القاهرة - العزب الطيب الطاهر

أكد د .نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية رفضه استمرار إيران في احتلالها الجزر الإيرانية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، مؤكداً تأييده الطروحات الإماراتية لحل النزاع مع إيران بشأن هذه الجزر، ورأى أنها تتفق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مبدياً أسفه لعدم تجاوب طهران مع هذه الطروحات .

ولفت العربي إلى أن إعلان الاتحاد الخليجي لا يتعارض مع ميثاق الجامعة ولا يؤثر هو أو غيره من تجمعات إقليمية في فعاليتها، بل من شأنه أن يصب باتجاه تقوية دورها، نافياً بشدة ما يراه البعض بأن الجامعة العربية باتت مختطفة من دول الخليج، وبخاصة السعودية وقطر، وقال إن الجامعة لا تواجه أي ضغوط من الدولتين بشأن القرارات التي تصدرها، موضحاً أن هذه القرارات تصدر إما بالإجماع وإما بالأغلبية .

وفي حديث شامل لrdquo;الخليجrdquo; تناول العربي أبعاد الأزمة السورية والمنتطر من اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية اليومالسبتفي ldquo;الدوحةrdquo;، كاشفاً عن تقديم بعض الدول العربية أفكاراً جديدة على صعيد التعامل مع الأزمة السورية في ضوء التدهور الخطر في مسارها خلال الأيام الأخيرة، لكنه لم يكشف طبيعتها، مستبعداً في الوقت نفسه اللجوء إلى الخيار العسكري، وأرجع ذلك إلى غياب الرغبة وعدم الاستعداد لدى الدول الكبرى للقيام بمثل هذه الخطوة على غرار ما حدث في ليبيا، مشيراً إلى إمكان تطبيق النموذج اليمني في سوريا، لكنه نبه إلى أن الولايات المتحدة مازالت متمسكة حتى الآن بخطة المبعوث الدولي العربي كوفي عنان .
وعن القضية الفلسطينية التي ستناقشها اللجنة الوزاريةاليومالمعنية بمتابعة مبادرة السلام العربية، عبّر العربي عن قناعته بأن هذه القضية دخلت منطقة الالتباس والمزيد من التعقيد بسبب الإجراءات التعسفية للحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo;، خاصة بعد أن أصبحت تعتمد على أغلبية برلمانية في الكنيست مكونة من 96 نائباً من إجمالي عدد نوابه الذي يبلغ 120 نائباً معلناً انحيازه إلى فكرة المؤتمر الدولي للسلام للخروج من دائرة إدارة النزاع التي تتحرك ldquo;إسرائيلrdquo; في إطارها منذ اتفاقية أوسلو في 1993 إلى مرحلة إنهائه .
فإلى تفاصيل الحوار:
بداية أسأل: ما موقف الجامعة من أزمة استمرار إيران للجزر الإماراتية الثلاث؟ وألا ترى أن الطروحات المقترحة لحل الأزمة مضى عليها سنوات طويلة وهو ما يستوجب البحث في بدائل وسياقات أخرى؟
ليس ثمة معضلة فيما يتعلق بالفترة الزمنية، فقد مضى على مشكلة جزر الفوكلاند بين بريطانيا والأرجنتين أكثر من ثلاثة عقود من دون أن يتم حلها، بل دخلت الدولتان حرباً قبل سنوات، ولاشك أن هذه النوعية من النزاعات تتطلب متسعاً من الوقت قد يستغرق سنوات طويلة لإنهائها، غير أنه فيما يتعلق بطرح دولة الإمارات العربية المتحدة لحل النزاع، فإنه صحيح تماماً ويتفق مع القانون الدولي ومع ميثاق الأمم المتحدة، فهو يقوم إما على الدخول في حوار ثنائي بين أبوظبي وطهران، وإما اللجوء إلى التحكيم الدولي، وإما اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، والجامعة تؤيد هذه الطروحات بقوة .
