صباح كنعان

ما هي الغاية من الزيارة التي قام بها الرئييس الأمريكي باراك أوباما إلى ldquo;إسرائيلrdquo; وفلسطين؟ سؤال طرحه كثيرون من الكتّاب والمعلقين، من بينهم فلسطينيون وrdquo;إسرائيليونrdquo;، ولكنهم اتفقوا جميعاً على أن مهمة تحقيق السلام بين ldquo;الإسرائيليينrdquo; والفلسطينيين لم تكن على جدول أعمال أوباما، وهذا أمر يثير السخرية، كما عكست ذلك مقالات المعلقين .

في موقع ldquo;غلوبال ريسيرشrdquo;، عرض الكاتب الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة جمال كنج قراءته لرحلة أوباما، وكتب يقول:

تزامنت زيارة الرئيس باراك أوباما إلى الشرق الأوسط مع الذكرى العاشرة لمقتل الناشطة السلمية الأمريكية راشيل كوري . وقد قتلت يوم 16 مارس/آذار 2003 بواسطة جرافة ldquo;إسرائيليةrdquo; من صنع وتمويل أمريكا . وخلال الزيارة، لم يتذكر أي من الرئيس أو أعضاء وفده المواطنة الأمريكية الشابة . في المقابل، قال السفير ldquo;الإسرائيليrdquo; لدى الولايات المتحدة مايكل اورين قبيل بدء الزيارة إن الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; تعتزم اثارة موضوع الجاسوس ldquo;الإسرائيليrdquo; المسجون في أمريكا جوناتان بولارد خلال المحادثات مع أوباما .

وقد أعلن أوباما أنه يريد ldquo;الاستماعrdquo; إلى محادثيه خلال جولته في المنطقة، وفي هذا الإطار، شملت جولته زيارة إلى متحف ونصب ldquo;ياد فاشيمrdquo; لضحايا الهولوكوست (المحرقة النازية)، ولو اراد الرئيس الأمريكي الاطلاع على محنة معاصرة، لكان عليه أن يجول بنظره إلى ما وراء المروج بحثاً عن آثار مجزرة دير ياسين، أو أن يقوم بالتفاف لمسافة سبعة كيلومترات حتى يصل إلى مخيم للاجئين فلسطينيين يمثل متحفاً حياً وشاهداً على الحقد ldquo;الإسرائيليrdquo;، ولكنه لم يفعل . غير أنه خلال انتقاله بمروحية من بيت لحم إلى رام الله، ما كان يمكن إلا أن يرى المستعمرات المخصصة ldquo;لليهود فقطrdquo;، التي تغتصب التلال العذراء في الضفة الغربية، وكذلك جدار الفصل الذي يخنق الفلسطينيين .

وفي واشنطن، كان ldquo;أنصار ldquo;إسرائيلrdquo; أولاًrdquo; (1) قد روجوا لرحلة أوباما على أنها ضرورة بالنسبة للرئيس الأمريكي حتى يكسب ود الرأي العام ldquo;الإسرائيليrdquo; المتشكك في سياساته . ومن هؤلاء الأنصار المسؤول الأمريكي السابق ديفيد ميللر، الذي لام إدارة أوباما لأنها لم تظهر تفهماً مناسباً ل ldquo;بواعث الخوف لدى ldquo;الإسرائيليينrdquo;rdquo;، وهناك نصير آخر ل ldquo;إسرائيل أولاًrdquo;، وهو دنيس روس، الذي تولى ملف الشرق الأوسط خلال الجزء الأكبر من الولاية الأولى لأوباما، والذي نصح الرئيس بأن ينتهز فرصة رحلته إلى الشرق الأوسط ldquo;لكي يكون على اتصال مع الروح الإسرائيليةrdquo; .

وحسب استطلاع للرأي أجراه حديثاً معهد ldquo;ماغار موهوثrdquo; ldquo;الإسرائيليrdquo; وصحيفة ldquo;معاريفrdquo; العبرية، فإن 10% فقط من ldquo;الإسرائيليينrdquo; يشعرون بالرضا عن الرئيس الأمريكي، وفي الواقع، سبق أن اظهر استطلاع أجري في اكتوبر/تشرين الأول 2012 أن ldquo;الإسرائيليينrdquo; كانوا سيصوتون للمرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ميت رومني بنسبة 57%، مقابل 22% لأوباما .

