بيروت

سيطر الفلتان على الوضع الأمني في مدينة طرابلس الشمالية اللبنانية أمس، من دون أن تتمكن القوى السياسية في المدينة من إعادة ضبط مسلحي منطقة جبل محسن ذات الأكثرية العلوية وباب التبانة ذات الأكثرية السنية، ما أدى الى انكفاء جزئي لوحدات الجيش الذي تعرض لإطلاق نار منذ بداية الجولة الأخيرة من الاشتباكات التي شلّت المدينة وروّعت أهلها، وخلّفت ضحايا وأضراراً.

وإذ سقط في اشتباكات أول من أمس وفجر أمس زهاء 6 قتلى وأكثر من 30 جريحاً، إضافة الى ضحايا الأيام الأربعة السابقة، باتت القيادات السياسية والأمنية على قناعة بأن ما يسمى laquo;قادة المحاورraquo; القتالية خرجوا عن السيطرة وباتوا يتصرفون من دون رادع، بعد أن عقد نواب المدينة اجتماعات عدة معهم وسعوا الى وقف النار من دون نتيجة.

وفيما أفادت بعض المعلومات أن قصف ليل أول من أمس والذي طاول أحياء داخلية في المدينة، كان الأعنف ورفع عدد الجرحى بين جنود الجيش الى 39، انتقل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى المدينة وعقد اجتماعاً مع نوابها ووزرائها شارك في جانب منه وفد من هيئات المجتمع المدني التي قامت خلال الأيام الماضية بتحركات للمطالبة بوقف العنف المستشري فيها.

وأكد ميقاتي أن طرابلس laquo;ليست مكسر عصا ولا صندوق بريد ولا ساحة لتصفية الحساباتraquo;، مشيراً الى laquo;تحويلها الى ساحة لتنفيس الاحتقان عن كل لبنان والمنطقةraquo;. وقال إن المدينة laquo;أصبحت منكوبة وما يحصل بلغ حد الجنونraquo;، ورأى أن laquo;المسؤولية جماعية في وقف انزلاق طرابلس الى الواقع المرير وليس لدينا خيار سوى الرهان على الجيش وكل استهداف للجيش محاولة لاستهداف السلم الأهلي، والمؤامرة ضد طرابلس هي إحراج الجيش تمهيداً لإخراجه من المدينة وإخلاء الساحة للقتالraquo;.

وحذّر زعيم تيار laquo;المستقبلraquo; الرئيس سعد الحريري في بيان له مساء من laquo;إن أدوات الفتنة تتحرك على وقع الأحداث في سورية وتريد من القتال الدائر في طرابلس أن يشكل غطاء لحرب حزب الله والنظام السوري ضد مدينة القصير وبلدات ريف حمص، بالقدر الذي تعمل فيه على إغراق طرابلس في جولة جديدة من حروب الأحياء، التي لا وظيفة حقيقية لها سوى المزيد من الضحايا والخراب والدمار وإبقاء البلاد برمتها تحت رحمة الانهيارات الأمنية وتحت رحمة السلاح الذي يتولى laquo;حزب اللهraquo; مهمة نشره وتوزيعه في طرابلس وغير طرابلسraquo;. وأضاف: laquo;إن طرابلس التي كانت على الدوام رأس حربة في مواجهة المشاريع الغريبة والمشبوهة لن تنجح محاولات النظام السوري وأتباعه في النيل منهاraquo;. وناشد laquo;أبناء طرابلس عدم الوقوع في فخ مواجهة السلاح بالسلاحraquo;، وraquo;مؤازرة القوى الأمنية والعسكريةraquo;، لافتاً الى أنه على رغم بعض الاعتراضات على أداء هذه القوى لا يجوز التعرض لها والتشكيك بدورها.

