&خليل علي حيدر
&مشكلتنا مع النفط لا تنحصر في احتمالات نضوبه أو تدهور أسعاره فحسب، بل تمتد حتى إلى الماء الذي نشربه. فالكويت تنفق اليوم نحو 12% من النفط المنتج لتغذية محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء، فنحن نشتري كهرباءنا ومياه شربنا عن طريق المقايضة! وتتوقع بعض الدراسات أن ترتفع هذه النسبة لتبلغ نحو 50% بحلول عام 2050، أي بعد 35 سنة، وإلى جانب هذه الخسارة البترولية والمادية، حيث تنفق الدولة نحو مليار و300 مليون دينار كويتي سنوياً لتشغيل وصيانة هذه المحطات، يقول مدير أبحاث المياه في معهد الكويت للأبحاث العلمية عدنان أكبر، إن الأبحاث العلمية التي أجريت لمصلحة وزارة الكهرباء والماء في العام 2009، قد بيّنت أننا ندفع كذلك ثمناً بيئياً يهدد صحتنا، حيث إن «محطات تحلية المياه وتوليد الطاقة تنفث في الجو نحو 230 مليون طن من الانبعاثات الغازية (أكاسيد النتروجين والكبريت والكربون)، وهو ما يشكل تهديداً بيئياً خطيراً ينبغي الالتفات إليه والحد من آثاره، لاسيما أن دولة الكويت وسائر دول مجلس التعاون الخليجي ملزمة دولياً بالتقيد بكمية الانبعاثات الغازية التي تنتجها محطات التحلية وتوليد الكهرباء»، وذلك حسب ما ورد في مجلة «التقدم العلمي»، أكتوبر 2014.
وتعاني كل الدول الخليجية من ظاهرة هدر المياه العذبة، ففي دولة الإمارات، يقول باحث في أبوظبي، د. عمار سعد، «يبلغ متوسط استهلاك الفرد من المياه 550 لتراً من الماء العذب يومياً في حين أن متوسط استهلاك الفرد من المياه على مستوى العالم يراوح بين 170 و330 لتراً». وتقول المجلة الشهرية التي تصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، إن استخدام أنبوب المياه لغسل السيارة، وهي ظاهرة تمارس على نطاق واسع في الكويت ودول خليجية أخرى ، يستهلك من 60 إلى 100 جالون ماء، وأن الاستحمام باستخدام الدش يستهلك خمسة جالونات، وغسالة الملابس ما بين 20 و30 جالوناً. وقد يتساهل الكثير منا، مع عُطْل الصنبور ونقط الماء التي تنزل قطرة قطرة. ولكن الكمية هنا 34 جالوناً كل شهر!.
&
&وإذا افترضنا أن عدد سكان دولة ما ثلاثة ملايين نسمة يهمل 1% فقط من سكانها الصنبور الذي يقطر منه الماء، فإن الناتج على مستوى الدولة يكون مليونا و200 ألف جالون من الماء المهدر في الشهر، وأكثر من 12 مليون جالون سنوياً! أما هدر المياه عن طريق تلف الأنابيب تحت وفوق الأرض، أو صنابير الماء «المنسية» في البيوت والمؤسسات.. فلا حصر لها!
وفي صحيفة «القبس» تحذر الكاتبة «إقبال الأحمد» مثل غيرها ومنذ سنوات، من مخاطر هدر الماء بعد أن تصدرت الكويت والسعودية دول العالم في هذا المجال. فالفرد الواحد فيهما يهدر أكثر من 500 لتر يومياً من المياه وتضيف: «يقول الخبير الدولي إنه خلال السنوات الثلاث المقبلة ستنخفض حصة الفرد العربي من المياه العذبة إلى ما دون 500 متر مكعب بالسنة، ونحن في الكويت والسعودية نستخدم 500 لتر من المياه يومياً. ما عليكم سوى أن تصفّوا 500 قنينة ماء سعة لتر واحد أمامكم لتتصوروا حجم الفاجعة التي نعيشه. فإذا كان في البيت خمسة أشخاص، ومن يعمل لديهم أربعة بين سائق وطباخ وخادم، يكون المجموع تسعة، في هذا البيت يستهلك يومياً 4500 لتر».
ونشرت «الوطن» أن الكويت «دخلت حزام الفقر المائي بعد أن جاءت في المركز الثاني ضمن قائمة تضم 15 دولة تواجه مخاطر نقص المياه وفق مؤشر مخاطر الأمن المائي الذي تصدره مؤسسة «مابل كروفت» البريطانية العالمية المتخصصة في بحوث المخاطر الدولية والذي شمل 162 دولة». وقد تصدرت موريتانيا القائمة، وجاءت في المركز الثالث والرابع الأردن ومصر. والعجيب أن العراق جاءت في المركز السابع والسعودية في المركز 13. وأضاف التقرير أن من بين دول «منظمة أوبك» هناك دول تواجه أقصى درجات المخاطر بسبب نقص المياه وهي الجزائر والكويت وليبيا والسعودية والإمارات. وفي هذه الأخيرة، حذرت هيئة البيئة في أبوظبي، في تقرير نشرته جريدة «الاتحاد» من أن الاستهلاك الكلي للمياه في الإمارة يزيد على الإنتاج الطبيعي بحوالى 26 مرة، فيما ستنضب موارد المياه الجوفية بالكامل خلال الـ 20 إلى الـ40 سنة المقبلة، إذا ما استمر الاستهلاك وفق المعدل الحالي. ويتراوح معدل استهلاك الفرد اليومي من المياه من 520 إلى 600 لتر، أي ضعف المعدل مقارنة بكثير من البلدان المتقدمة.
&
التعليقات