وخلال استعدادات أوباما لرحلته، التقى بصورة منفصلة ممثلين للجماعتين العربية واليهودية في الولايات المتحدة، وفي حين حث المندوبون العرب الرئيس على أن يستغل رحلته كفرصة من أجل دفع وتقدم مفاوضات السلام، فإن الزعماء اليهود نصحوا الرئيس بأن يمتنع عن طرح أية مبادرة سلام . وقد حذروا من أن ldquo;الإسرائيليينrdquo; سوف ldquo;يتخذون موقفاً عدوانياًrdquo; إذا ما حثهم أوباما على أن يقوموا ب ldquo;خطوات قاسيةrdquo; من أجل السلام . ومما يدعو للسخرية، هو أن هؤلاء الزعماء أنفسهم حثوا أوباما على أن يكون مستعداً وحازماً لكي يفعل كل ما هو ضروري لوقف الطموحات النووية لإيران . وبكلمات أخرى، فإن ldquo;أنصار ldquo;إسرائيلrdquo; أولاًrdquo; أرادوا أن يسيطر النزاع، وليس السلام، على جدول أعمال الرئيس خلال رحلته .

وهذا تكرار دقيق للاستراتيجية التي طبقها قبل 20 سنة رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo; اسحق شامير، والتي جرت في النهاية الولايات المتحدة إلى حرب مع العراق . وفي ذلك الحين، مارست ldquo;إسرائيلrdquo; الخداع بشأن العراق، ويتبين الآن أيضاً أنها كانت تخادع بشأن إيران طوال العشرين سنة الماضية، وفي وقت يعود إلى العام ،1992 اقترح بنيامين نتنياهو على الولايات المتحدة أن تقود ldquo;جبهة دوليةrdquo; لمنع إيران من أن تصبح قوة نووية ldquo;في غضون ثلاث إلى خمس سنواتrdquo; . وفي العام ذاته، صرح وزير الخارجية ldquo;الإسرائيليrdquo; آنذاك شمعون بيريز للتلفزيون الفرنسي بأن من المتوقع أن تصبح إيران قادرة على صنع قنبلة نووية بحلول العام 1999 . وفي عام 1995 سرب مسؤولون ldquo;إسرائيليونrdquo; إلى صحيفة ldquo;نيويورك تايمزrdquo; تقديرات تقول إن إيران ستصبح قادرة على تجميع قنبلة نووية بحلول العام 2000 . وأحدث ldquo;تأكيدrdquo; ldquo;إسرائيليrdquo; هو الذي قدمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، حين عرض رسماً توضيحياً ليزعم أن إيران ستنتج خلال فترة ستة أشهر فقط ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية . في الحقيقة، على الرئيس الأمريكي ألا ينسى أن السلاح النووي في الشرق الأوسط ولد في ldquo;إسرائيلrdquo;، وليس في العراق، ولا في إيران .

سراب السلام

في موقع ldquo;كومون دريمسrdquo;، كتب ميكو بيليد، الذي يعد أحد ldquo;نشطاء السلامrdquo; في ldquo;إسرائيلrdquo;، مقالاrdquo; بعنوان ldquo;أوباما لن يأتي بالسلام إلى فلسطينrdquo;، نشره قبل يوم من وصول أوباما إلى المنطقة، وقال فيه:

إذا كان الرئيس باراك أوباما يريد تحقيق تقدم في مسألة فلسطين - ldquo;إسرائيلrdquo;، فإن ذلك يستوجب مطالبته ldquo;إسرائيلrdquo; بأن تتوقف عن انتهاك الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، وتفرج عن آلاف السجناء السياسيين الذين تعتقلهم في انتهاك للقانون الدولي، وترفع حصارها عن غزة، وتتوقف عن قتل مدنيين فلسطينيين عشوائياً .

ولكن بسبب الخوف من عقاب سريع ومؤلم من قبل اللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo;، لن يقال أي شيء عن هذه المسائل - دع عنك المطالبة بها - على الرغم من أنها موثقة جيداً ومعروفة على نطاق واسع . وهكذا، فإن رحلة أوباما إلى ldquo;إسرائيلrdquo; لن تعرض أي حل لصراع فلسطين - ldquo;إسرائيلrdquo; .

