سركيس نعوم

على سؤال: ألم يكن من الأفضل تطبيق الفيديرالية في العراق طالما نص عليها الدستور؟ أجاب المسؤول نفسه الذي يتعاطى مع ملف العراق مباشرة في quot;الادارةquot; الاميركية المهمة اياها، قال: quot;سؤالك جيد. الفيديرالية هي الحل الوحيد في العراق. لكن كان هناك تجنُّب للبحث في تطبيقها رغم دستوريتها. وأسباب ذلك كثيرة. منها بلوغ الخلفيات الطائفية والمذهبية والاثنية درجة من الحدة يتعذر معها التوصل الى تفاهم على التطبيق. هذا فضلاً عن الخلافات بين الجماعات العراقية على حدود المناطق. وفضلاً ايضاً عن ان بعض المكوّنات الشعبية في العراق كان ضد الفيديرالية، وقد وضعت في متن الدستور رغم ارادته، وكثيرون اعتقدوا ومنذ البداية انها لن تُطبّق. ومن الأسباب ايضاً ان الفيديرالية كانت تعني في حينه كونفيديرالية اي حكماً ذاتياً مطلقاً اقرب الى الاستقلال أو اشبه به. فضلاً ان الفيديرالية في العالم الثالث هي غيرها في العالم المتحضِّر. إذ سيعتبر كل فريق quot;منطقتهquot; حكراً عليه ممنوع ان تكون فيها مكونات اخرى، او بالاحرى ان تتمتع مكوناتها الاخرى بالحرية على أنواعها. طبعاً تبقى الفيديرالية الحل الوحيد. لكن لا يكفي لتطبيقها وضع جدول زمني لذلك. فهذا التطبيق يحتاج الى سنوات طويلة. أما الدولة المركزية القوية فغير قابلة للحياة بل للقيام. والأمر نفسه بالنسبة الى قيام ثلاث دول مستقلة في العراق. فالمناطق (الدولة) الشيعية ورغم غناها بالنفط ستجد نفسها مضطرة بسبب هذا الغنى، وبسبب رفض جوارها السنّي لها الى اللجوء الى الحماية الايرانية. وشيعة العراق رغم علاقتهم بايران لا يريدون دولة لهم محتاجة دائماً الى حمايتها، كما لا يريدون دولة عراقية واحدة ولكن تحت السيطرة الايرانية. أما الاكراد فان دولتهم ستثير مشكلات وحساسيات دول مجاورة عدة. وهذه الدول لن تدعها ترتاح. وأما الدولة السنّية فستصبح تابعة لجوارها السنّيquot;. علّقتُ: الآن أنتم (اي اميركا) خارج العراق عسكرياً، في رأيي صرتم أقوى بعد الانسحاب منه، ولم يعد في استطاعة ايران ابتزازكم والنيل منكم بعمليات quot;مٌعيَّرةquot; ينفذها شيعة أو سنّة او غيرهم. صرتم قادرين على الرد عليها بقوة. ألا تعتقد ان فرصة ضاعت في اثناء وجودكم العسكري في العراق، وهي فرصة التوصل الى تفاهم او ربما صفقة مع ايران؟ أجاب: quot;ليست القصة فرصة او صفقة. طبعاً نحن الآن أقوى. لكن الموضوع كبير ومتشعّب، وهو لا يشمل العراق وحده. لذلك لم يكن ممكناً التوصل الى شيء في هذا المجالquot;. كركوك، لماذا لا يزال وضعها او موضوعها غير محدد؟ سألتُ. أجاب: quot;هناك أمور كثيرة وردت في الدستور العراقي، ولا تزال من دون تنفيذ، أو حتى من دون بحث فيها. وكركوك هي واحدة منها. طبعاً لا يكفي القول ان العراق انشغل بالانتخابات العامة وقانونها ثم بالحكومة التي انبثقت منها. وهو انشغال حقيقي وأخذ وقتاً، بل يجب القول ايضاً ان حدة الخلافات حول حدود المناطق وحول كركوك تحديداً وحول الفيديرالية، فضلاً عن اللغة المذهبية، جعلت كل شيء مُعطّلاً. في أي حال الوضع الحالي في العراق لا بأس به. لكنه ليس المُرتجى. ولا شيء يمنع عودة المشكلات وما هو اكثر منها في المستقبلquot;.
علّقتُ: العراقيون يتذمرون من اميركا، على ما سمعتُ، لأنها لا تسلّح جيشهم كما يجب. وهم يحتاجون الى طيران حربي ودفاع جوي وطوافات عسكرية. هل هذا صحيح؟ سألتُ. أجاب: quot;لدينا برنامج مساعدة امنية ndash; عسكرية للعراق، ونحن ننفّذه. نعطي العراقيين وسائل اتصال ودبابات ومدرّعات وأموراً كثيرة اخرى. صحيح لا نعطيهم طيراناً عسكرياً. أول سبب لذلك هو انه ليس لديهم طيران حربي عسكري ولا طائرات ولا طيارين. هذه أمور تستوجب إعداداً مسبقاً. بعد ذلك هناك دول مصدّرة للسلاح تبيع كميات كثيرة. تقبض الثمن او تتفق عليه وعلى طريقة تسديده. وبعد ذلك تسلمه فوراً وفي سرعة ولا تعود لها علاقة به. نحنا نختلف عن هذه الدول. نحن نهتم بسلاحنا وبسمعته وسُمعتنا. نحن نحرص على ان تكون الصفقة متلازمة مع برنامج صيانة وتدريب، وذلك كي لا يُستعمل السلاح في طريقة خاطئة ويتلَف، أو كي لا يُستعمل سنوات قليلة على نحو خاطىء ثم يُقال لنا بعدها انه اساساً quot;عاطلquot;، ويُطلب منا بدلاً منه. هذا فضلاً عن ان الطلب على اسلحتنا كبير، وليست لدينا الإمكانات لتلبية الجميع في سرعةquot;. علّقتُ: انسحبتم عسكرياً من العراق. هل لديك شعور بالخسارة؟ هل كان قرار حل الجيش العراقي صائباً؟ هل فعلاً لم يكن عندكم برنامج لما بعد سقوط صدام حسين، أو كان عندكم برنامج ولم يُنفَّذ؟