40 الف دركي ينتشرون اليوم وتسارع واضح في محاكمة متهمين بالفساد والمال السياسي

عمان ـ بسام البدارين

إبقاء ثلاثة من أبرز المترشحين للانتخابات الأردنية خلف القضبان ورفض تكفيلهم الثلاثاء يعني أن عملية الاقتراع ستتم وهم داخل السجن بسبب العطلة الرسمية اليوم الأربعاء.
الإجراء على الأرجح سيؤسس لحالة تعاطف تضامنية وسط أنصار المترشحين ما لم تصدر المحكمة الدستورية في الدقيقة الأخيرة قرارا يسحب السماح بترشيحهم بسبب طبيعة الاتهامات الموجهة لهم والمتعلقة بالمال السياسي.
مصادر التحقيق مع المترشحين الثلاثة وهم غازي عليان وأحمد الصفدي ومحمد الخشمان وجميعهم مقربون للسلطات تتحدث عن أدلة وبينات ووقائع تنطوي على ارتكاب 'جناية' مخالفة للقانون تستوجب بقاء المتهمين قيد الحجز لاستكمال التحقيقات، لذلك تم الإفراج عن مترشح رابع في مدينة الزرقاء وخامس في السلط ظهر الثلاثاء والإبقاء على الثلاثي المشار إليه خلف القضبان في إطار تحقيقات المال السياسي التي يراد لها أن تكون رافعة حيوية لخدمة منظومة نزاهة الانتخابات المثيرة للجدل، مع العلم بأن بعض الأوساط المدنية المراقبة للانتخابات مثل لجنة راصد تحدثت عن توثيق مخالفات أخرى على صعيد المال السياسي وشراء الأصوات لم تتحرك السلطات باتجاهها.
بالنسبة لسلطات النيابة وكما فهمت 'القدس العربي' تم إيقاف المترشحين الذين توجد أدلة تصلح لبناء قضية ضدهم في المحكمة في الوقت الذي ستتواصل فيه التحقيقات تحت عنوان المال السياسي بموجب التغذية التي تقدمها الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات من المعلومات والبينات.
رغم ذلك تبدأ الانتخابات الأردنية المثيرة جدا للجدل إعتبارا من صباح الأربعاء بالتوازي مع تشكيك الإسلاميين بنتائجها السياسية، حيث أكد الشيخ زكي بني إرشيد لـ'القدس العربي' عدة مرات بأن هذه الانتخابات ستكون عبثية من حيث الدلالات المعاكسة للإصلاح السياسي الحقيقي والجذري.
لكن التشكيك لا يقتصر على التيار الإسلامي وأجنحة الحراك، فناشطون سياسيون يراقبون المجريات من بينهم الشيخ محمد خلف الحديد يحذرون مسبقا من إصدار آلاف البطاقات الإنتخابية بصورة غير شرعية وسرية مع احتمالية استعمالها في اللحظات الأخيرة إذا هبطت نسب الإقتراع لحدود لا يمكن قبولها.
الحديد تحدث عن 'أوكار' تطبع فيها بطاقات مزورة ولا تستطيع السلطات الدخول إليها أمنيا وعن تجهيزات تتعلق بأزياء ريفية وبدوية ستستخدم لخداع وتضليل لجان الاقتراع وعن مجاملات يحظى بها بعض المترشحين مع انتقائية في اختيار بعض المستهدفين بتحقيقات المال السياسي وترك آخرين.
تحذيرات الحديد مفيدة سياسيا لانها تذكر جميع دوائر القرار بخطورة أي عبث على مستوى فردي يمكن أن يجازف به أي من المسؤوليين في الدوائر الانتخابية، فقد سبق لرئيس الجبهة الوطنية للإصلاح أحمد عبيدات أن أعلن مقاطعة الانتخابات، معتبرا أن العبث فيها سيؤدي لخسائر قوية على مستوى شعبية النظام برمته.
لذلك سارع رئيس الوزراء عبد الله النسور للتأكيد بأن الانتخابات هذه المرة ستكون نزيهة تماما.
كما سارعت السلطات لاتخاذ خطوات جذرية تصعيدية ضد بعض المتهمين بالفساد حيث تعززت الاتهامات لرجل الأعمال الشهير وليد الكردي وحجزت المحكمة على أمواله، كما تقدم للمحكمة لأول مرة رجل أعمال آخر كان نافذا جدا هو أكرم أبو حمدان الموقوف منذ عشرة أشهر على ذمة قضية تحركت فقط خلال الساعات الماضية.
قبل ساعات من بدء عملية الإقتراع تبدو انتخابات 2013 المثيرة للجدل في الأردن وقد ركبت على سكة الواقع الموضوعي، فهذه الانتخابات التي نتج عنها الكثير من التجاذب أصبحت اليوم واقعا موضوعيا كما يلاحظ عضو البرلمان الأسبق محمد الكوز.


على مستوى التقديرات في كواليس غرف القرار تبدو الأجهزة الرسمية مطمئنة لان صناديق الاقتراع ستشهد إقبالا معقولا في مناطق المحافظات والأطراف أمام تحدي نسبة الاقتراع في مدن الكثافة السكانية مثل عمان والزرقاء وإربد، فقد ترك لسلسلة من القوائم التي تتبنى شعارات الوحدة الوطنية وتخطط جيدا لإشراك صوت الثقل الفلسطيني في الإقتراع على أمل معالجة ظاهرة عزوف مدن الكثافة عن المشاركة.
هنا حصريا تنشط حركة فتح التي حصلت على مقعد في الصف الأمامي لدعم إحدى القوائم الانتخابية وحرضت أوساط المخيمات على المشاركة في الانتخابات على أمل ملء فراغ غياب التيار الإسلامي.
ومن المرجح أن تنافس 61 قائمة إنتخابية على 27 مقعدا كان يفترض بها أن تعزز حضور الوسط الفلسطيني في البرلمان الأردني سيؤدي إلى إضعاف جميع القوائم المشاركة في حفل الانتخابات حيث لن تحصل اي قائمة على عدد يزيد عن أربعة أو خمسة مترشحين.
عمليا تم تخصيص أكثر من 40 الف رجل أمن ودركي لحماية العملية الانتخابية ووضعت خطة طوارىء لامتصاص أي هزات اجتماعية أو توترات يمكن أن تنتج عن خسارة أكثر من 1350 مترشحا للانتخابات، فبعض هؤلاء وأنصارهم يتوقع أن يثيروا عواصف وأزمات وتوترات تتطلب إجراءات أمنية سريعة خصوصا إذا حصلت أي انتهاكات من أي نوع في الجوانب الإجرائية.
تقارير دبلوماسية وغربية ما زالت تتحدث عن نسبة مشاركة باسم الشعب الأردني في الانتخابات تتراوح ما بين 7- 10 بالمئة وهي نسبة تضعف شرعية الانتخابات في الوقت الذي تراهن فيه السلطة على توفير كل التسهيلات اليوم الأربعاء للمواطنين للتحرك لصناديق الإقتراع مع السعي لتجاوز رقم مليون ناخب وبمعدل يزيد قليلا عن 50 بالمئة من عدد المسجلين الذين يزيدون بمئتي ألف عن مليوني ناخب. وتقديرات المراقبين أن لجان غرف عمليات الانتخابات قد تضطر لارتكاب بعض الأخطاء مساء يوم الاقتراع إذا بقيت النسبة منخفضة وهي مجازفة ستنتهي بالتأكيد بتوترات سياسية واجتماعية وأمنية خصوصا في ظل القناعة باستحالة إخفائها.