداني، فإن دواء الرقيب الدولي سوف يأخذ في طريقه عدداً لا يقل عن 20 ألف قتيل، وقد يصل إلى 30 ألفاً، من غير الجرحى والمعتقلين والمفقودين، وهذا يعني إعادة ذكريات أزمة quot;حماةquot; من جديد التي قضت فيها أرواح لا تقل عن هذا العدد المفترض في الأزمة الراهنة، مع الأخذ بعين الاعتبار فارق ذلك الزمن، مقارنة بالوضع الحالي في عالم مفتوح على الكل.
وبعيداً عن أي مقارنة مباشرة بين النظام في سوريا وبقية الأنظمة العربية التي تغيرت في تونس وليبيا ومصر واليمن، فإن الموضوع السوري له امتدادات إقليمية ودولية أكثر من الأنظمة الأخرى التي اتضح الجزء الظاهر من صورتها الجديدة إلى الآن، وإن كانت الأوضاع العامة في تلك الدول لم تستقر وفق ما هو مرسوم.
فالوضع السوري يرابط على أكثر من خطوط التماس السياسي اشتعالاً، فـquot;حزب اللهquot; في لبنان، وتركيا التي تعد السياج الأمني للاجئين السوريين، والعراق الذي لم يحرك ساكناً تجاه الأزمة، وإيران الذراع الطولى التي تقف مع النظام قلباً وقالباً، وهذا النوع من التشبيك يعقد الوصول إلى حل فوري لما يحدث في سوريا.
والشق الآخر الذي يضيف تعقيدات أخرى إلى هذا المشهد، هو الخوف من أن البديل قد يكون إسلاميّاً على المدى المنظور، نظراً لما حدث في الأنظمة الأخرى التي جرى عليها التغيير وحلت التيارات الإسلامية في الواجهة.
وعلى رغم فظاعة ما يدور في الساحة السورية التي قد تنفتح على نبرة ونفس الحرب الأهلية، فإن الخوف الأكبر إذا لم يصل الرقيب الغربي إلى الحل الأسلم وليس الأمثل، فإن التدخل الخارجي المباشر، حتى وفق استراتيجية الضربات المحدودة من أجل حماية المدنيين أو اللاجئين والهاربين إلى حدود الآخرين، هو أحد السيناريوهات المطروحة منذ بدايات الأزمة، ومع ذلك، فإن آثارها السلبية لن تزول في فترة قصيرة ومثال العراق واضح، ومحنة البوسنة والهرسك في الخاصرة الغربية نفسها أوضح، والصومال كذلك، وكلها مضت على هذا المنوال ولم يستقر بها الحال.
وفي هذه اللحظة الحرجة من الأزمة السورية، فإن الفرصة والحل الأفضل والأمثل لايزال بيد النظام ذاته الذي بوسعه الحفاظ على نفسه، وإيقاف الكارثة عليه وعلى غيره.
فإذا كان النظام السوري يستخدم كل ما يملك من قوة للحفاظ على بقائه وإطالة أمده، على رغم أن الأرض من تحته أصبحت رمالاً متحركة، فإن عليه عدم السعي باتجاه الدواء الأسوأ والمستورد من الخارج، لأن العلاج من الداخل وبرضى كل أطراف المعادلة السياسية، أفضل في نتائجه المستقبلية من اضطرار العامل الخارجي للحسم.
التعليقات