هل من حق إيران أن تستمر في احتلال الجزر الثلاث كل هذا الوقت؟
المسألة لا تتعلق بالحقوق وإنما يسعى كل طرف إلى فرض إرادته وفعل ما يرغب فيه، مستنداً في ذلك إلى تطبيق سياسة الأمر الواقع، بيد أنه في المقابل ثمة التزام على إيران وغيرها من دول العالم بالسعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية .
هل تدعو إيران إلى هذا المنحى؟
بالتأكيد وقد طالبناها مراراً وتكراراً في الجامعة العربية، وكان ذلك في آخر اجتماع لمجلسها على مستوى وزراء الخارجية في إبريل/ نيسان الماضي لدى مناقشة زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى، والتي أدانها بقوة وزراء الخارجية العرب . مرة أخرى أؤكد أن الجامعة العربية تؤيد موقف الإمارات في هذا النزاع وفق الخيارات الثلاثة التي تطرحها في هذا الشأن، والتي أشرت إليها سابقاً وسيادتها على جزرها الثلاث .
هناك اتهامات موجهة لإيران من دول خليجية بالتدخل في شؤونها، ما موقف الجامعة العربية حيال ذلك؟
لن أتحدث الآن عن الموضوع الإيراني ولكن بوجه عام هي تقوم بتدخلات في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، فهناك شكوى من البحرين واضحة ومحددة في هذا السياق .
الاتحاد الخليجي
كيف ترى الجامعة العربية فكرة قيام اتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي التي أعلن عن البدء في دراستها خلال الفترة المقبلة؟
ميثاق الجامعة العربية يسمح بقيام مثل هذا الاتحاد، أما فيما يتعلق بالموقف من الاتحاد تأييداً أو عدم تأييد، فذلك يخضع للقرارات السيادية لكل دولة عربية .
هل يمكن أن يؤثر قيام الاتحاد الخليجي وغيره من التجمعات العربية سلباً في فعالية الجامعة العربية؟
عندما تنظر إلى التنظيم الدولي تجد على رأسه الأمم المتحدة ثم المنظمات الإقليمية، والتي من بينها الجامعة العربية التي يتيح ميثاقها قيام تجمعات إقليمية أصغر ومن بينها مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي، وإن كان الأخير غير مفعل على النحو المطلوب . وفي الحصيلة فإن قيام الاتحاد الخليجي وغيره من تجمعات إقليمية في المنطقة لا ينطوي على تأثيرات سلبية في أداء الجامعة، بل من شأنه أن يقويه ويدفعه نحو المزيد من الفعالية .
لدي سؤال أرجو أن يسمح صدرك بتقبله ومؤداه أن ثمة دوائر وبعض النخب الثقافية والفكرية والسياسية العربية ترى أن الجامعة العربية في زمن الدكتور نبيل العربي باتت مختطفة من دول الخليج، وبخاصة من المملكة العربية السعودية وقطر، فما ردك على ذلك؟
لقد قمت بالرد على ذلك عشرات المرات من قبل، ومع ذلك أقول إن المملكة العربية السعودية لم تقدم أية مبادرات خاصة، بينما قطر تتقدم في بعض الأحيان بمبادرات غير أنه لا يصدر أي قرار من مجلس الجامعة العربية من دون دراسة متأنية من الجميع ومن موافقتهم، وأتساءل بالنسبة إلى قطر تحديداً التي يتزايد اللغط بشأن دورها في تحريك الجامعة العربية، هل قدمت أية مبادرة خاصة وقامت بتطبيقها بعيداً عن الإطار العربي الجماعي؟ بالتأكيد لم يحدث ذلك وكل شيء يعرض على مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، ومن ثم تتم الموافقة عليه أو لا تتم، وكل قرار يصدر بموافقة جميع الدول العربية أو على الأقل بأغلبيتها وفقاً لما يتم في كل المنظمات الدولية والإقليمية ما عدا مجلس الأمن الذي يتم فيه اللجوء إلى الفيتو من الدول الخمس الكبرى الأعضاء فيها . وشخصياً لا أرى اختطافاً للجامعة من هذا الطرف أو ذاك، فوزراء الخارجية الذين يشاركون في اجتماعات مجلسها يتلقون تعليمات من حكوماتهم ولا يمكن أن يخالفوها .
