توفيق المديني
عيش تونس منذ فترة على وقع حزمة من الأزمات أسهمت إسهاما قويا في خلق تجاذبات سياسية حادة بين السلطة متمثلة بحزب النهضة الإسلامي الطرف المهيمن في الترويكا الحاكمة منذ الانتخابات الأولى التي جرت في 23 تشرين الأول 2011، وبين المعارضة الاحتجاجية على اختلاف مكوناتها. ويمكن للمتابع للأوضاع التونسية من الداخل أن يلمس بوضوح مظاهر هذه الأزمات وتداعياتها على حياة التونسيين.
غير أن أبرز تجليات هذه الأزمة السياسية تتمثل في تزايد عنف السلفيين ضد المجتمع التونسي، رغم أن الثورة التونسية لم تكن، ثورةإسلامية، لأن شباب الثورة لم يستعينوا بالإسلام كما فعل أسلافهم في الجزائر في أواخر الثمانينات، وعبّروا قبل كل شيء عن رفض الديكتاتورية البوليسية الفاسدة ورفعوا مطلب الحرية والديموقراطية، فإن هذا لا يعني بالتأكيد أن كل الذين قاموا بالثورة هم علمانيون، بل يعني ببساطة أنهم لا يرون في الإسلام أيديولوجيا سياسية قادرة على خلق نظام أفضل: إنهم في مساحة سياسية علمانية. وما ينطبق على الأيديولوجيا الإسلامية، ينطبق أيضا على الأيديولوجيات الأخرى، فالثورة التونسية لم تكن ثورة يسارية، ولا أيضا ثورة قومية، رغم أن شباب الثورة هم قوميون (يظهر ذلك من خلال الأعلام الوطنية التي يلوّحون بها) لكنهم لا ينادون بالقومية العربية التي اختفت من الشعارات.
لكن في مرحلة ما بعد الثورة، وتحديدا منذ أن تسلم حزب النهضة الإسلامي السلطة، تزايدت العلامات التي تظهر quot;أسلمةquot; المجتمع التونسي، ومنها سيطرة المجموعات السلفية على مئات المساجد في كامل تراب الجمهورية، من خلال تنصيب أئمة يدينون بالولاء للسلفيين، الذين بدأوا يمارسون العنف ضد المجتمع المدني، تجلى ذلك في الاعتداءات العنفية المتكررة على أساتذة جامعيين ومثقفين معروفين بانتماءاتهم الأيديولوجية العلمانية والليبرالية، والقيام بالغزوات quot;المقدسة quot;على الشواطئ التونسية، إذ بات الخوف يتملك النساء والفتيات التونسيات اللواتي تعودنا على السباحة بالبيكيني. وفي شهر رمضان، طفت أخبار المجموعات السلفية على سطح المشهد السياسي التونسي، حين عادت مظاهر العنف والفوضى والغزوات quot;المقدسةquot; ضد محلات الإفطار السرية، وضد المفطرين، علما أن المطاعم التونسية كانت تظل مفتوحة في هذا الشهر الفضيل في العهد السابق، ولا تثير أية حساسية من جانب المجتمع التونسي المعروف باعتداله وتسامحه.
المنطق السياسي السليم يقول ان فرض الدولة الرقابة على الجوامع والمساجد واجب. ولا يجوز أن يكون هناك تباين بين استراتيجية الحكومة واستراتيجية حزب النهضة. فالحزب يشن حرباً ثقافية ضد النهج العلماني للدولة التونسية من خلال إفساحه في المجال لدعاة السلفية لكي يسرحوا ويجولوا في تونس كما يحلو لهم من دون التعرض للمواجهة والملاحقة القانونية. علماً أن المجتمع التونسي منفتح وينبذ العنف ويلفظه.
في ظل تزايد هذه quot;الأسلمةquot; للمجتمع التونسي التي اتخذت طابعاً عنفياً واضحاً من جانب المجموعات السلفية، التي استفادت من التواطؤ المكشوف من قبل حزب النهضة الموجود في السلطة، والذي يحتوي في داخله تياراً سلفياً متشدداً يقوده الدكتور صادق شورو الرجل الذي حصل على أعلى الأصوات في انتخابات مجلس الشورى الأخير متفوقا على الشيخ راشد الغنوشي الذي حل في المرتبة 12، ومن قصور السلطة التونسية متمثلة بأجهزتها الأمنية للتصدي لها، عم الخوف المدن التونسية، حتى انه بات المواطن لا يجد سيارة تاكسي بعد الساعة العاشرة ليلاً رغم أن الموسم سياحي، لأن أصحاب سيارات التكسي باتوا لا يغامرون بالخروج ليلاً في ظل انعدام الأمن، وعجز الشرطة عن التدخل في حال حصل اعتداء على المواطنين.
