لندن

يجد ميت رومني المرشح الجمهوري للرئاسة في امريكا نفسه وسط اهله واقاربه اثناء زيارته الحالية للقدس المحتلة، فبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي لم يخف تفضيله له على الرئيس الحالي باراك اوباما منافسه الوحيد، ويشاطره الرأي غالبية الاسرائيليين واليهود الامريكيين ايضا.
المرشح رومني الذي يتساوى في استطلاعات الرأي مع الرئيس اوباما اعلن تبنيه مسبقا لاجندات نتنياهو السياسية، سواء تلك المتعلقة بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لاسرائيل، او خططه لضرب ايران لتدمير منشآتها النووية.
مواقف رومني هذه قوبلت بارتياح كبير من قبل مضيفه نتنياهو الذي لم يتورع عن الاشادة بها وقال بالحرف الواحد في مؤتمر صحافي مشترك 'لقد استمعت الى اقوالك بان الخطر الاكبر هو وجود سلاح نووي بايدي نظام آيات الله' وخاطبه قائلا 'يا ميت رومني لم اتمكن من الاتفاق معك اكثر من ذلك وينبغي القيام بكل ما في وسعنا من اجل منع نظام آيات الله من الحصول على سلاح نووي'.
ومن المؤسف ان هذا الارتماء المخجل لمرشحي الرئاسة تحت اقدام اسرائيل والناخبين اليهود، يكشف بجلاء هشاشة هذه الدولة الامريكية العظمى ونفاق نخبتها السياسية وفساد نظامها الديمقراطي.
الرئيس اوباما اعطى اسرائيل ما لم تعطه امريكا لاي دولة اوروبية اخرى من اسلحة متقدمة واتفاقات دفاعية وتعهدات بحماية امنها بكل الطرق والوسائل، في محاولة منه لاجهاض زيارة خصمه لها في سباق محموم من النفاق والتزلف لا يليق بدولة عظمى ومرشحي الرئاسة فيها.
البرنامج النووي الايراني يمكن ان يشكل خطرا على اسرائيل لو كانت الاخيرة لا تملك اكثر من مئتي رأس نووية، علاوة على ترسانة ضخمة من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، ولكن من الواضح ان السياسيين الامريكيين يخضعون للاملاءات الاسرائيلية بعيون مغمضة، ولا يستطيعون الجدل او المناقشة بشأنها خشية خسران مواقعهم بسبب سطوة اللوبي اليهودي الداعم لحكومة تل ابيب.
التنافس بين المرشحين الامريكيين على ارضاء اسرائيل وتبني اجندتها في خوض حرب جديدة في المنطقة قد يؤدي الى سقوط مئات الآلاف ان لم يكن ملايين الضحايا الابرياء في حال بدء الهجوم على ايران، واستخدام اسلحة غير تقليدية اذا ما قوبل بدفاع شرس مثلما يتوقع معظم المراقبين العسكريين.
الولايات المتحدة احتلت العراق تلبية لاملاءات اسرائيلية اخرى انطلقت من خوف مزعوم من النظام العراقي السابق واسلحة دمار شامل مزعومة جرى الترويج لها وتضخيم مخاطرها، فخسرت خمسة آلاف جندي وقتلت اكثر من مليون عراقي، وها هي الآن تريد تكرار الجريمة نفسها وللاسباب نفسها، ولكن حجم الخسائر قد يكون اكثر كارثية على المنطقة وشعوبها.
سيفوز رومني باعداد اكبر من اصوات الناخبين اليهود بعد تزلفه للقادة الاسرائيليين من خلال رضوخه لاملاءاتهم، ولكن الخاسر الاكبر سيكون الشعب الامريكي وشعوب المنطقة في حال فوزه وتنفيذه لوعوده بضرب ايران.