علي حماده

كان يفترض ان تكون استقالة الرئيس نجيب ميقاتي مصدرا لارتياح كبيرفي البلد. والحقيقة ان حكومة ميقاتي، او قل حكومة quot;حزب اللهquot; كانت بلغت نهاياتها، ووصلت الى افق مسدود على كل الصعد، حتى قيل ان البلاد انهارت بين يدي ميقاتي، فقد كان من المستحيل تشكيل حكومة اسوأ من الحكومة المستقيلة، وبمرجعية اسوا من مرجعتيها، اي quot;حزب اللهquot; والنظام في سوريا. أحدهما اكثر سوءا من الآخر. وكلاهما مشروع حروب اهلية متنقلة في لبنان وسوريا وسائر المنطقة.
كان يفترض ان تشكل استقالة ميقاتي، وتكليف تمام سلام، الشخصية الميثاقية الوطنية الهادئة مناسبة لجمع ما يمكن جمعه لبنانيا، ومنع سقوط البلاد في محظور الاقتتال الداخلي. لكن ما جرى لاحقا اعاد لبنان الى الخلف، اي الى معادلة حكومة الرئيس ميقاتي السيئة الذكر. فقد حصل تعطيل في تشكيل الحكومة، وعرقلة واضحة على قاعدة ان quot;حزب اللهquot; ومن معه يريدون اعادة عقارب الزمن الى الوراء بتشكيل حكومة تعطيل جديدة عبر رفض مقترح تشكيل حكومة حيادية تريح البلاد، وتتفرغ لمصالح الناس الحيوية، وتنجز انتخابات بشفافية وسلاسة. وما زاد من تعقيدات الوضع ان quot;حزب اللهquot; عطل تشكيل الحكومة الجديدة بشروط غير منطقية، ونسف امكانية التوصل الى قانون انتخاب جديد يراعي هواجس جميع مكونات البلد. وهذه لا تقتصر على العونيين او المسيحيين. ثم جرى نسف quot;اعلان بعبداquot; الذي وقعته كل القوى السياسية بما فيها quot;حزب اللهquot;، و ينص على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة و لا سيما سوريا . و حصل العكس و صار quot;حزب اللهquot; جزءا اساسيا من القتال في سوريا، و تورطه مرشح للتزايد يوما بعد يوم.

بعد هذا كله، صار تشكيل حكومة في ظل تورط الحزب المذكور في الدماء السورية، ومثلها اجراء الانتخابات النيابية التي لن تحصل في كل الاحوال، وخصوصا ان الفشل في تشكيل حكومة جديدة يمهد حكما ومنطقيا لتأجيل الانتخابات. واذا لم يكن في حسابات quot;حزب اللهquot; الدفع نحو فراغ على مستوى مجلس النواب، فإن افضل السيناريوات يكون بتأجيل الانتخابات لسنة، و بالتالي تمديد ولاية المجلس الحالي سنة اضافية على الاقل.
نحن اذا امام حقيقتين ترتسمان في المدى المنظور: لا حكومة في الوقت الراهن ما دام quot;حزب اللهquot; غارقا في دماء الشعب السوري كما هو الحال راهنا، و لا انتخابات ولا ضمانات مؤكدة بعدم حصول فراغ في السلطة التشريعية، ولا سيما ان ثمة من بدأ يطرح في دوائر مغلقة ان لبنان صار بحاجة الى نظام جديد ينبثق من ميثاق جديد يأخذ في الاعتبار متغيرات طرأت على الخريطة السياسية والامنية في المرحلة الاخيرة . هذا ما يسميه البعض quot;المؤتمر التأسيسيquot;. بمعنى آخر نسف الصيغة في مرحلة تبدو فيها حدود quot;سايكس- بيكوquot; في طريقها للسقوط من العراق، الى سوريا فلبنان.
البداية هنا: لا حكومة ولا انتخابات.