والمسألة الفلسطينية - الإسرائيليةrdquo; هي مسألة سامة لن يرغب أي رئيس أمريكي عاقل في تطهيرها . وهي مسألة أصبحت حلقة مفرغة من الخداع وازدواجية المعايير، مسألة ستلوث أي سياسي أمريكي يحاول تنقيتها . والمرء يمكن أن يكون واثقاً في أن الرئيس أوباما، الذي يعي ذلك تماماً، سيتجنب التورط في هذه المسألة خلال ولايته الثانية - كما فعل في ولايته الأولى .

وبرغم زيارته إلى رام الله في الضفة الغربية خلال رحلته، ليس هناك من شك في أن باراك أوباما سيستمر في الوقوف خلف ldquo;إسرائيلrdquo;، ويركز جهوده كرئيس على مسائل أخرى غير مسألة فلسطين/rdquo;إسرائيلrdquo; .

يقول الموقف الأمريكي الرسمي حول المسألة الفلسطينية - ldquo;الإسرائيليةrdquo; إنه يجب تسويتها في إطار حل دولتين، ولكن من دون أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على أي من الطرفين لكي يتوصلا إلى حل، ذلك أن الضغوط التي مارسها اللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo; على السياسيين في الولايات المتحدة خلقت واقعاً أصبح معه انتقاد ldquo;إسرائيلrdquo; بمثابة انتحار سياسي .

والسفير ldquo;الإسرائيليrdquo; لدى الولايات المتحدة مايكل اورين، الذي يقوم بدور مفتش عام اللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo;، صرح حديثاً خلال البرنامج التلفزيوني الساخر ldquo;ذي كولبيرت ريبورتrdquo; (الذي تبثه شبكة ldquo;كوميدي سنترالrdquo;) بالقول: ldquo;ليس هناك مسائل كثيرة يجمع كلا الحزبين (في أمريكا) على دعمها، والمسألة الحقيقية التي تحظى باجماع الحزبين هي دعم ldquo;إسرائيلrdquo; .

وrdquo;دعم إسرائيلrdquo; يعني إعطاء شيك على بياض . ومن الواضح أن اورين يتفاخر بهذا الخصوص، لأن أسلوب محاكم التفتيش الذي يتبعه قد حقق له نجاحً تاماً . لا عجب إذن أن يكون التصويت الوحيد حول هذه المسألة في واشنطن هو تصويت منحاز إلى ldquo;إسرائيلrdquo; .

إن ثمن النجاح على الساحة السياسية في الولايات المتحدة هو التصفيق، والتشجيع، ودفع الأموال ل ldquo;إسرائيلrdquo;، لكي تفعل ما تشاء - مهما يكن متهوراً ومدمراً - وتجاهل محنة الفلسطينيين . وقد كانت هذه هي الحال قبل الانتخابات ldquo;الإسرائيليةrdquo; الأخيرة، والآن وقد أظهرت نتائجها بوضوح أن ldquo;الإسرائيليينrdquo; غير مهتمين بحل المسألة الفلسطينية، فإن أوباما سيكون قد وقف ضد الناخبين ldquo;الإسرائيليينrdquo;، وكذلك ضد اللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo; في الولايات المتحدة، لو حاول أن يفعل شيئاً لم يجرؤ أي رئيس أمريكي حتى على التصريح به، وهو تحقيق السلام والعدالة للفلسطينيين .

إن الأمل بأن تكون الولاية الثانية لأوباما مختلفة عن ولايته الأولى بشأن هذه المسألة، مجرد أمل ساذج . وأي حل عادل للمسألة الفلسطينية - ldquo;الإسرائيليةrdquo; لن يأتي من رئيس أمريكي، كما لن يأتي في رئيس وزراء ldquo;إسرائيليrdquo;، إن حل هذا الصراع لا يمكن أن يأتي إلا كنتيجة لسقوط الدولة الصهيونية، بشكل لا يختلف عن سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا .

