دحام العنزي
في بيونج يانج لا شيء فوق شخص الزعيم الذي يعدم بمجرد الشك. البعض يقول إن فصل الإنترنت عن كوريا الشمالية كان من الحليف القوي، الصين، بعد أن ضاقت بكين بتصرفات هذا الفتى المزعج
&
طيلة الأيام الماضية كانت كبريات وسائل الإعلام العالمية مثل CNN الأميركية وغيرها، تبث لوقت طويل يوميا قصة الهجوم الإلكتروني على شركة سوني اليابانية من قبل مهاجمين خبراء من كوريا الشمالية.
القصة عجيبة جدا شغلت الكثيرين، وتدور حول فيلم تدعمه "سوني" يتعرض لشخص الزعيم الكوري الشمالي الشاب كيم أون أيل، ابن الزعيم السابق كيم جون أيل، وحفيد مؤسس كوريا الشمالية.
قامت كوريا الشمالية بهجوم إلكتروني وقرصنة مما أدى إلى خسائر كبيرة وذلك لمنع توزيع الفيلم على دور السينما في "الكرسمس".
تحدث الرئيس الأميركي أوباما وبلهجة حاسمة وواضحة عندما أشار إلى أن الولايات المتحدة تأثرت كثيرا من هذا الهجوم، ولو كانت شركة سوني قد استشارته لتغيرت الأمور كثيرا. كان زعيم البيت الأبيض وشرطة العالم غاضبا جدا وهو يشير بأصابع الاتهام إلى النظام الكوري الشمالي رغم نفي الدولة الشيوعية الصغيرة للحادث جملة وتفصيلا، وألا علاقة لها بالهجوم الذي وقع على "سوني".
قال أوباما إن الرد الأميركي حتمي، ولكن القيادة الأميركية بعد أن تدرس كل الخيارات ستختار الوقت ونوعية الرد المناسبين.
ظهر مرة أخرى على شاشة الفوكس نيوز وأشار بيده بأسلوب المعلم الذي يتحدث إلى طلاب في فصل ابتدائي وقال: "إن أميركا سترد بما يتناسب مع حجم الأضرار التي وقعت تحديدا"، وكرر كلمة تحديدا عدة مرات في خطابه، وأشار أيضا إلى العبارة دون زيادة أو نقصان ثلاث مرات، أي أن العقاب الأميركي سيكون رد فعل مساويا لفعل الكوريين.
مرت أيام بعد هذا التصريح وكان الإعلام الكوري الشمالي نقلا عن القنوات العالمية يواصل نفي تبني العملية.
بداية اليوم الثالث وتحديدا عند الفجر تماما، أعلنت CNN مجددا أن كوريا الشمالية تعيش دون إنترنت منذ دقائق. هذا اليوم الثالث التي يتم فيه عزل "بيونج يانج" عن التواصل مع العالم عبر شبكة الإنترنت كما هي معزولة سياسيا، وترزح تحت عقوبات أميركية كثيرة ولجنة سداسية اخترعتها أميركا من أجل إخضاع "بيونج يانج" وابتزازها حين تريد.
أمس، أعلنت وسائل الإعلام العالمية ـ خاصة الأميركية التي نقلت الخبر على الهواء ـ أن الفيلم الذي يتعرض لحياة الرئيس الكوري الشمالي يعرض حاليا على دور السينما. الفيلم السينمائي قررت أميركا أن يتم بثه قبل الوقت المقرر له في أعياد الميلاد واختارت "الكرسمس إييف" نكاية بهذا الرئيس الغريب التصرفات.
يبلغ الرئيس الكوري الشمالي 31 عاما من العمر وهو الابن المدلل لذلك العجوز الثعلب كيم جون إيل "الرئيس السابق" الذي طالما قض مضاجع القادة الأميركين عبر حكوماتهم المختلفة عبر برنامجه النووي وتجارب الصواريخ البالستية، خاصة تلك القادرة على حمل رؤوس نووية.