ألا تمارس دول مجلس التعاون أي نوع من الضغوط لتمرير قرارات بعينها خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية؟
لا توجد مثل هذه الضغوط على وجه الإطلاق، فهناك آليات عمل محددة يتم بمقتضاها إصدار القرارات .
الأزمة السورية
ثمة من يتحدث عن ضرورة اللجوء إلى خيار التدخل العسكري الدولي في سوريا، وبخاصة في ضوء التصعيد الخطر من النظام الحاكم ضد المدنيين، متمثلا في مذبحة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من مئة شخص من بينهم 55 طفلاً ونساء كثيرات، وهو ما ينبئ أن النظام لم يعد يتجاوب مع المبادرات السياسية المطروحة . . إلى أي مدى تتفق مع هذه الرؤية التي عبر عنها مؤخراً الرئيس الفرنسي الجديد ldquo;فرانسوا هولاندrdquo;؟
بالطبع لا أتفق مع هذه الرؤية لسبب بديهي للغاية يتمثل في أنه لا يوجد طرف في العالموبخاصة الدول الكبرىيرغب في الخيار العسكري، ومن ثم فإن المسألة ليست مرتبطة بموقف الجامعة العربية وإنما بموقف الدول الغربية القادرة على مباشرة هذه المهمة، والتي لم تبد أي استعداد للقيام بها، وقد أبلغت بهذا الموقف بوضوح وصراحة . صحيح أن الوضع قد يشهد تغييراً بعد فترة أو أِشهر، غير أن ما أتحدث عنه هو الموقف الراهن ومن ثم فإنه في ضوء لقائي قبل أيام بمكتبي بالسفيرة الأمريكية بالقاهرة ldquo;آن باترسونrdquo;، فضلاً عن اتصالات عديدة أجريتها مع دول غربية أخرى، يمكنني القول إن الخيار العسكري ليس شبه مستبعد وإنما هو مستبعد بالكامل لسببين، أولهما أن الدول التي بمقدورها القيام بأعباء التدخل العسكري ليس لديها الرغبة أو الاستعداد لإنجازه، وقد تجلى ذلك بشكل واضح في التصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي قبل أيام، وأكد فيها صراحة أن الحلف لن يتدخل عسكريا في سوريا، وثانيهما يتمثل في معارضة روسيا الشديدة لأي تحرك خارجي باتجاه استخدام القوة العسكرية وقد تنضم إليها الصين، وهو ما يعني أنه لا تتوافر أي مؤشرات حقيقية بهذا الاتجاه في ضوء ما تؤكده الحقائق القائمة على الأرض، والتي لا تقود إلى النتيجة التي تؤدي إلى تبني الخيار العسكري .
المحصلة النهائية
كيف تفسر هذا الموقف الغربي هل لأنه لا يوجد في سوريا نفط ومصالح اقتصادية، وهذا ما يجعلها غير قادرة على دفع فاتورة التدخل العسكري فيما بعد مثلما حدث في ليبيا، والتي أبدت الدول الغربية حماسة شديدة للتدخل فيها وإسقاط نظام معمر القذافي؟
أياً كانت الأسباب فإنني أتحدث عن المحصلة النهائية في ضوء قراءتي لوقائع اللحظة الراهنة، والتي تفيد بغياب أي توجه للتدخل العسكري في سوريا بصرف النظر عما يمكن أن يقع بعد شهر أو اثنين أو حتى ثلاثة .
ألا ترى أنه بات من الضروري البحث في بدائل لتطوير خطة كوفي عنان؟
أظن أن ثمة تفكيراً في ذلك .
بأي اتجاه؟
لقد توصل السكرتير العام للأمم المتحدة ldquo;بان كي مونrdquo; إلى قناعة مؤداها أن التطورات في سوريا باتت تحتم ضرورة البحث بعمق في طبيعة وجود الأمم المتحدة في سوريا والخطوات اللاحقة التي من شأنها تفعيل هذا الوجود على نحو يفضي إلى التطبيق الكامل لخطة عنان بما يقود في نهاية المطاف إلى وقف أعمال العنف والقتل .