مضيعة للوقت

في موقع ldquo;سلايتrdquo;، أشارت الصحافية الأمريكية جنين زكريا إلى أنه خلال الولاية الأولى لأوباما، كان نتنياهو قد أهان الرئيس الأمريكي علناً، وساند منافسه ميث رومني في انتخابات الرئاسة، واعاق أي تقدم في عملية السلام . وعلقت زكريا، التي سبق أن عملت مراسلة لصحيفة ldquo;واشنطن بوستrdquo; في ldquo;إسرائيلrdquo;، ومديرة لمكتب صحيفة ldquo;جيروزاليم بوستrdquo; العبرية في واشنطن، بالقول إنه يجب ألا تكافئ أية إدارة أمريكية مثل هذا السلوك، حتى إذا كان صادراً عن حليف . وكتبت تقول: إيران تواصل تسريع برنامجها النووي . والحرب الأهلية الرهيبة في سوريا تستعر وتنعكس عبر الحدود . وبعد سنتين من إسقاط حسني مبارك، تبقى العملية الانتقالية في مصر غامضة في أفضل الأحوال . ولكن ما هو ldquo;أهم من كل ذلكrdquo;، حسب نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودس، هو أن ينتهز الرئيس أوباما فرصة هذه الرحلة من أجل أن ldquo;يتحدث مباشرة إلى الشعب ldquo;الإسرائيليrdquo;rdquo; .

وأنا أفهم منطق من خرج بفكرة قيام الرئيس بزيارة ldquo;إسرائيلrdquo;: فليذهب أوباما لكي يطمئن ldquo;الإسرائيليينrdquo; إلى أنهم يحظون بمساندته في موضوع إيران، ويثبت أنه لا يفضل العرب عليهم (بعد أن ترك هذا الانطباع في ولايته الأولى عندما زار القاهرة ولكن من دون أن يتوقف في تل ابيب)، ويؤدي الاحترام عند مدافن ldquo;الإسرائيليينrdquo; الذين سقطوا في الحروب، ويعترف بوقائع تاريخية مختلقة تربط اليهود بالأرض، ويؤكد ل ldquo;الإسرائليينrdquo; أنه معجب حقاً ببراعتهم الفائقة في التكنولوجيا . وعندئذ، ربما يشعر ldquo;الإسرائيليونrdquo; بميل أكبر إلى السلام مع الفلسطينيين، لعلمهم بأن علاقتهم متينة مع أهم حليف لهم .

ولكن هذه الزيارة، من حيث التوقيت والسيناريو، غير مفهومة . فهي مضيعة لوقت أوباما في لحظة ليس لديه وقت يمكنه اهداره . وأكثر من ذلك، هذه الزيارة تحرق رأسمالا سياسياً أمريكياً ثميناً من دون مسوغ .

وقد قال البيت الأبيض إن الرئيس ذهب لكي يستمع إلى ما تخطط له الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; المعينة حديثاً . وإليكم عرضاً سريعاً لبعض من هذه الخطط: وزير الدفاع موشيه يعلون يريد ضرب إيران، بينما وزير الاسكان يوري ارييل يريد بناء مستوطنات جديدة . وإذا كان أوباما يرغب في التحدث بشأن مسألة الزام اليهود المتشددين بالخدمة العسكرية في الجيش ldquo;الإسرائيليrdquo;، أو أسعار الشقق في تل أبيب، فسوف يجد جمهوراً يصغي ويستجيب . فهذه المسائل الهامشية نسبياً هي التي هيمنت على الانتخابات الأخيرة في ldquo;إسرائيلrdquo;، وليس مسألة مستقبل الفلسطينيين .

ومن السهل فهم لماذا يريد البيت الأبيض تجنب النزاعات الفلسطينية - ldquo;الإسرائيليةrdquo; الشائكة حول القدس، والمستوطنات، واللاجئين . إذ إن رؤساء أمريكيين سابقين استهلكوا الكثير جداً من الوقت والطاقة حول هذه المسألة، وفشلوا بشكل بائس . وآخر مرة حاول فيها أوباما تحديد بعض المبادئ المرجعية بشأن الحدود (عندما تحدث عن حدود 1967)، تلقى توبيخاً علنياً من نتنياهو .

في ايجاز للصحافيين عشية مغادرة أوباما واشنطن إلى الشرق الأوسط، قال رودس إن الولايات المتحدة ldquo;ستواصل دائماً الانخراط في عملية السلام سعياً لتحقيق تقدم إلى الأمامrdquo; . وهذا يوضح بجلاء مدى تراجع أوباما عن طموحاته الكبيرة منذ سبتمبر/أيلول ،2010 عندما قال إنه يعتقد أن من الممكن تحقيق السلام في غضون سنة .