من تداعيات هذا العنف السلفي، تضرر الموسم السياحي في تونس، في بلد كان يدخله 6ملايين سائح سنوياً، فالمدن التونسية ظلت هادئة حتى مطلع شهر تموز 2012 ما يؤكد أن الفنادق التونسية أغلبها مهجور. وكان النائب عن حزب النهضة أبو يعرب المرزوقي أعلن مؤخراً أن السياحة شكل من أشكال البغاء السري، ما يؤشر أن حزب النهضة الحاكم في تونس الذي يحرص على مهادنة الإسلاميين يضمر في باطنه العودة بتونس إلى عهد الظلامية، وهو ما يتناقض مع خطابه السياسي والأيديولوجي المتشبع بالإسلام المعتدل الذي كان يسوقه حين كان في المعارضة.
ونظراً لأن هذه المجموعات السلفية التكفيرية تمارس العدوان على الفكر والإبداع، فقد كان الشيخ عبد الفتاح مورو العضو المؤسس لحزب النهضة، والذي كان مشاركاً في ندوة حول quot;الإسلام والتسامحquot; أقيمت بمدينة القيروان ليل الأحد 5آب الجاري عن المفكر التونسي يوسف الصديق الذي يعتبره متطرفون إسلاميون quot;كافراًquot;، ضحية اعتداء صارخ من قبل أحد الحاضرين في الندوة والذي ينتمي إلى حزب النهضة، إذ أصيب الشيخ عبد الفتاح مورو بجراح بعدما اعتدى عليه سلفي متطرف بالضرب بسبب دفاعه خلال الندوة عن يوسف الصديق. والرجلان معروفان باعتدالهما، ولم يعرف عنهما تطرف ولا غلو.
وكان يفترض بالسلفيين الذين يختلفون مع أطروحات الشيخ عبد الفتاح مورو أن يقارعوه بالحجة والفكرة، لكنهم لجأوا إلى استخدام العضلات والعنف الأعمى ضد شيخ سبعيني، وعالم دين معتدل، وتلك هي ممارسات وحجة الضعفاء الذين لا يملكون أي أطروحات فكرية تجديدية عن الإسلام، ويريدون فرض آرائهم بالقوة على المجتمع عبر سن المواعظ والفتاوى، ورفض كل قواعد الديمقراطية التعددية والعيش المشترك مع الآخر الذي يختلف معهم.
ومع كل ذلك اكتفى الشيخ راشد الغنوشي في بيان أورده لراديو quot;سواquot; بالقول : quot;لقد صاحب حرارة الطقس المستعرة توتر الوحدة في البلاد، على أكثر من صعيد. منها الصعيد الإعلامي، حيث بلغ الأمر حد تحريض الأحزاب والتيارات بعضها على بعض، بما يشبه خطابات الحربquot;. وأضاف إن quot;انتصار سياسات الحوار والتفاهم والبحث عن حلول وفاقية لم يمنع بعض وسائل الإعلام التحريضية من طرحها السؤال عن الغالب والمغلوب وكأننا في حالة حرب ولسنا مبحرين في سفينة واحدةquot;.
يتوسل السلفيون على اختلاف ألوانهم ومشاربهم في تونس العنف. لكن النموذج المجتمعي الذي يدعون إليه خطير. فرؤيتهم إلى المجتمع ضيقة الأفق. وهي ثمرة مشكلة مزدوجة مع الماضي والحداثة على حد سواء، ويُخشى أن تفضي إلى حروب وفتن.
