واشنطن

رومني ينتقد سياسات أوباما من إسرائيل، والتخوف من مشروع قانون يروم الحد من الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية في أميركا، وحملة التشهير بالمسلمين تطال كبار الموظفين في الإدارة الأميركية، ثم الاحتفاء بمرور مئة عام على ميلاد الاقتصادي الكبير ميلتون فريدمان... أبرز عنوانين الصحافة الأميركية خلال الأسبوع الماضي.

رومني في إسرائيل

خصصت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي للحديث عن زيارة المرشح الجمهوري ميت رومني لإسرائيل خلال الأسبوع الجاري، منتقدة الأسلوب الذي قارب به بعض قضايا السياسة الخارجية الأميركية. فمع أنه معروف في التقاليد السياسية عدم انتقاد مرشح للسياسة الخارجية للرئيس في الخارج، فقد انخرط رومني في إشارات تكاد تكون صريحة بشأن معارضته لسياسة أوباما، ولم يتورع سوى عند ذكر اسم الرئيس، وهو ما فُهم منه هجوم على السياسة الخارجية. لكن الصحيفة تُذكر رومني بأن جميع الرؤساء الأميركيين كانوا أصدقاء لإسرائيل، بمن فيهم أوباما، وبالتالي لا داعي للمزايدة على الإدارة الحالية من خلال تعهده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، دون الأخذ بالاعتبار التعقيدات التي ستترتب على ذلك والتأثير على سمعة أميركا كوسيط نزيه في الصراع مع الفلسطينيين. هذا بالإضافة إلى إشارته المهينة للفلسطينيين عندما عزا النجاح الاقتصادي الإسرائيلي والتعثر الفلسطيني إلى أسباب ثقافية، متناسياً حسب الصحيفة العقود الطويلة من الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية التي تكبدت خسائر اقتصادية جمّة، غير أن ذلك كله كان مقصوداً، تقول الصحيفة، بغرض التودد لأصوات اليهود الأميركيين والمسيحيين الإنجيليين. فمحاولة استقطاب الأصوات والمتبرعين، مثل الملياردير الأميركي وقطب صناعة الكازينو في الولايات المتحدة، quot;شيلدون أديلسونquot;، الذي تعهد بالتبرع بمبلغ 100 مليون دولار لإسقاط أوباما، دفعت رومني إلى التفوه بكل ما من شأنه اجتذاب المزيد من الأموال لحملته الانتخابية. لذا، تقول الصحيفة، راح رومني يتودد للإسرائيليين في الموضوع الإيراني، معتبراً سياسة أوباما القائمة على تشديد العقوبات وإفساح المجال للدبلوماسية أمراً ثبت فشله، دون أن يدري أحد التغيير الذي سيُدخله رومني على هذه السياسية، وهل ينوي توريط أميركا في حرب مكلفة وبنتائج محدودة حسب الخبراء، أم أن الأمر مجرد مزايدات انتخابية سرعان ما تذروها الرياح؟

خنق الحرية في أميركا!

بهذا العنوان المستفز استهلت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء، مشيرة إلى مشروع القانون الذي أعدته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، والرامي إلى كبح الوصول إلى المسؤولين في دوائر الاستخبارات والأجهزة الأمنية للحصول على المعلومات المهمة التي تغني، حسب الصحيفة، النقاش العام وتسلط الضوء على بعض القضايا المهمة للشعب الأميركي. والهدف من وراء هذا القانون هو حماية المعلومات الحساسة ومنع التسريبات الأمنية التي كثرت في الآونة الأخيرة. ففي الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون الذين تنقل الصحف ووسائل الإعلام وجهات نظرهم، سواء المؤيدة أو المعارضة للسياسات العامة، تفسير بعض القضايا المعقدة للمواطن الأميركي ومساعدته على المشاركة في صياغة السياسات العامة، يأتي مشروع القانون المقترح ليغلق هذه النافذة ويقطع شرياناً أساسياً في الديمقراطية الأميركية، على حد تعبير الصحيفة. فحسب التعديل الجديد المقترح يحظر على أي مسؤول داخل جهاز أمني توفير quot;خلفيات للأخبار، أو الإدلاء بمعلومات غير رسمية تهم أنشطة استخبارية إلى وسائل الإعلامquot;، ويقتصر التصريح المرخص به على مدير الجهاز أو نائبه أو المسؤول عن الشؤون العامة. هذه المقتضيات التي جاء بها مشروع القانون تنتقدها الصحيفة، مدللةً على خطورتها بالمعلومات التي حصل عليها الصحفيون في شهر أبريل الماضي من مسؤولين استخباراتيين لم يُعلن عن أسمائهم بشأن تقييم خطر quot;القاعدةquot; بعد عام على مقتل ابن لادن. هذا التواصل مع المسؤول كشف معلومات مهمة عن شبكة ابن لادن وخطرها المستقبلي، وهي معلومات، تقول الصحيفة، تنطوي على أهمية قصوى بالنسبة للمواطن ولا يمكن حجبها عنه بدعوى أنها حساسة. هذا بالإضافة إلى أحكام أخرى جاء بها مشروع القانون الجديد، مثل المراجعة القبلية للمواد المتعلقة بالاستخبارات قبل نشرها في وسائل الإعلام حتى لو كانت مادة شفهية، ثم منع المسؤولين الحكوميين من العمل بعقود مع وسائل الإعلام كمعلقين أو محللين، كل ذلك تقول الصحيفة من شأنه تقويض حرية التعبير والمس بجوهر الديمقراطية الأميركية.

