أمجد عرار

صحيفة ldquo;الغارديانrdquo; البريطانية تستخدم لغة التحليل والتساؤل وما تيسّره دهاليز الصحافة من وسائل لكي تدعو إلى ldquo;ربيع عربيrdquo; في الجزائر . ولأنه لكل مقام مقال وجدت الصحيفة في الانتخابات البرلمانية في الجزائر مناسبة للتعبير عن إعجابها لدرجة التبني بـ ldquo;الربيع العربيrdquo; . أما مدخل الدعوة فهو الفقر والفساد اللذان يبرران الاجتياح الربيعي لبلد المليون شهيد قبل أن تتحوّل ملحمة الاستشهاد التي أسست للحرية والاستقلال، إلى حرب أهلية بكل ما تحتويه من تفجيرات وتقطيع رؤوس، طيلة عقد التسعينات .

لن أدخل مجدداً في جدلية مسمى ldquo;الربيعrdquo; الذي لم نر منه أية زهرة تفتّحت، لكن ما يلفت النظر وصف الربيع ب ldquo;العربيrdquo;، وهو يعني أن شيئاً ما بقدرة قادر أصبحت تظلله الخيمة العربية، فما عدا ما بدا؟ منذ فعلت ldquo;سايكس - بيكوrdquo; فعلها في الجسد العربي، لم يبق شيء إلا وأخذ مساراً قطرياً انقسامياً تقطيعياً وبالسكين، حتى إن السودان، الذي تأخر كثيراً، التحق حديثاً بقطار ldquo;سايكس بيكوrdquo; بالتزامن مع بركات ldquo;الربيع العربيrdquo; الذي يخشى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن يكون نسخة محدّثة من ldquo;سايكس بيكوrdquo;، لكن على أساس طائفي ومذهبي هذه المرة، لكي نكون كعرب حقل تجارب ناجحاً للآخرين وكرة بين أرجل لاعبي المصالح في العالم .

هل الجزائر تحتاج إلى إصلاح؟ مجنون من يجيب بالنفي، لكن الجدل المشروع الذي يتعدى السؤال والإجابة هو حول من يتولى هذه المهمة التاريخية، الشعب أم من يقفون وراء الغارديان . هؤلاء الذين قاوموا هدف استعادة الوحدة العربية، والتفوا عليه بتأسيس جامعة تفرّق ولا تجمع، لم يعترفوا بأي مسمى عربي يحيّد القطرية إلا ldquo;الربيعrdquo; المسروق من براغ، وهؤلاء الذين يصفون كل عمل مقاوم بالإرهاب باتوا يباركون الحروب الأهلية وحمامات الدم الناجمة عن التفجيرات وقصف طائراتهم، وكله في إطار ldquo;الربيعrdquo; .

ما كتبته ldquo;الغارديانrdquo; يدفع للبحث عن نقطة التقاطع مع كلام الصهيوني برنار هليفي الذي قال إنه ldquo;يمكن ويجب أن يصل الربيع العربي إلى الجزائرrdquo; . ولا نعرف إن كان ما نشرته وسائل الإعلام عن تحريك ldquo;إسرائيلrdquo; أحد أقمارها التجسسية فوق الجزائر له علاقة بالربيع الجزائري، خاصة أن الموقع الإلكتروني العسكري الشهير ldquo;ديفونس إيبداتrdquo; الذي نشر الصور، مقرب من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة وبريطانيا .

أدرك أن بعض الأنظمة الديكتاتورية تحارب فكرة ldquo;الربيع العربيrdquo; وتسخر منها لأسبابها الخاصة واعتباراتها الاستبدادية، لكن هذا لا يعني أن نساير بالمقابل الكلام الحق الذي يراد به باطل، ذلك أن بلد المنشأ لوعد بلفور لا يصلح لتعليم الشعوب متى يكون ربيعها، والدول التي أوجدت أشد الكيانات عنصرية فوق أرض فلسطين وصدّرت للشعوب قاعدتها الراسخة ldquo;فرّق تسدrdquo;، لا يمكن لها أن تقنعنا بأنها توحّد العرب تحت ظلال ldquo;الربيعrdquo;، بعد أن مزقت الجسد العربي بالحدود المزروعة بألغام الفتنة الدائمة .

لن يكون ربيعاً إلا ما تزرعه الشعوب التي تستطيع إن اعتمدت الأساليب المتحضّرة وبزخم واسع أن تسقط أعتى الديكتاتوريات وبما هو أشد فاعلية من إسقاط القنابل لقتل من يدّعون الرغبة في حمايتهم . سيحقق ذلك الشعب الجزائري وأي شعب آخر إن هو كسى أرضه بالعشب الثوري النظيف ورواه بنبعه وحتى بدمه، وسنصفّق للشعوب الأمريكية والأوروبية إن هي استيقظت من سبات الانخداع بالديمقراطية الغربية المضلّلة والمخادعة، ديمقراطية الطغم الاحتكارية التي تدفع الملايين للعيش تحت مستوى خط الفقر والنبش في النفايات عن بقايا طعام . وسنصفّق للوحدة العربية وإن كانت ربيعية إن حررت شعوبنا من الديكتاتورية والاستعمار أيضاً .