ورغم أن الشيخ راشد الغنوشي يميز بين السلفيين المتشددين الذين يتوسلون العنف، والذين باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على الدولة والمجتمع التونسيين، وبين السلفيين المسالمين، فإن حزب النهضة الماسك بمفاصل السلطة في تونس، والمهيمن على أجهزة الدولة ، يرى أن خطر السلفية العنيفة هو الأبرز في تونس، والسبيل الأمثل إلى مواجهته هو تذليل العوائق أمام من يلتزم منهم القوانين لعزل الأقلية التي تدعو إلى العنف. لكن على صعيد الممارسة السياسية لا تبدو الحكومة التونسية عازمة على مواجهة دعاة العنف من خلال مواجهة حاسمة، تتمثل من طريق جمع المعلومات عنهم، واعتقالهم، وقطع علاقاتهم بالجماعات الخارجية أو بالدول البعيدة، ودَعوة من يحمل السلاح منهم، ولاسيما السلاح الذي سُرِق من مخازن الجيش أثناء الثورة، إلى تسليمه للسلطات. علماً أن السلفيين من دعاة العنف لن يلقوا السلاح، ويبدو أن المواجهة معهم واقعة لا محالة.
وأظهرت التحقيقات التي أجرتها الحكومة عقب الاشتباك الأخيرالذي وقع بين الجيش التونسي ومجموعة مسلحة على مقربة من صفاقس، في شهر شباط 2012مؤشر إلى بدء النزاع. فالمجموعة هذه كانت مؤلفة من 3 شبان في سن بين 22 و25 سنة، واعتقلت السلطات التونسية عشرات من المرتبطين بهم. وبعضهم فرّ إلى الخارج، وإلى الجزائر على وجه التحديد. ودرجت المجموعة هذه على تهريب السلاح من ليبيا وتخزينه إلى حين اشتداد عودها لترفعه في وجه الحكومة. وهي ترمي إلى إنشاء دولة دينية إسلامية في تونس. وتربط علاقات وثيقة بين السلفيين هؤلاء وبين نظرائهم في ليبيا المرتبطين بمجموعات متطرفة في الجزائر. وحريّ بالحكومة التونسية المسارعة إلى حسم المشكلة وتذليلها. وإذا لم توقف مساعيهم وشل يدهم، ظهرت quot;القاعدةquot; في تونس.
وهناك ارتباط عضوي تنظيمي ولوجستي ومالي بين التيار السلفي المتشدد في تونس، وبين تنظيم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot;، والإسلاميين المتشددين في ليبيا، حيث يتدرب الشباب التونسي المتطرف في معسكرات بليبيا، ويحاول إنشاء معسكرات تدريب في تونس وفي صالات الرياضة.
غير أن أبرز تجليات هذه الأزمة السياسية تتمثل في تزايد عنف السلفيين ضد المجتمع التونسي، رغم أن الثورة التونسية لم تكن، ثورةإسلامية، لأن شباب الثورة لم يستعينوا بالإسلام كما فعل أسلافهم في الجزائر في أواخر الثمانينات، وعبّروا قبل كل شيء عن رفض الديكتاتورية البوليسية الفاسدة ورفعوا مطلب الحرية والديموقراطية، فإن هذا لا يعني بالتأكيد أن كل الذين قاموا بالثورة هم علمانيون، بل يعني ببساطة أنهم لا يرون في الإسلام أيديولوجيا سياسية قادرة على خلق نظام أفضل: إنهم في مساحة سياسية علمانية. وما ينطبق على الأيديولوجيا الإسلامية، ينطبق أيضا على الأيديولوجيات الأخرى، فالثورة التونسية لم تكن ثورة يسارية، ولا أيضا ثورة قومية، رغم أن شباب الثورة هم قوميون (يظهر ذلك من خلال الأعلام الوطنية التي يلوّحون بها) لكنهم لا ينادون بالقومية العربية التي اختفت من الشعارات.