هل يتصل ذلك تحديداً بمهمة المراقبين الدوليين؟
كل الأمور خاضعة للدراسة بيد أنه ليس لدى التفاصيل .
أفكار جديدة
ما المتوقع من الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي سيعقد اليوم بالعاصمة القطرية، الدوحة، خاصة في ما يتعلق بالأزمة السورية بعد أن تقرر إدراجها بشكل عاجل على جدول أعماله؟
لقد كان مقرراً عقد هذا الاجتماع بالقاهرة إلا أنه رؤي في آخر لحظة أن تستضيفه قطر، وأحسب أنه ستكون هناك أفكار جديدة ستتقدم بها بعض الدول العربية بشأن الوضع في سوريا، ولكن ليس بوسعي الكشف عن محتوى هذه الأفكار .
هل من المنتظر أن يتم طرح خطة مشتركة جديدة للجامعة العربية والأمم المتحدة للتعامل بفعالية أكبر مع تداعيات الأزمة السورية؟
سيقدم كوفي عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية خلاصة لقاءاته في دمشق يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين خلال مشاركته في الاجتماع اليوم، في ضوء مدى احترام الحكومة السورية للنقاط الست التي تتضمنها خطته التي بدأ تطبيقها قبل أكثر من شهرين .
ما المطلوب من الحكومة السورية بالضبط؟
المطلوب هو أن تكون على يقين بضرورة تغيير سياستها، وللأسف فإنها حتى هذه اللحظة لم تقم بأي تعديل في هذه السياسة، ونحن نتحدث معها منذ الثالث عشر من يوليو المنصرم لحثها على إجراء هذا التغيير المطلوب بإلحاح وحتى الآن لم نتلق أي تجاوب من قبلها .
إلى أي مدى ترى أن النظام مستعد للقبول بفكرة تغييره والدخول في مرحلة جديدة تقوم على التعددية الحقيقية وتداول السلطة سلمياً؟
لو وضعت نفسي موضع أي مسؤول سوري رفيع المستوى وطرح عليّ سؤال التغيير، فإنني سأبادر على الفور متسائلاً: لماذا التغيير وما هي مبرراته، خاصة أن روسيا توفر الحماية السياسية على المستوى الدولي من خلال استخدام الفيتو ضد أي قرار يمكن أن يتبناه مجلس الأمن، وقد تقف الصين إلى جانب روسيا، فضلاً عن ذلك فثمة قرار واضح من حلف شمال الأطلسي بعدم اللجوء إلى خيار التدخل العسكري، والأهم من ذلك أن ميزان القوى الداخلي يميل لمصلحة الجيش النظامي وليس إلى المعارضة المسلحة التي لن يكون بمقدورها التفوق عليه بأي حال من الأحوال، فالجيش محترف ومسلح بصورة جيدة ولديه الأسلحة الثقيلة والخبرات القتالية السابقة من جراء مشاركته في حروب سابقة مع ldquo;إسرائيلrdquo; في لبنان .
ما الذي أدى إلى تأجيل ملتقى المعارضة السورية الذي كان مقرراً عقده بالقاهرة تحت رعاية الجامعة العربية يومي 16 و17 مايو/أيار الماضي؟
المعارضة السورية هي التي طلبت تأجيل هذا المؤتمر لأسباب تتعلق بها .
