أحمد الدواس


نحتاج فرصة لتهدئة النفوس بدلاً من المهاترات النيابية وشحن البغضاء بين أفراد المجتمع

لن نعرف مكانة الكويت ابداً في نفوسنا الا بمقارنة الوضع لدينا بالوضع في دول العالم الاخرى، وسوف يتضح لنا مانحن به من خير وأمان يخفى على كثير من شبابنا الذي ينساق وراء مهاترات نيابية عقيمة أدت أخيرا الى أسوأ أزمة سياسية تمر بها الكويت، فلنضرب أمثلةً على ظلم وطغيان بعض الحكومات الأجنبية بقصد المقارنة ففي ديسمبر الماضي توفي الرئيسان التشيكي والكوري الشمالي في نفس الشهر ولكن شتان مابينهما من أخلاق متناقضة، فالرئيس التشيكي فاكلاف هافل رئيس مثقف عاش حياته بصدق وقد عانى من الاعتقال داخل السجن لسنوات طويلة بسبب نضاله من أجل حرية وطنه من الاستبداد والتعسف تحت ظل الاتحاد السوفييتي وعند خروجه من السجن استجاب لرغبات شعبه التشيكي ووافق على تولي رئاسة جمهورية التشيك، أما الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ الثاني فقاد الشعب نحو التهلكة بشن حرب ضد كوريا الجنوبية من أجل توحيد البلدين تحت حكم شيوعي فلم يفلح وتخلفت كوريا الشمالية بينما تقدمت كوريا الجنوبية في مجالات كثيرة.
كذلك فان لغة الكراهية في المجتمع يمكن ان تحطم البلد ففي روسيا هناك قدر كبير من الكراهية ضد الأقليات لاسيما المنتمين الى القوقاز ووسط آسيا، وفي جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق مثل جمهورية كازاخستان تدهور الوضع فيها الآن بسبب الحكم الاستبدادي بقيادة رئيسها نور سلطان نازارباييف فاستغلت الوضع جماعة تُسمي نفسها بـlaquo;جند الخليفةraquo; قامت بأعمال متطرفة ضد نظام الحكم بغية اقامة خلافة اسلامية في الدولة، وعموماً تضعف الدولة عندما يتم خرق القانون مثل الوضع في افغانستان وباكستان وفي افريقيا كحال الصومال وكثير من دول افريقيا، وأخيرا ضعف السودان بعد انفصال قسميه الشمالي والجنوبي، فبعد ان كان الشمال غنياً يقتسم النفط مع جنوبه أصبح الوضع الآن خطيراً للغاية بعد استقلال الجنوب وامتلاكه لمعظم آبار النفط وبالتالي لم يعد الشمال يصدر النفط بل أخذ يستورده ووضعت الحكومة المركزية سياسة تقشفية أثارت المواجهات العنيفة بالشوارع، كل ذلك بسبب سوء الادارة السياسية للحكومة في الخرطوم.
واذا عدنا نتحدث عن بلدنا نجد ان عدداً من شباب الكويت منقادون ومنساقون لدعوات بعض النواب من ذوي المهاترات السياسية التي تهدد الكويت ولايشعرون بروح وطنية لبلدهم، والدليل على ذلك ان هؤلاء الشباب لم يشعروا بوطأة الاحتلال العراقي يوم كنا شعباً مشرداً يلجأ افراده لهذه الدولة أو تلك، وأصبح الشعب اللاجئ الثاني على مستوى الوطن العربي والعالم لأن معظم هؤلاء الشباب كان صغيراً ربما لم يبلغ العاشرة من العمر لذلك لم تترسخ لديه فكرة عن حب الوطن والولاء له وخرج منساقاً لنداءات النواب الى ساحة مايُسمى بساحة الارادة بل ساحة الحماقة، والدليل الثاني ان كثيراً منهم أيضاً عندما يقرأ لايعلق على الأخبار السياسية والاقتصادية المنشورة في الصحف على صفحة الانترنت بل نجد ان تعليقاتهم تمس الحياة الشخصية للناس، وياليتنا نرى منهم لغة عربية سليمة بل ان معظمهم ان لم يكن كلهم لايحسنون الكتابة باللغة الفصحى رداً على مقال أو نبأ، فكأن الشباب لم يُطعم معاني أخرى مثل الوفاء أو الشعور الوطني بل تم تغذيته بمعانٍ حسية، لهذا يتبين لنا هنا أهمية الدور الذي تقوم به المدرسة في تربية النشء، ان كاتب هذه السطور غير مصلح اجتماعي ولكن نقول هذا لأن الصحافة هي رسالة من شأنها ان تؤثر على صاحب القرار السياسي وتفيد التنمية البشرية وتكشف بؤر الخلل والفساد في المجتمع وتشجع على التطور الاقتصادي.
ان هناك سياجاً من الاضطراب السياسي يحيط بالكويت، وبدولنا في الخليج، فاذا بدأنا من الجنوب سنجد وضعاً سياسياً متوتراً في الصومال واثيوبيا ثم اليمن، واذا ما اتجهنا شرقاً نجد وضعاً مشابها في كل من باكستان ثم افغانستان فايران والعراق حتى نصل الى الوضع الراهن في سورية، ولايخفى علينا ان تنظيم القاعدة موجود في هذه المناطق ينتظر الفرص لكي يقتنصها لتخريب الممتلكات واغتيال الأفراد، وهذا التنظيم الارهابي قريب جداً منا على الحدود الشمالية، ويبدو أننا لن نعي ما نحن به من خير ونعمة وأمان الا عندما يصيبنا ما أصاب غيرنا، عندئذٍ سوف نتحسر كثيراً ونقول ياليتنا أطعنا ولي الأمر، وهو مايأمرنا به ديننا الحنيف على كل حال.
ان في تعطيل مجلس الأمة بعضاً من الوقت فرصة لتهدئة النفوس بدلاً من المهاترات النيابية وشحن البغضاء بين افراد المجتمع وكان من الأفضل ونحن نرى اضطراب الوضع السياسي والاقتصادي العالمي، كما ذكرنا هنا وفي مقال سابق، ان نجعل جبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة لاتهتز من تصريحات غير مسؤولة لهذا النائب أو ذلك، فمتى نكون مجتمعاً راقياً فان عزة آل الصباح الكرام هي عزة للكويت والكويتيين جميعاً.