لكن في مرحلة ما بعد الثورة، وتحديدا منذ أن تسلم حزب النهضة الإسلامي السلطة، تزايدت العلامات التي تظهر quot;أسلمةquot; المجتمع التونسي، ومنها سيطرة المجموعات السلفية على مئات المساجد في كامل تراب الجمهورية، من خلال تنصيب أئمة يدينون بالولاء للسلفيين، الذين بدأوا يمارسون العنف ضد المجتمع المدني، تجلى ذلك في الاعتداءات العنفية المتكررة على أساتذة جامعيين ومثقفين معروفين بانتماءاتهم الأيديولوجية العلمانية والليبرالية، والقيام بالغزوات quot;المقدسة quot;على الشواطئ التونسية، إذ بات الخوف يتملك النساء والفتيات التونسيات اللواتي تعودنا على السباحة بالبيكيني. وفي شهر رمضان، طفت أخبار المجموعات السلفية على سطح المشهد السياسي التونسي، حين عادت مظاهر العنف والفوضى والغزوات quot;المقدسةquot; ضد محلات الإفطار السرية، وضد المفطرين، علما أن المطاعم التونسية كانت تظل مفتوحة في هذا الشهر الفضيل في العهد السابق، ولا تثير أية حساسية من جانب المجتمع التونسي المعروف باعتداله وتسامحه.
المنطق السياسي السليم يقول ان فرض الدولة الرقابة على الجوامع والمساجد واجب. ولا يجوز أن يكون هناك تباين بين استراتيجية الحكومة واستراتيجية حزب النهضة. فالحزب يشن حرباً ثقافية ضد النهج العلماني للدولة التونسية من خلال إفساحه في المجال لدعاة السلفية لكي يسرحوا ويجولوا في تونس كما يحلو لهم من دون التعرض للمواجهة والملاحقة القانونية. علماً أن المجتمع التونسي منفتح وينبذ العنف ويلفظه.
في ظل تزايد هذه quot;الأسلمةquot; للمجتمع التونسي التي اتخذت طابعاً عنفياً واضحاً من جانب المجموعات السلفية، التي استفادت من التواطؤ المكشوف من قبل حزب النهضة الموجود في السلطة، والذي يحتوي في داخله تياراً سلفياً متشدداً يقوده الدكتور صادق شورو الرجل الذي حصل على أعلى الأصوات في انتخابات مجلس الشورى الأخير متفوقا على الشيخ راشد الغنوشي الذي حل في المرتبة 12، ومن قصور السلطة التونسية متمثلة بأجهزتها الأمنية للتصدي لها، عم الخوف المدن التونسية، حتى انه بات المواطن لا يجد سيارة تاكسي بعد الساعة العاشرة ليلاً رغم أن الموسم سياحي، لأن أصحاب سيارات التكسي باتوا لا يغامرون بالخروج ليلاً في ظل انعدام الأمن، وعجز الشرطة عن التدخل في حال حصل اعتداء على المواطنين.
من تداعيات هذا العنف السلفي، تضرر الموسم السياحي في تونس، في بلد كان يدخله 6ملايين سائح سنوياً، فالمدن التونسية ظلت هادئة حتى مطلع شهر تموز 2012 ما يؤكد أن الفنادق التونسية أغلبها مهجور. وكان النائب عن حزب النهضة أبو يعرب المرزوقي أعلن مؤخراً أن السياحة شكل من أشكال البغاء السري، ما يؤشر أن حزب النهضة الحاكم في تونس الذي يحرص على مهادنة الإسلاميين يضمر في باطنه العودة بتونس إلى عهد الظلامية، وهو ما يتناقض مع خطابه السياسي والأيديولوجي المتشبع بالإسلام المعتدل الذي كان يسوقه حين كان في المعارضة.
ونظراً لأن هذه المجموعات السلفية التكفيرية تمارس العدوان على الفكر والإبداع، فقد كان الشيخ عبد الفتاح مورو العضو المؤسس لحزب النهضة، والذي كان مشاركاً في ندوة حول quot;الإسلام والتسامحquot; أقيمت بمدينة القيروان ليل الأحد 5آب الجاري عن المفكر التونسي يوسف الصديق الذي يعتبره متطرفون إسلاميون quot;كافراًquot;، ضحية اعتداء صارخ من قبل أحد الحاضرين في الندوة والذي ينتمي إلى حزب النهضة، إذ أصيب الشيخ عبد الفتاح مورو بجراح بعدما اعتدى عليه سلفي متطرف بالضرب بسبب دفاعه خلال الندوة عن يوسف الصديق. والرجلان معروفان باعتدالهما، ولم يعرف عنهما تطرف ولا غلو.
