سميح صعب
اذا كان يصعب فصل حروب التصفية بين quot;داعشquot; من جهة وquot;الجبهة الاسلاميةquot; وquot;جبهة النصرةquot; في شمال سوريا وشرقها من جهة اخرى، عن اقتراب موعد انعقاد مؤتمر جنيف 2، يصير بديهيا البحث عن الوظيفة التي تؤديها هذه الحروب. ومن الواضح ان ثمة جهات اقليمية ودولية تريد ان تقدم القتال الدائر الآن على انه عبارة عن قتال quot;صحوات سوريةquot; لتنظيم quot;القاعدةquot; بجناحه العراقي واميره ابو بكر البغدادي.
بيد ان المسألة يكتنفها الكثير من الالتباس والغموض الذي يحتاج الى تفسيرات. ويمكن فهم ظروف نشوء quot;الجبهة الاسلاميةquot; وتمتعها بدعم دول الخليج العربي وتركيا وسعي اميركا الى فتح حوار معها. ذلك ان quot;الجبهةquot; هي البديل الميداني من quot;الجيش السوري الحرquot; الذي خرج من المعادلة العسكرية والسياسية. لكن غير المفهوم ان تنضم quot;جبهة النصرةquot; التي بايعت ايمن الظواهري، الى القتال ضد quot;داعشquot;! فهل ذلك مرتبط بمحاولة تغيير في سلوك الفرع السوري لـquot;القاعدةquot; وفق ما سعى الى الايحاء به اميرها ابو محمد الجولاني على قناة quot;الجزيرةquot; الشهر الماضي؟ لقد بدت المقابلة محاولة متعمدة لتحسين صورة الجولاني اكثر منها سبقا صحافيا.
ومع ذلك، ثمة تساؤل اساسي عن سبل استفادة الولايات المتحدة من الاقتتال بين الجهاديين في سوريا اليوم وما علاقة ذلك باقتراب موعد جنيف 2. فمن المعروف ان المسؤولين الروس يرون ان الخطر الذي باتت تشكله quot;القاعدةquot; على المنطقة انطلاقا من سوريا في اتجاه العراق ولبنان، يستوجب تغييرا في اجندة مؤتمر جنيف بحيث يركز على جهود محاربة الارهاب وليس على نقل السلطة. وزاد تفجيرا فولغوغراد الاقتناع الروسي. وتعتبر موسكو ان جهود النظام السوري اساسية في محاربة quot;القاعدةquot; تماما مثلما كان النظام شريكا في اتفاق التخلص من الاسلحة الكيميائية.
لكن القتال ضد quot;داعشquot;، وفّر الحجة لواشنطن كي تقدم quot;الجبهة الاسلاميةquot; بديلاً جهادياً من النظام يقاتل quot;القاعدةquot; في عقر دارها. ولا يعني ذلك ان المسعى الاميركي الجديد يمكن ان يقنع موسكو بأن العناصر الجهادية تحت أي ظرف يمكن ان تكون اقل تطرفاً من quot;القاعدةquot;. أما الولايات المتحدة التي لم يعد لديها من قوى فاعلة في الميدان السوري غير quot;الجبهة الاسلاميةquot; بمتطرفيها والاقل تطرفاً بعد تلاشي quot;الجيش السوري الحرquot; واقتراب الائتلاف الوطني من التفتت، فإنها تراهن على ان يكون هؤلاء رأس الحربة التي يمكن ان توصلها الى مبتغاها الاساسي في سوريا ألا وهو اسقاط النظام بأي ثمن من دون الاكتراث كثيراً للبديل. حدث مرة في افغانستان وها هو الآن يتكرر في سوريا!
التعليقات