الا يُحتمل أن النظام السوري يستخدم الورقة العلوية كما استخدم النظام العراقي المنهار الورقة السنية، وكما استخدم الارهابيون في الجزائر وفي افغانستان وحتى في مصر والسعودية نصوص القرآن والحديث لتبرير قتل الآلاف من بني وطنهم وترويعهم وقطع رؤوسهم والقائها في الآبار..
إيلاف: يرى الكاتب خليل علي حيدر في عناد النظام السياسي في سوريا ومذابحه المستمرة بحق شعبه، جالبًا للكوارث الصامتة للاقليات، وللطائفة العلوية بالذات، التي ينظر اليها كأداة للسلطة وقاعدة للنظام.
وبحسب حيدر، فإن الهجوم الدموي على الآمنين من سكان المدن السورية الذي تقوم به قوات الحكومة، سيدفع العلويون ثمنًا باهظًا له من مستقبلهم وامنهم وسلامهم، حيث يجرجرهم النظام ويسيّس حياتهم ويضعهم في وجه بقية الشعب.
اعمال انتقامية واسعة
ويؤكد حيدر أن quot; هذا القمع المتواصل الواسع النطاق لم يدمر حياة الاغلبية السنية بل وكذلك غيّر على الارجح حياة العلويين ومستقبلهم، مهما كانت درجة قربهم من النظام واستفادتهم من فرصه، وقد تعرضهم هذه الاحداث مهما كانت درجة مسؤوليتهم عنها وتعاطفهم مع النظام، لاعمال انتقامية واسعة، بسبب الحملة الاعلامية والدينية ضدهم، وبخاصة أن معظم الكتب الاسلامية وبخاصة كتب ابن تيمية تكفرهم وتعاديهمquot;.
لكن حيدر يرى أن من يرتكب عمليات القمع والابادة في سوريا ينبغي أن يُدان مهما كان دينه ومذهبه وحزبه السياسي، لكن لا معنى على الاطلاق ولا مبرر لكل هذه الشتائم التي توجه لكل العلويين ولمذهبهم الديني في الصحافة الكويتية وغيرها، وفي الخطب والمواقع الالكترونية.
ويتابع: quot;من يعطي هؤلاء حق الشتم والتكفير مهما كانت عقائد العلويين ومضامين وتفاصيل مذهبهم، ومهما كان تاريخ النصيرية أو مواقفها؟ لماذا يحاصر الاعلام الخليجي والعربي هذه الطائفة اكثر واكثر، ويلصقها بقوة اكبر بالنظام؟ الا يحتمل أن النظام السوري يستخدم الورقة العلوية كما استخدم النظام العراقي المنهار الورقة السنية، وكما استخدم الارهابيون في الجزائر وفي افغانستان وحتى في مصر والسعودية نصوص القرآن والحديث لتبرير قتل الآلاف من بني وطنهم وترويعهم وقطع رؤوسهم والقائها في الآبار، وسبي نسائهم ومصادرة حقوقهم، أو كما تستخدم الولاءات المذهبية والقبلية والعشائريةquot;.
وبحسب حيدر، فإن quot; العلويين والمسيحيين وغيرهم مرعوبون اليوم في سوريا، ولاشك أنهم لا يشعرون بالاطمئنان وبالمستقبل المشرقquot;.
مذبحة الكلية العسكرية
ويذكّر حيدر بمذبحة الكلية العسكرية، عندما قام الاخوان المسلمون في يونيو 1979 بقتل 32 علويًا من طلاب الكلية العسكرية في حلب، ففي ذلك الهجوم قام متطرفون مسلمون بانتقاء بعض الطلاب العلويين لاعدامهم، بينما اطلقوا سراح الآخرين، ولم يغب ذلك الحادث المروع مطلقًا عن اذهان العلويين، ولاشك أن فكر الارهاب وادواته ومخططاته اليوم اكثر وحشية وعنفًا مما كان عليه الامر عام 1979.
ويشير حيدر الى أنه quot; اذا تعرضت الطائفة العلوية السورية قريبًا للمذابح والانتقام، بحجة أنهم كفار ونصيرية ومع النظام، فنحن لا نعرف ما تأثير هذا في العلويين في تركيا مثلاً، فهل من مصلحة الثورة السورية بعد كل هذه التضحيات أن تشغل نفسها بمثل هذه المعركة؟quot; .
يتابع حيدر: quot; لا يعني هذا على الاطلاق أن النظام لا يعتمد على العلويين في احيان كثيرة لاعمال القتل والتصفية quot; .
الشبيحة من الطائفة النصيرية
وبحسب مجلة الايكونومست، فإن معظم الشبيحة من الطائفة النصيرية، ويبدو أن تجنيدهم اصبح عملية سهلة نسبيًا، ويزداد خوف الجماعات العلوية على سلامتها، وهي تشجع الشبان على الانضمام الى الميليشيات، فخلال جنازة حديثة، انتقد العلويون النظام لأنه لا يتحرك لحمايتهم .
ويقول جورج صبرا من المجلس الوطني السوري إن القرى العلوية التي تستقبل جثث ابنائها قد وصلت الى مرحلة غير قادرة فيها على التحمل وصارت عائلاتها تسأل هل يجب أن يموت اولادنا كي يبقى بشار الاسد؟ ، حتى أنهم يطالبوننا بمدهم بالسلاح للانضمام الى خط الثورة.
