بدر العامر

من التحديات التي تواجه القمة المرتقبة أنها تحتاج إلى قرارات حازمة تتجاوز كل الاعتبارات الخاصة للدول، فالناظر لما يجري في العالم وفي المنطقة يدرك أن كل عملية اتحاد وتعاون تقف ضد مشروع التقسيم والتفتيت للمنطقة

&


يبدو أن القمة المرتقبة هي قمة "استراتيجية"، تختلف في طبيعتها وسياقها التاريخي والظروف المحيطة بها عن أي قمة أخرى، فهي قمة تأتي بعد حالة من التوتر في العلاقات بين دول المجلس وبين الدوحة – على وجه التحديد – التي ستحتضنها بعد أن تم الاتفاق على الاشتراطات الخليجية لعودة العلاقات مع الدوحة، وهذا الأمر سيكون عاملا نفسيا ربما يؤثر في سير العلاقة بين دول المجلس.


التحديات الكبرى التي تعيشها المنطقة سوف يجعل "القمة الاستراتيجية" على المحك، فموجات الثورات العربية التي عمت في المنطقة، والخلاف في الموقف من القضية السورية، وصعود جماعات العنف والتطرف بشكل لم يسبق له مثيل، وانخفاض أسعار النفط، وتفكك سورية والمشكلات العويصة فيها، وضعف العراق وانكماشه عن دوره العربي في المنطقة، والتوتر في العلاقات مع الجماعات الإسلامية السياسية التي ركبت موجة الثورات العربية، وتغير الوضع في اليمن وصعود التيار الحوثي وسيطرته الشاملة عليه ورجوع قضية تقسيم اليمن إلى شمالي وجنوبي، وقيام القوى الإقليمية الجديدة في المنطقة، خاصة تركيا وإيران، واختلاف وجهات النظر حول الملف "الإيراني" وعلاقة دول الخليج بها كلها تحديات نوعية تجعل القمة تواجه صعوبات كبيرة.


الإشكالية الكبرى في موضوع "الوحدة الخليجية" هي أنها – فيما يبدو – لا تملك الرؤية الناجزة حول مفهوم "الاتحاد الخليجي"، خاصة في الملفات الكبرى السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهذا الذي جعل الاتحاد الكامل تأخر عشرات السنين، ولكن الوقت الآن لا يسمح بمزيد من التأخر عن إنهاء الملفات العالقة، خاصة حين جرّب الجميع ما جرى في البحرين والدور المفصلي لـ"درع الجزيرة"، الذي غير المعادلة في البحرين، وقضى على استحواذ إيران عليها، وهذا يجعلنا أمام تجربة مروعة لما قد يحصل لو تفردت بعض القوى ببعض الدول الخليجية دون أن يكون هناك اتفاقيات عسكرية وأمنية.


كما أن من التحديات التي تواجه هذه القمة، أنها تحتاج إلى قرارات حازمة تتجاوز كل الاعتبارات الخاصة للدول، وهذا يعني تدخل أطراف خارجية كثيرة محاولة الضغط لإفشال كل جهود أو توجه لإتمام المصالحة والتعاون، فالناظر لما يجري في العالم وفي المنطقة يدرك أن كل عملية اتحاد وتعاون هي تقف ضد مشروع التقسيم والتفتيت للمنطقة، وهذا سيخلق جهودا معاكسة لإثارة النزاعات من جديد وإغراء بعض الأطراف القابلة للاستقطاب من هنا وهناك إلى أن تكون عوامل إفساد بدلا من أن تكون عوامل إصلاح واجتماع ووئام.


إن الشعوب الخليجية بحاجة إلى مبشرات في جو الاحباطات والمشكلات التي تحيط بها من كل مكان، بحاجة إلى أمل يحدوها إلى الفرح في وقت الآلام والمشكلات والدماء والنزاعات والتلاوم والجو المشجون نفسيا، والتدمير الذي حصل في بعض البلاد المجاورة التي أصبحت مقلقة للشعور العام، وتخاف أن يأتي علينا ما أتى على غيرنا، فهم بحاجة إلى تطمينات وأمور ينظرونها مباشرة، ويحسونها واقعا بعيدا عن الاحباطات التي قد شعروا بها في قمم أخرى كانت المقررات فيها أقل من الآمال المعقودة.
&