هوامش

(1) تعبير ldquo;أنصار إسرائيل أولاrdquo;

(Israeli Firsters) مصطلح يستخدم في وسائل الإعلام الأمريكية للدلالة على أولئك الأمريكيين اليهود الذي يكون همهم الأول في السياسات الأمريكية هو تأثيراتها وانعكاساتها بالنسبة ل ldquo;إسرائيلrdquo; .

. . ولماذا لا يعتذر نتنياهو عن حصار غزة؟

خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخيرة إلى ldquo;إسرائيلrdquo;، اتصل رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo; بنيامين نتنياهو بنظيره التركي رجب طيب أردوغان ليقدم له اعتذاراً في ما يتعلق بحادثة سفينة المساعدات الإنسانية ldquo;مافي مرمرةrdquo; . وبمعزل عن اشكالية وضبابية الاعتذار، فإن المسألة الأهم - وهي الحصار المفروض على غزة - بقيت موضع تجاهل . وهذا موضوع ناقشه الباحث الأمريكي هوان كول، وهو أيضاً مؤرخ للشرق الأوسط وجنوب آسيا، في مقال نشره في موقع ldquo;زي نتrdquo;، ورأى فيه أن المسألة الأهم التي يجب أن يعتذر عنها نتنياهو هي حصار غزة، وكتب يقول:

ldquo;إسرائيلrdquo; تزعم أن الحصار ldquo;إداة حربrdquo; رغم ما تخلفه من كوارث

النجاح الدبلوماسي الوحيد الذي حققته زيارة الرئيس أوباما إلى ldquo;إسرائيلrdquo; والأراضي الفلسطينية والأردن - وهي زيارة شكلية في الدرجة الأولى - كان الاعتذار الشكلي الذي قدمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى نظيره رجب طيب أردوغان عن مقتل تسعة رعايا اتراك، أحدهم كان يحمل الجنسية الأمريكية أيضاً، على متن سفينة المساعدات الإنسانية ldquo;مافي مرمرةrdquo; التي كانت تحاول إغاثة الفلسطينيين في غزة عام 2010 .

وحسب نص الاعتذار كما أوردته صحيفة ldquo;الغارديانrdquo; ldquo;أوضح رئيس الوزراء (نتنياهو) أن النتائج المأساوية في ما يتعلق بالسفينة ldquo;مافي مرمرةrdquo; كانت غير متعمدة، وأن ldquo;إسرائيلrdquo; تعبر عن الأسف للإصابات وخسائر الأرواح . وفي ضوء التحقيق ldquo;الإسرائيليrdquo; في الحادثة، الذي دل على حدوث اخطاء عملانية، اعتذر نتنياهو إلى الشعب التركي عن أية اخطاء قد تكون أدت إلى خسائر في الأرواح ووافق على استكمال الاتفاق بشأن تعويضاتrdquo; .

ويبدو أن أردوغان قبل الاعتذار على مضض (ldquo;إسرائيلrdquo; سوف تدفع 6 ملايين دولار على وجه التقريب إلى عائلات الضحايا) . واتفق الزعيمان على إعادة علاقات دبلوماسية طبيعية بين البلدين، علماً بأن أردوغان صرح في وقت لاحق بأن تطبيع العلاقات سيكون عملية تدريجية .

من جهتها، أثنت إدارة أوباما على الاعتذار، وعلى التقدم نحو تصحيح العلاقات ldquo;الإسرائيليةrdquo; - التركية، ورأت في هاتين الخطوتين مكسباً . وحيث إن تركيا عضو في حلف الأطلسي، فقد كانت تمنع ldquo;إسرائيلrdquo; من حضور بعض اجتماعات الحلف (ldquo;إسرائيلrdquo; ليست عضواً في الحلف، ولكنها كثيراً من كانت تشارك في مجالسه، وهو ما تستطيع تركيا منعه بحكم كونها عضواً) .

إن ما يثير الدهشة في كل ذلك هو أن أحداً لا يتحدث عن السبب الذي كانت السفينة ldquo;مافي مرمرةrdquo; متوجهة إلى غزة من أجله والذي كان وراء هجوم الكوماندوس ldquo;الإسرائيليينrdquo; على السفينة، وصعودهم إلى متنها واطلاقهم النار .