ولهذا صرح مراقب الاخوان السوريين رياض الشقفة quot;نطمئن كل الطوائف، ولاسيما الاقلية منها، وبأن وضعها سيكون افضل في سوريا المستقبل بعد القضاء على نظام الاستبداد والاجرام، فالديموقراطية ستضمن حقوق الجميع، وكل فرد في سوريا هو مواطن يتمتع بالحقوق والواجبات من دون تمييزquot;. (الشرق الاوسط 2012/6/14).
ويقول تقرير نشرته الصحيفة نفسها قبل ايام quot;إن مقابلات اجريت مع عشرات العلويين اشارت الى انقسام معقد في صفوفهم، فبعضهم في حالة من الضيق من أن قوات الامن لم تنجح حتى الآن في قمع المعارضة، فيما يقول آخرون أن الاسد يخاطر بمستقبل العلويين بالدفع بهم الى شفا حرب اهلية مع السنةquot; .
لكن حيدر يطرح سؤالاً quot; هل يستطيع العلويون المتمردون والرافضون للنظام الاعتماد على وعود الاسلاميين من الاخوان والسلفيين التكفيريين الذين بدأوا يصلون الى سوريا من دول الخليج والجزيرة؟ ألن تتكرر تجارب laquo;القاعدةraquo; الارهابية، مع شيعة العراق، حيث انزلت مذابحهم دمارًا كاملاً بوحدة النسيج المذهبي في العراق، ثم امتد ارهابها الى شيوخ المساجد السنية، ورؤساء القبائل العربية، والاكراد، ثم صارت لا تفرق بين احد مهما كان دينه، توزع الموت والتفجير على كل العراقيين من كربلاء الى الرمادي والموصل.. وما وراء البحار! واذا كان هؤلاء يكفرون العلويين النصيريين، قبل اندلاع الاحداث في سوريا، ويكيلون لمذهبهم كل الوان الذم والتهجم، ويعتبرونهم (اكفر من اليهود والنصارى ) فهل يتوقع احد أن يكونوا على رأس الثورة السورية اليوم مثلا؟quot;.
توريط الطائفة العلوية
غير أن شفيق ناظم الغبرا يرى أن في الشارع السوري تياراً كبيراً يعيش غضباً ضد النظام، والواضح أن هذا الغضب بدأ يأخذ منحى موجهاً تجاه العلويين بصفتهم القوة الرئيسية وراء قوات الشبيحة وأمن النظام والقمع الراهن.
يقول الغبرا: quot; في سوريا توريط للطائفة العلوية، فباسمها يقع الكثير مما يباعد بينها وبين الأغلبية السنية، فالنظام السوري يبني على تجربته التاريخية في حرب لبنان الأهلية ويحاول خلق حالة من الرعب والخوف الأهلي الذي يمنع أيّاً من أبناء الطائفة العلوية والأقليات الأخرى من الانشقاق عنهquot;.
ويزيد في القول: quot;السوريون يعون بأن النظام يستخدم ورقة الطائفة العلوية بصورة أساسية لإبقائها متباعدة عن بقية السوريين. هذا يجعل التوجه إلى الطائفة العلوية وعدم القيام بممارسات قد تصب لمصلحة النظام أمرًا رئيسياً في تقدم الثورة. ويسجَّل للمعارضة السورية مرونتها وقدرتها على التحرك، إذ نجحت في تغيير رئيسها، وفي انتخاب شخصية وطنية كردية في رئاسة المجلس الوطني. بطبيعة الحال، بناء الدولة القادمة في سوريا سوف يتطلب مشاركة كل فئات الشعب السوري، وسوف يتطلب عدالة لكل الفئات التي يتشكل منها المجتمع السوريquot;.
أسباب الوحشية
ويتساءل خير الله خيرالله عن أسباب الوحشية التي يلجأ اليها النظام السوري في تعاطيه مع حمص؟ ولماذا يركز على المدينة؟ هل يريد النظام القول إن لديه بديلاً من الحلّ الامني يتمثّل في اقامة دولة علويّة قابلة للحياة تشكّل حمص العقبة الابرز على طريق قيامها ورسم حدودها؟
الطائفة العلوية في مأزق خطير
غير أن عبد الله الهدلق يكتب في صحيفة الوطن الكويتية أن بشار الاسد quot; وضع الطائفة العلوية في مطبٍّ كبير ومأزق خطير، كما ادى استمرار وتيرة العنف وتصاعدها في سوريا الى بروز نوع من الكراهية لدى الطائفة العلوية ضد بشار الاسد كمقدمة لحدوث تمرد علوي في الجيش السوري ضد الاسد، وبما أن القيادات العلوية تتمركز في أعلى المراتب العسكرية والامنية في الدولة، فإن نظام بشار الاسد المجرم ndash; شأنه شأن كل الانظمة الديكتاتورية الأخرى ndash; سيتخذ حزمة من الاجراءات والتدابير الامنية لمنع حدوث ذلك التمرد أو مواجهته في حال حدوثهquot;.
التعليقات