وكان يفترض بالسلفيين الذين يختلفون مع أطروحات الشيخ عبد الفتاح مورو أن يقارعوه بالحجة والفكرة، لكنهم لجأوا إلى استخدام العضلات والعنف الأعمى ضد شيخ سبعيني، وعالم دين معتدل، وتلك هي ممارسات وحجة الضعفاء الذين لا يملكون أي أطروحات فكرية تجديدية عن الإسلام، ويريدون فرض آرائهم بالقوة على المجتمع عبر سن المواعظ والفتاوى، ورفض كل قواعد الديمقراطية التعددية والعيش المشترك مع الآخر الذي يختلف معهم.
ومع كل ذلك اكتفى الشيخ راشد الغنوشي في بيان أورده لراديو quot;سواquot; بالقول : quot;لقد صاحب حرارة الطقس المستعرة توتر الوحدة في البلاد، على أكثر من صعيد. منها الصعيد الإعلامي، حيث بلغ الأمر حد تحريض الأحزاب والتيارات بعضها على بعض، بما يشبه خطابات الحربquot;. وأضاف إن quot;انتصار سياسات الحوار والتفاهم والبحث عن حلول وفاقية لم يمنع بعض وسائل الإعلام التحريضية من طرحها السؤال عن الغالب والمغلوب وكأننا في حالة حرب ولسنا مبحرين في سفينة واحدةquot;.
يتوسل السلفيون على اختلاف ألوانهم ومشاربهم في تونس العنف. لكن النموذج المجتمعي الذي يدعون إليه خطير. فرؤيتهم إلى المجتمع ضيقة الأفق. وهي ثمرة مشكلة مزدوجة مع الماضي والحداثة على حد سواء، ويُخشى أن تفضي إلى حروب وفتن.
ورغم أن الشيخ راشد الغنوشي يميز بين السلفيين المتشددين الذين يتوسلون العنف، والذين باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على الدولة والمجتمع التونسيين، وبين السلفيين المسالمين، فإن حزب النهضة الماسك بمفاصل السلطة في تونس، والمهيمن على أجهزة الدولة ، يرى أن خطر السلفية العنيفة هو الأبرز في تونس، والسبيل الأمثل إلى مواجهته هو تذليل العوائق أمام من يلتزم منهم القوانين لعزل الأقلية التي تدعو إلى العنف. لكن على صعيد الممارسة السياسية لا تبدو الحكومة التونسية عازمة على مواجهة دعاة العنف من خلال مواجهة حاسمة، تتمثل من طريق جمع المعلومات عنهم، واعتقالهم، وقطع علاقاتهم بالجماعات الخارجية أو بالدول البعيدة، ودَعوة من يحمل السلاح منهم، ولاسيما السلاح الذي سُرِق من مخازن الجيش أثناء الثورة، إلى تسليمه للسلطات. علماً أن السلفيين من دعاة العنف لن يلقوا السلاح، ويبدو أن المواجهة معهم واقعة لا محالة.
وأظهرت التحقيقات التي أجرتها الحكومة عقب الاشتباك الأخيرالذي وقع بين الجيش التونسي ومجموعة مسلحة على مقربة من صفاقس، في شهر شباط 2012مؤشر إلى بدء النزاع. فالمجموعة هذه كانت مؤلفة من 3 شبان في سن بين 22 و25 سنة، واعتقلت السلطات التونسية عشرات من المرتبطين بهم. وبعضهم فرّ إلى الخارج، وإلى الجزائر على وجه التحديد. ودرجت المجموعة هذه على تهريب السلاح من ليبيا وتخزينه إلى حين اشتداد عودها لترفعه في وجه الحكومة. وهي ترمي إلى إنشاء دولة دينية إسلامية في تونس. وتربط علاقات وثيقة بين السلفيين هؤلاء وبين نظرائهم في ليبيا المرتبطين بمجموعات متطرفة في الجزائر. وحريّ بالحكومة التونسية المسارعة إلى حسم المشكلة وتذليلها. وإذا لم توقف مساعيهم وشل يدهم، ظهرت quot;القاعدةquot; في تونس.
وهناك ارتباط عضوي تنظيمي ولوجستي ومالي بين التيار السلفي المتشدد في تونس، وبين تنظيم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot;، والإسلاميين المتشددين في ليبيا، حيث يتدرب الشباب التونسي المتطرف في معسكرات بليبيا، ويحاول إنشاء معسكرات تدريب في تونس وفي صالات الرياضة.
التعليقات