المعارضة تقول إنه لم يتم التشاور معها بشأن ملفات المؤتمر؟
لقد تشاورت الجامعة العربية مع قوى وفصائل المعارضة طويلاً تحديداً منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وكان من المقرر أن ينظم هذا المؤتمر في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وشخصياً تحدثت إلى الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني عن المؤتمر بتونس في نهاية فبراير/ شباط المنصرم، واتفقنا على عقده في فبراير الماضي، على أية حال يبدو لي أن المعارضة السورية تواجه عدداً من المعضلات الداخلية، وقد طالبت قياداتها، وهذا ما قلته لوفد هيئة التنسيق السورية خلال لقائي معه الاثنين الماضي برئاسة هيثم مناع، بضرورة التوافق على الحد الأدنى من القواسم المشتركة بما يقود إلى بلورة واجهة للمعارضة يكون بمقدورها تبني مطالبها وبما يهيئها لتقديم التطمينات المطلوبة للشعب السوري بجميع فئاته وشرائحه، وبخاصة الأقليات بأنه سيتم بناء دولة عصرية لن تستثني أحداً، وستقوم على مبدأ المواطنة في سياق من الديمقراطية والتعددية السياسية الحقيقية . على أي حال نحن ننتظر نتائج اللقاء الذي سيعقده المجلس الوطني في التاسع من يونيو الجاري لاختيار وبلورة هيكليته وقيادته الجديدة، وثمة اتجاه إلى تشكيل لجنة تحضيرية من الجامعة العربية وممثلي المعارضة ستجتمع خلال الشهر الحالي للإعداد للمؤتمر في موعده الجديد .
الحوار الوطني
هل المساعي لتوحيد رؤى المعارضة يهدف إلى تهيئتها لإجراء حوار وطني مع النظام في دمشق؟
المعارضة السورية في مجملها ترفض الدخول في حوار مع النظام بيد أنها لا تمانع في إجراء مفاوضات معه لبحث آليات انتقال السلطة .
هل أفهم من ذلك أن الحل السياسي بات مستعصياً؟
في تقديري لا يوجد حل لأي معضلة أو نزاع إلا عبر التسوية السياسية، بل إن الحروب في حد ذاتها تنتهي بالجلوس على مائدة المفاوضات للوصول إلى حل سياسي .
لكن ما تصوراتك الشخصية لإنهاء الأزمة السورية التي طالت أكثر مما يجب؟
لا أود أن أستبق الأحداث والتطورات، فلننتظر نتائج مهمة كوفي عنان في ضوء الفترة الزمنية المحددة لها، فقد يحدث تغيير في ملامح المشهد أو لا يحدث .
مجلس الجامعة العربية سيناقش الأزمة الراهنة بين دولة السودان ودولة جنوب السودان، وكانت لكم قبل فترة زيارة مهمة إلى الخرطوم فما المنتظر من هذا الاجتماع بشأن هذه الأزمة؟
أظن أن الأمور باتت تمضي في الاتجاه الصحيح على صعيد الأزمة السودانية، وقد حققت زيارتي إلى الخرطوم نتائج طيبة، ومؤخراً زار الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر السودان، وأعلن أن حكومته بصدد سحب قواتها من منطقة ldquo;أبيي ldquo;المتنازع عليها مع دولة جنوب السودان، وهو ما تم بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية، والمطلوب هو أن تتم تسوية النزاع بين الطرفين بالوسائل السلمية، وهذا ما سيؤكده وزراء الخارجية العرب مجدداً في اجتماعهم اليوم، خاصة أن السودان تعرض لهجوم واختراق لحدوده من قبل قوات دولة جنوب السودان، وقد أصدرت الجامعة العربية بياناً قوياً في هذا الشأن، رغم أنه لم يحظ بترحيب المسؤولين في حكومة جوبا .
خلال انتظار اللقاء معك علمت أنك التقيت الأخضر الإبراهيمي، رئيس اللجنة المستقلة لتطوير الجامعة العربية، فهل نتوقع أنباء سارة قريباً على هذا الصعيد؟
بالفعل تحدثت مع الأخضر الإبراهيمي طويلاً عن هذا الملف، ووعدني بأن أتلقى تقريراً اللجنة قبل نهاية يوليو المقبل، وخلال أغسطس/آب التالي سوف نبدأ في دراسة التقرير بحيث نقرر ما الذي يمكن تطبيقه من توصياته وما الذي يستبعد .
ألا يمكن أن نتعرف إلى بعض الخطوط العريضة لخطة التطوير؟
لم أتسلم التقرير بعد .