المكارثية من جديد

انتقدت صحيفة quot;وول ستريب جورنالquot; في افتتاحيتها خلال الأسبوع الماضي الهجوم الذي تعرضت له الجالية المسلمة في أميركا ممثلة في شخص هوما عابدين، مساعدة وزيرة الخارجية كلينتون، بعد حملة التشهير التي تعرضت لها وقادتها مرشحة الحزب الجمهوري السابقة، ميشيل باكمان، هذه الأخيرة كتبت مع أربعة من زملائها في الكونجرس رسالة إلى المدعي العام في الهيئات الحكومية المختلفة، تطالب فيها بفتح تحقيق في علاقة بعض أقارب الأميركية المسلمة بالتطرف الإسلامي. لكن الاتهام، تقول الصحيفة، ينبع من عقلية المؤامرة غير المبررة التي ترى في الأميركيين من أصول مختلفة أعداءَ محتملين، ما يذكّرنا على حد تعبير الصحيفة بفترة السيناتور quot;جوزيف مكارثيquot; الذي ادعى أن لديه قائمة سرية بأسماء الأميركيين الشيوعيين الذين يريدون تغيير السياسة الأميركية. لكن حتى بعدما تبين خطأ تلك الحملة التي شنّها السيناتور سيئ الذكر في خمسينيات القرن الماضي وتداعياتها المدمرة على حياة الناس، ما زالت بعض تركته مستمرة في أميركا تواصلها باكمان وبعض الجهات الأخرى، مثل quot;مركز أمن السياساتquot; المعروف بعدائه للمسلمين. وبدلا من أن تتحرى الدقة في ادعاءاتها وتبحث الحقيقة قبل التهجم على الآخرين واتهامهم، انصاعت القيادية الجمهورية بسهولة غير مفهومة لمزاعم مركز مشكوك في أمره لتبث سمومها ضد الآخرين. ولحسن الحظ، تقول الصحيفة، تصدى للادعاءات المغرضة والمؤذية للمسلمين الأميركيين بعض كبار مسؤولي الحزب الجمهوري والشخصيات العامة التي أدانت محاولات ربط المسلمين بالإرهاب، لاسيما الموظفين الحكوميين وتبرئتهم من أية مساعي لاختراق الأمن القومي الأميركي.

ميلتون فريدمان

أفردت صحيفة quot;شكاجو تريبيونquot; افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء لإحياء الذكرى المئوية لميلاد الاقتصادي الأميركي الكبير ميلتون فريدمان، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 1976، لاسيما وأن هذا الاقتصادي المتميز غيّر الكثير من المفاهيم الدارجة وكان من أهم دعاة النيوليبرالية وأحد أبرز منظريها. وإلى جانب جون ماينار كينيز، الذي كان أشهر الاقتصاديين في القرن العشرين، يحتل فرديمان مكانةً مرموقة ليس فقط، كما تقول الصحيفة، لما أسداه من خدمة لمدينة شيكاجو التي درس في جامعتها وحولها إلى أشهر مؤسسة تعليمية تدرّس الاقتصاد في العالم، بل أيضاً لأفكاره الثورية في المجال الاقتصادي والتغييرات التي أدخلها في السياسات الاقتصادية الأميركية والدولية. ومن تلك التغييرات الجوهرية التي جاء بها ميلتون فريدمان وتعددها الصحيفة، تركيزه على أهمية السياسة النقدية في ضبط الاقتصاد والتحكم فيه، وهو ما يفسر لجوء الحكومة الأميركية إلى الاحتياطي الفدرالي خلال الأزمة الاقتصادية الحالية، إما لخفض معدل الفائدة لمساعدة الاقتصاد، أو لطبع مزيد من الدولارات لتعويض نقص السيولة، رغم مخاطر التضخم، كما كان ميلتون أحد دعاة فتح التعليم أمام الخيارات المتعددة وعدم قصره على مناهج بعينها، الأمر الذي مهد الطريق لظهور المدارس النموذجية. هذا بالإضافة إلى دعوته إلى تحرير قطاع الطيران، ما نتج عنه نشوء شركات في هذا المجال وإتاحة السفر الجوي لأغلب الأميركيين بعدما فتح القطاع أمام المنافسة. بل إن ميلتون كان وراء فكرة تعويم العملة أمام سلة من العملات الأجنبية التي أصبحت اليوم سياسة متبعة لدى الدول، ولعب دوراً كبيراً في إلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية التي كانت سائدة حتى السبعينيات... كل ذلك تقول الصحيفة يجعل من ميلتون علماً من أعلام الاقتصاد ومنظراً أفاد العالم بأفكاره الثورية ليستحق التكريم والاحتفاء.

إعداد: زهير الكساب