هذا السبب هو أن ldquo;إسرائيلrdquo; فرضت حصاراً غير مشروع على السكان المدنيين في غزة . ويمنع الحصار تصدير معظم ما ينتجه الفلسطينيون، ما يحرمهم من أسواق تصدير . ويعيش في غزة 7 .1 مليون فلسطيني فقط، معظمهم سقطوا في فقر مدقع نتيجة للسياسة ldquo;الإسرائيليةrdquo;، ولهذا فإنهم لا يشكلون سوقاً داخلية ذات شأن . ويتذرع ldquo;الإسرائيليونrdquo; بأنهم يخنقون غزة لدواع أمنية . ولكن كيف يمكن أن يشكل تصدير سلع من غزة تهديداً للأمن ldquo;الإسرائيليrdquo;؟ لقد سبق أن أقر مسؤولون ldquo;إسرائيليونrdquo; بالحقيقة، عندما أعلنوا عن فرض ldquo;حمية غذائيةrdquo; على الفلسطينيين، وناقشوا بصور ة تثير الفزع مسألة ما هو أقل مقدار من الغذاء يمكن السماح به لسكان غزة من دون التسبب بمجاعة على نطاق واسع .

هذه السياسة لا يمكن وصفها إلا بالفاشية، وهي تعيد إلى الأذهان أسوأ أنواع التجارب الطبية التي أجريت على بشر في الثلاثينات .

وحيث إن تركيا ترفض (بحق وشجاعة) الحصار ldquo;الإسرائيليrdquo; على مدنيي غزة، يرجح أن تبقى علاقاتها الدبلوماسية الفعلية مع ldquo;إسرائيلrdquo; عكرة . ويزعم ldquo;الإسرائيليونrdquo; أن فرض حصار هو إداة حرب معترف بها في القانون الدولي . ولكن في الواقع، غزة ليست بلداً مستقلاً حتى تكون ldquo;إسرائيلrdquo; في حالة حرب معه . غزة تخضع لاحتلال ldquo;إسرائيلrdquo;، وميثاق جنيف لعام 1949 حول معاملة المدنيين في المناطق المحتلة يحظر على وجه التحديد مثل هذه الاجراءات العقابية . لأن ldquo;الإسرائيليينrdquo; أوقفوا تشغيل المرفأ، وقصفوا المطار ودمروه بالكامل .

وفي الخريف الفائت، كتبت في مقال: ldquo;كان للحصار الغذائي تأثيرات فعلية . إذ إن نحو 10% من الأطفال الفلسطينيين دون سن الخامسة في غزة عانوا إعاقة نمو بسبب سوء التغذيةrdquo; .

ووجد تقرير حديث العهد لمنظمة ldquo;انقذوا الأطفالrdquo; أنه إضافة إلى اعاقة نمو الأطفال، انتشر مرض الأنيميا، فقر الدم، على نطاق واسع، بحيث أثر في أكثر من ثلثي الرضع، و6 .58% من أطفال المدارس، وأكثر من ثلث الأمهات الحوامل .

ألا تجعلنا هذه الأرقام نرغب في أن نفعل شيئاً من أجل أولئك الأمهات والأطفال؟ ألا تعصر هذه الأرقام قلب كل شخص؟

برغم أن الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; خففت حصارها - تحت ضغط دولي - بصورة طفيفة عام ،2010 بحيث لم تعد المواد الغذائية محظورة، إلا أنها لاتزال تفرض قيوداً على الواردات إلى غزة، بينما حظرها على الصادرات القى بالفلسطينيين في بطالة على مستوى كساد اقتصادي، ما يعرض للخطر قدرتهم على شراء الغذاء حتى عندما يكون متوفراً .

وقد توقع تقرير أصدرته الأمم المتحدة في فبراير/شباط الفائت أنه إذا لم تغير ldquo;إسرائيلrdquo; سياساتها تجاه غزة، فإن القطاع سيصبح غير صالح للسكن بحلول العام ،2020 عندما سيبلغ عدد السكان على الأرجح 1 .2 مليون .

يجب على ldquo;إسرائيلrdquo; أن تنهي فوراً هذا الحصار الجائر على الفلسطينيين، الذين يشكل الأطفال نصفهم . وإذا كان أوباما يعتقد أن العلاقات ldquo;الإسرائيليةrdquo; - التركية يمكن أن تكون سليمة من دون رفع هذا الحصار، فهو مخطئ .