&رائد صالحة

&تعانى الاستراتيجية الأمريكية في العراق وسوريا من عيب قاتل حيث ركز الرئيس الأمريكي باراك اوباما فقط على «إهانة» وتدمير تنظيم «الدولة الإسلامية» ولكنه استبعد مصالح الامن القومي الأمريكية الاخرى، وبغض النظر عن احتمال نجاح الادارة الأمريكية على المدى الطويل في حملتها الحالية الا ان النجاحات كانت محدودة ومعزولة في نفس الوقت عن المخاوف الامنية الحقيقية.
وقال خبراء أمريكيون أن النهج الأمريكي الحالي عزز على وجه الخصوص موقف إيران وقواتها المسلحة ووكلائها في العراق وسمح لجبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة بتوسيع سيطرتها ونفوذها في سوريا ومن المرجح ان تستمر الاخفاقات الأمريكية على المدى الطويل اذا تابعت ادارة اوباما أستراتيجيتها الحالية.


وقالت الدكتورة كيمبرلي كاغان رئيسة معهد دراسات الحرب في شهادة امام مجلس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أن استراتيجية الولايات المتحدة في العراق تتكئ على مزيج من القوات العراقية ووحدات التعبئة الشعبية الشيعية التى تم تدريبها على عجل لمحاربة « داعش» وعدد محدود من المتطوعين السنة والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس الإيراني.


واكدت الاستراتيجية الأمريكية تكمل الاهداف الإيرانية ربما بدون قصد ولكن المشكلة الحقيقية هي ان إيران تحاول توسيع استراتيجتها في العراق ومتابعتها في سوريا حيث انها خلقت في العراق هيكلا امنيا تقوده مليشيات مناهضة للولايات المتحدة ومدعومة من طهران، وتعمل جنبا إلى جنب وبشكل علني مع قوات الامن العراقية الامر الذي يتناقض مع المصالح الأمريكية على المدى الطويل ويرسخ النفوذ الإيراني في المنطقة.
وما تزال استراتيجية اوباما في سوريا غير واضحة حيث اقتصرت الجهود الأمريكية على عدد محدود من الغارات الجوية ضد «داعش» ومجموعة خراسان، وفي مناسبات نادرة تم ضرب جبهة النصرة ولم تتخذ الولايات المتحدة أي تدابير لاضعاف نظام الاسد عسكريا، ومن هذا المنطلق كما تضيف كاغان، يواصل الاسد ارسال المقاتلات الحربية والطائرات المروحية لتنفيذ هجمات بالبراميل المتفجرة وغيرها من الاعمال الوحشية ضد شعبه.
وما زال تنظيم « الدولة الإسلامية» يسيطر على الكثير من الاراضي في شرقي سوريا وذهبت الاراضي التى كانت بحوزة الجماعات المعتدلة التى تدعمها الولايات المتحدة في درعا والقنيطرة جنوب دمشق إلى جبهة النصرة.
ووفقا لقراءة معهد دراسات الحرب حول المسار الحالي في سوريا فانه من المرجح ان تؤدى الاوضاع الحالية إلى سيطرة جبهة النصرة وحلفائها من السلفيين على مناطق واسعة في جنوب دمشق وريف ادلب في حين سيحتفظ تنظيم «الدولة»على جزء كبير من وادي نهر الفرات، وسيواصل نظام الاسد القتال من اجل السيطرة على دمشق والطرق السريعة المؤدية إلى حماة اضافة إلى منطقة الساحل،اما المعارضة السورية المعتدلة المهمشة على ارض الواقع فهي غير قادرة على تشكيل المعركة بشكل محسوس بسبب اصرار اوباما على التعامل مع المشكلة بمعزل عن السياق العام للازمة.


وتعيد شهادة كاغان إلى الذاكرة سوء تقدير ادارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش للمشكلة العراقية قبل عام 2007 حينما اعتقد بان الدعوة لعملية سياسية شاملة مع تقديم المساعدة للقوات العراقية الوليدة سيحل المشكلة ولكن الادارة تورطت لاحقا في فخ التركيز على حماية مساحات صغيرة من الاراضي في حين تورطت القوات العراقية «الواعدة» بعمليات تطهير طائفية زادت من حجم المشكلة الاساسية.
وكما حدث مع ادارة بوش فإن ادارة اوباما تركز على التباهي باحراز تقدم في مناطق محدودة والتفاخر بالغارات الجوية التى تصيب مواقع «داعش» وهذه بالتاكيد مكاسب تكتيكية محدودة القيمة وربما تافهة كما قالت كاغان امام مجلس الشيوخ أمام امتداد الخطر الطائفي وزيادة النفوذ الإيراني وانتشار قواتها الامنية على الارض.
الخلاصة التى قدمتها كاغان إلى المشرعين الأمريكيين تتمحور حول ضرورة ان ترفع الولايات المتحدة من بصيرتها قليلا فوق تكتيكات القتال ضد « داعش « والبحث عن استراتيجية تحد من النفوذ الإيراني في المنطقة بدلا من مساعدة طهران في هذا الاتجاه وتطوير قوات الامن العراقية بشكل شامل بدلا من الاتكاء او غض الطرف عن الوحدات الطائفية التى ترتبط مصالحها مع المليشيات المسلحة وفيلق القدس اضافة إلى حث القبائل السنية في العراق مرة اخرى إلى العودة لطاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الحكومة التى تهيمن عليها المليشيات الشيعية في بغداد.
اما توصيات معهد دراسات الحرب فيما يتعلق بالاستراتيجية الأمريكية في سوريا فهي تركز على التاكيد على عدم السماح لتنظيم الدولة او جبهة النصرة باستقطاب السنة وعدم ترك الاسد في السلطة وطرد حزب الله اللبناني من سوريا وبناء معارضة سورية معتدلة قوية تضم ايضا الاكراد وابناء الطائفة العلوية،وهي اهداف تحاول تقديم وصفة افضل من حروب الوكالة الطائفية والاقليمية الحالية قبل ان تتكرر كارثة العراق إلى سوريا.


&