ودعا الحريري الجيش اللبناني الى تحمل مسؤولياته في ردع أدوات الفتنة ومكافحة تهريب السلاح الثقيل الى جهات معروفة تعمل بإمرة النظام السوري وأتباعه. وأكد أن الجيش laquo;قادر على إنهاء محنة أبناء طرابلس ولو اضطره الأمر الى استعمال القوة ضد الخارجين على القانون والعاملين على نشر الفوضى والفتنةraquo;.

وتحدث وجهاء في المدينة عن مساهمة التصريحات النارية الصادرة من مسؤولين في laquo;الحزب العربي الديموقراطيraquo; في جبل محسن بموازاة خوض الجيش السوري النظامي و laquo;حزب اللهraquo; معارك اقتحام مدينة القصير السورية، وتناغم مجموعات مسلحة في باب التبانة بتصرفاتهم المتطرفة وإطلاقهم النار معها، في تأجيج الوضع في المدينة.

وينتظر أن يعقد اليوم اجتماع بين ميقاتي ورئيسي الحكومة السابقين عمر كرامي وفؤاد السنيورة للبحث في الخطوات لوضع حد للفلتان في المدينة، خصوصاً أن أسلحة ثقيلة جديدة ظهرت خلال الاشتباكات ما يدل على تمويل وتسليح للمجموعات المتقاتلة. وينتظر أن يقترح الثلاثة خطة سياسية لمعالجة الوضع.

وأبدى عدد من السفراء قلقهم من اشتباكات طرابلس، لا سيما السفيرة الأميركية مورا كونيللي والسفير الفرنسي باتريس باولي.

واستمرت تداعيات مشاركة laquo;حزب اللهraquo; في معارك القصير السورية في إشغال جزء من المشهد السياسي اللبناني، إذ شيع الحزب مزيداً من مقاتليه في عدد من القرى الجنوبية والبقاعية وفي منطقة جبيل. وأكد السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي أن laquo;جبهة المقاومة لن تتفرج عندما تتعرض سورية لأي مكروه، خصوصاً من العدو الإسرائيليraquo;.

وعلى الصعيد السياسي، راوحت الاتصالات التي يجريها رئيس البرلمان نبيه بري من أجل التمديد للبرلمان سنتين مكانها. وجدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان موقفه بعدم موافقته على التمديد للبرلمان عامين، وأنه مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وإذا كانت هناك من أسباب قاهرة وأخرى تقنية، فإنه لا يمانع التمديد لمدة حدها الأقصى ستة أشهر على أن يصار الى وضع صيغة في هذا الخصوص تتضمن الأسباب الموجبة للتمديد ومنها إتاحة الفرصة لإقرار قانون انتخاب laquo;عصري ومتوازنraquo;، وفي حال تعذر الاتفاق على القانون لا بد من أن تعدل مهل الترشح من ضمن قانون 1960 باعتباره سيكون القانون الوحيد النافذ.

وفيما بدأ عدد من مرشحي laquo;التيار الوطني الحرraquo; تقديم طلبات ترشحهم على أساس قانون الستين أمس، أعلن وزير الطاقة جبران باسيل أن laquo;قانون الستين صفعة كبيرة لبكركي ولناraquo;. ودعا الى التصويت على laquo;الأرثوذكسيraquo; وعلى laquo;المختلطraquo; في مجلس النوابraquo;. واعتبر أن laquo;القانون المختلط يهدف الى التلاعب بالأكثرية الشعبية لتأمين أكثرية نيابية مزيفةraquo;.

وأكد أن laquo;تقسيم جبل لبنان الى محافظتين laquo;أشبه بحرب جبل أخرى ولن نقبل بهاraquo;. وقال: laquo;هناك نغمة جديدة خطيرة تقول إن لا تمديد ولا ستين بل الفراغraquo;، مؤكداً أن laquo;هذه النغمة تفترض عزل حزب الله ما سيؤدي الى فتنةraquo;. وسأل: laquo;لماذا لا نفكر بانتخابات بمدة قصيرة أي مجلس نيابي لسنتين أو سنة؟raquo;.