دولة بحجم كوريا الشمالية وقيادتها ومخابراتها وعلماء البرمجيات فيها والاستعانة بعصابات الشبكة العنكبوتية؛ كل ذلك من أجل مهاجمة فيلم سينمائي يتحدث عن طفل "بيونج يانج" المدلل.
كنت أرى الإعجاب في عيون الكوريين وهم من "سيول" وليس "بيونج يانج" حين كنا طلابا في أميركا قبل عامين وهم يستمعون إليه يتحدث عبر التلفاز مهددا أميركا بقصفها بصواريخ نووية ما لم تحترم المناسبة الحزينة التي تمر بها الأمة الكورية "كان والده قد توفي وقتها قبل أيام في نهاية ٢٠١٢".
الشاب المدلل هذا يحظى بإعجاب كثير من الشباب الكوري الجنوبي رغم محاولة الغرب التعتيم على ذلك، لأنه يدعو كوالده إلى وحدة الأمة الكورية ودحر هيمنة الإمبريالية الأميركية.
الكوريون منقسمون إلى دولتين جنوبية وشمالية، لكن "سيول" تعدّ قاعدة أميركية بمعنى الكلمة، وحليفتها اليابان تناصب كوريا الشمالية وزعيمها الشاب العداء لدرجة أنه ذات يوم هدد بقصف طوكيو.
في صباح ليس ببعيد، في أكتوبر الماضي، أطلق نظام الزعيم الشاب تجربة إطلاق صاروخ ناجحة، ومر هذا الصاروخ فوق طوكيو ثم سقط في البحر.
ظهر بعدها "كيم أيل" الابن وقال: "إن الصاروخ كان من الممكن أن يسقط فوق طوكيو وليس في البحر"! لم تستطع أميركا إسقاط الصاروخ وعبر فوق أجواء اليابان وربما استطاعت رصده لكنها لم ترغب في اسقاطه ما دام سيسقط في البحر.
أثناء كتابة هذا المقال ابتدأ حضور افتتاح الفيلم السينمائي وتقول CNN إن التذاكر قد تم بيعها في كل دور العرض التي أصبحت 60 دار عرض أميركية بدلا من دار سينما واحدة كما كان مقررا.
العالم ينتظر حاليا ردة فعل الزعيم الكوري الشمالي الذي يتميز بالطيش والرعونة، خاصة بعد إعدام أقاربه كزوج عمته ومعلمه السابق وصديقته الجديدة عارضة الأزياء.
لا سلطة فوق سلطة هذا الشاب الثلاثيني في "بيونج يانج" ولا شيء فوق أو قبل شخص الزعيم الذي يعدم بمجرد الشك.
البعض يقول إن فصل الشبكة العنكبوتية عن كوريا الشمالية كان من الحليف القوي والجار الصيني بعد أن ضاق حكام بكين الجدد بتصرفات هذا الفتى المزعج.
هاجم قبل فترة عدة مدن حدودية تابعة لكوريا الجنوبية ودمرتها صواريخ الجيش الكوري الشمالي فأصبحت أثرا بعد عين، وهاجم في الوقت ذاته جزيرة قوام الأميركية بعدة صواريخ بالستية.
حاليا يبث هذا الفيلم قبل موعده. هذا الفيلم استدعى أن يظهر رئيس أقوى دولة في العالم ليهدد بتأديب كيم أيل الابن وجيشه. لا نعلم ما الذي سيحدث وكيف تتطور الأمور لكن المشهد مرشح لتصعيد أكبر وربما مواجهة مسلحة بين واشنطن و"بيونج يانج".
الزعيم الشاب في بعض لقطات الفيلم الساخر يدخن السيجار الكوبي وكبار جنرالات الجيش الكوري يركعون له وهو يلقي حديثه وبعض لقطات وهو يتحدث مع أشخاص آخرين.
&
التعليقات