نيكولاس بلانفورد


يمثل انشقاق مسؤول سوري سني رفيع آخر في ظرف أسبوع، مؤشراً إضافياً على ازدياد مشاعر القلق على هامش نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي تهيمن عليه الطائفة العلوية.

غير أن نواة النظام مازالت على ما يبدو متحدة ومتماسكة ولا تُظهر مؤشراً على انهيار وشيك، مما يوحي بأن المواجهة ستزداد طولاً وستتخذ طابعاً طائفياً أكثر في القادم من الأسابيع والأشهر.

فيوم الأربعاء الماضي، أعلن نواف فارس، الذي كان سفيراً لسوريا في بغداد منذ عام 2008، عن استقالته من حزب quot;البعثquot; الحاكم، مشيراً إلى أنه سينضم إلى صفوف معارضة نظام الأسد، حيث قال في مقابلة تلفزيونية بعد توجهه إلى قطر: quot;إنني أدعو جميع أعضاء الحزب للقيام بالشيء نفسه، لأن النظام حول هذا الحزب إلى وسيلة لقمع الشعب وتطلعاته الحقيقية إلى الحرية والكرامةquot;.


ورداً على ذلك، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن فارس quot;أُعفي من مهامهquot; بسبب إدلائه بتصريحات quot;تتنافى مع واجبهquot;، مضيفة أنه يمكن أن يخضع للمتابعة القضائية ويتعرض لـquot;عمل تأديبيquot;.

والجدير بالذكر هنا أن فارس، الذي ينتمي إلى السنة، هو رئيس قبيلة العقيدات القوية التي تغطي المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق. وهو أيضاً محافظ سابق لدير الزور، وهي بلدة كبيرة تقع في شرق سوريا وتشهد اشتباكات دورية بين قوات النظام والمعارضة.

انشقاق نواف فارس العلني جاء بعد أن قام ضابط عسكري كبير هو مناف طلاس، الذي يعتبر جنرالاً كبيراً في الجيش وصديقاً مقرباً من بشار الأسد منذ الطفولة، بمغادرة سوريا متوجهاً إلى فرنسا.

لكن، وخلافاً لفارس، لم يدلِ الجنرال طلاس بأي تصريح علني يشرح فيه أسباب مغادرته سوريا أو يكشف فيه عن مخططاته المستقبلية. غير أن بعض التقارير تقول إن ثقته في النظام انهارت عقب الهجوم الذي شنه الجيش السوري على مدينة حمص والمناطق المحيطة بها، والتي تشمل الرستن، المدينة التي تنتمي إليها عائلة طلاس.

والجدير بالذكر أيضاً أن بعضاً من أقوى وحدات quot;الجيش السوري الحرquot; المتمرد تنشط في منطقة حمص. ومن بينها كتيبة الفاروق التي يرأسها عبد الرزاق طلاس، ابن عم مناف طلاس، ما يبرز ربما صراع الولاءات الذي يوجد فيه.

ومع ذلك، فإن فرار مناف طلاس من سوريا يعتبر مهماً بغض النظر عما إن كان الأمر يتعلق بانشقاق سياسي للانضمام إلى صفـوف المعارضـة أو مجرد خطوة تهدف إلى حماية نفسه وعائلته في حال انهيار نظام الأسد.

والجدير بالذكر هنا أن والد مناف هو مصطفى طلاس، الذي شغل منصب وزير الدفاع لوقت طويل في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد وكان من المقربين منه.

كانت عائلة طلاس ترمز إلى التحالف بين السنة، التي تشكل الأغلبية، والعلويين، وهم فرع من الشيعة لا يُعرف عنهم الكثير وينتمي إليهم الأسد.

لكن، وعلى غرار عدد من الشخصيات السورية الرفيعة من عهد حافظ الأسد، فقد تم إخراج مصطفى طلاس من السلطة تدريجياً عقب صعود الأسد إلى الرئاسة عام 2000. والعام الماضي، وبعد وقت قصير على بدء الانتفاضة ضد حكم الأسد، سافر مصطفى طلاس إلى باريس لأسباب صحية حسبما أعلن، ويُعتقد أنه مازال في العاصمة الفرنسية. ومن جانبه، قام فراس طلاس، شقيق مناف، بمغادرة سوريا أيضاً قبل عدة أشهر.

الجزء الأعظم من المعارضة السورية سني، ينتمي بشكل رئيسي إلى المناطق الريفية والطبقات العاملة في المدن. ويمثل رحيل مناف طلاس وفارس المؤشرين الأولين على أنه حتى أنصار النظام السنة البارزين أخذوا ينشقون عنه.

ومن المرجح أن تقوي مثل هذه الانشقاقات الانطباع بأن الصراع على سوريا أخذ يتحول إلى نزاع طائفي يجمع بين المتمردين السنة في معظمهم، ونخبة علوية مترسخة في الحكم، في حين تراقب أقليات أخرى بخوف، مثل المسيحيين والدروز والأكراد، من على خط التماس. الوحدات الجوهرية للجيش السوري مازالت متماسكة وصامدة على الرغم من أن الانشقاقات العسكرية قد ازدادت خلال الأسابيع الأخيرة، بينما بدأ عدد متزايد من الضباط الكبار يفرون إلى الأمان النسبي الذي توفره تركيا المجاورة.

وقد أدت الانشقاقات الأخيرة إلى رفع معنويات quot;الجيش السوري الحرquot; المتمرد الذي أظهر تحسناً في المهارات العسكرية، إضافة إلى إمدادات أكبر من الأسلحة والذخيرة.

لكن، وفي مؤشر على تصاعد العنف ربما، أعلنت منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot; لحقوق الإنسان، والتي يوجد مقرها في نيويورك، يوم الخميس الماضي، أن أدلة فيديو أظهرت أن الجيش السوري يستعمل ذخيرة قنابل عنقودية تعود إلى العهد السوفييتي ضد التلال التي يسيطر عليها المتمردون بالقرب من مدينة حماه في وسط البلاد.

وفي هذا الإطـار، قال ستيف جوس، مدير قسم الأسلحة في quot;هيومان رايتس ووتشquot;، إنه إذا ما تأكد ذلك، فـquot;سيكون أول استعمال موثق لهذه الأسلحة الخطيرة جداً من قبل القوات المسلحة السورية خلال النزاعquot;.



ينشر بترتيب خاص مع خدمةlaquo;كريستيان ساينس مونيتورraquo;