تحدثت قبل فترة عن إشكالية إلزامية قرارات الجامعة العربية، فهل يؤشر ذلك إلى مقاربة جديدة تدفع بأن تكون هذه القرارات ملزمة للدول العربية بدلاً من أن يتم إغلاق الملفات عليها ولا تخرج إلى النور إلا قليلاً؟
هذه المسألة مرهونة بتعديل ميثاق الجامعة العربية وستتم مناقشتها في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، بيد أنها ليست ملحة في الوقت الحالي، وإنما الملح هو إجراء هيكلة كاملة للجامعة العربية قبل سبتمبر باتجاه تحسين وتطوير أدائها، بحيث يكون العمل فيها على نحو أكثر عصرية مما كان يحدث من قبل .
القضية الفلسطينية تدور في حلقة مفرغة
رداً على سؤال حول أعمال لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، قال العربي أن القضية الفلسطينيةدخلت مسألة الالتباس، وما يحدث على صعيدها لم يعد مقبولاً بأي صورة من الصور، فالحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; باتت تشعر بالقوة بعد أن أصبحت تعتمد على 96 نائباً من إجمالي 120 نائبا ب ldquo;الكنيستrdquo;، رغم أن هذه الأغلبية البرلمانية التي تمتلكها تهيئ لها إمكانية تبنى أي سياسة والقيام بأي خطوات، لكنها للأسف لا تمتلك الرغبة أو الإرادة للتقدم نحو تحقيق السلام مع الفلسطينيين، بل إن ممارساتها تدفع الأمور نحو المزيد من التعقيد، خاصة على صعيد استمرار مشروعها الاستيطاني والاستعماري التوسعي في القدس والضفة الغربية، فضلاً عن عمليات التهويد التي لا تتوقف والإصرار على فرض القيود على الأسرى الذين مضى على أعداد كبيرة منهم أكثر من 32 عاماً في غياهب السجون ldquo;الإسرائيليةrdquo;، وتلك مسألة غير إنسانية وغير أخلاقية بالمرة .
وحول فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام لتجاوز معطيات سلبية على صعيد المفاوضات المباشرة، قال أن المعضلة تكمن في أن المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن استمر منذ تفجر المسألة الفلسطينية في 1947 وحتى اتفاقية أوسلو في عام 1993 في محاولة علاجها عن طريق إنهائها، وهو ما تجلى في القرار 242 الذي أصدره المجلس في أعقاب حرب يونيو/ حزيران 1967 والذي بني على مبدأ أساسي يتمثل في أن هناك أرضاً احتلت، فإذا ما تم الجلاء عنها ينتهي الاحتلال، بيد أن ما حصل بعد أوسلو هو أن ldquo;إسرائيلrdquo; نجحت وبدهاء بالغ وبتفهم الدول الكبرى، في التحول من حالة إنهاء النزاع إلى حالة إدارة النزاع، لذلك فإن ما جرى خلال أكثر من عقدين كان يتم ضمن هذا التصور ldquo;الإسرائيليrdquo;، لذلك سعيت وناديت غير مرة إلى كسر هذه الحلقة المفرغة على نحو يعيد الاعتبار للمجتمع الدولي، وأذكر في هذا الصدد أن دولة الانتداب على فلسطين وهي المملكة المتحدة توجهت إلى الأمم المتحدة في الأول من إبريل/ نيسان من العام 1967 وسجلت بنداً عنوانه: ما هو مستقبل فلسطين؟ والآن مضى على القضية أكثر من 65 عاماً لا أحد يدري ما هو مستقبلها وهو ما يستوجب الخروج من مرحلة إدارة النزاع إلى مستوى إنهائه .
مشيراً إلى أن الغرف المغلقة التي تحتضن اجتماعات اللجنة الرباعية الدولية أثبتت عجزها .
وللأسف فالدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة أبلغتنا أنه لا يتعين ألا ننتظر شيئاً، فلديها انتخابات رئاسية هذا العام، وطلبت أن نتحدث معها في هذا الشأن العام المقبل .