مشاري الذايدي

حكاية laquo;داعشraquo; وlaquo;النصرةraquo; في سوريا لا ينقضي منها العجب.

laquo;النصرةraquo; تشكيل قاعدي ينتمي لفكر ومشروع أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، دخل في غفلة من الجميع إلى الساحة السورية بعد استفحال آلة القتل الأسدية، ومحاصرة الثورة السورية laquo;المدنية الوطنيةraquo;، وبعدما بلغت القلوب الحناجر.

لاحقا أسفرت laquo;النصرةraquo; عن جوهرها الديني المتطرف، وطبيعة مشروعها في سوريا، وهو مشروع لا يقف عند واجب النصرة للمستضعفين في سوريا، بعدما خذلهم العالم كله، بل إنه مشروع laquo;شاميraquo; يتخذ من هذه المحطة نقطة انطلاق نحو تحقيق المشروع القاعدي الأصولي في عموم المنطقة، وتم تجاهل بطولات الجيش الحر وبقية التشكيلات السورية الوطنية المحلية، وكان النظام طبعا فرحا بهذا التحول الجديد، لأنه يجعله مجرد حام للعالم المتحضر من برابرة الإرهابيين.

ظننا أن النصرة هي قمة القمة أو منحدر المنحدر في التطرف الأصولي، حتى شرف تنظيم داعش، أو دولة العراق والشام الإسلامية، في الساحة، وزاد شراسة عن النصرة، وقتل وفجر ونحر وسبى وأقام إماراته الظلامية في كل مكان، واستقطب الأنصار من جميع أنحاء العالم، فهو يخاطب شعورا مريضا عميقا قديما في الوجدان الحاكم لكثير من شبان المسلمين الجهلة.

هذا هو التفسير الأساسي، والمزعج، لكيفية تضخم laquo;داعشraquo; في هذا الوقت الوجيز، بعيدا عن حديث المؤامرات ومن يقف خلف داعش من دول ومخابرات. ولا يعني هذا قطعا نفي دور المخابرات الإيرانية، وغيرها، ممن يحرصون على إفساد ثورة السوريين، كل لسببه الخاص.

ما يثير الدهشة هنا هو محاولة البعض حصر الانحراف بسوريا في جماعة داعش، وكأن جماعة النصرة والجولاني ينطلقون من خطاب وطني حضاري جامع!

بينما الفرق بين laquo;داعشraquo; وlaquo;النصرةraquo; هو فرق في من يحق له قيادة laquo;المشروع الشاميraquo; كما يسميه هكذا الواعظ السعودي يوسف الأحمد الذي تصدى لمجادلة laquo;داعشraquo; وتحديها بشأن قبول laquo;محكمةraquo; شرعية، تفصل بين laquo;المجاهدينraquo; بالشام، ومثل هذا الطرح قاله كثير من الوعاظ ومن يسمون الدعاة، ومنهم الأردنيان المقدسي وأبو قتادة.

انظر ماذا يقول قائد النصرة أبو محمد الجولاني، في رسالته الصادرة عن الذراع الإعلامية للجماعة، وهو يتحدث بحسرة عن مقتل رفيقه أبي خالد السوري.

بعد وصلة شتم لـlaquo;داعشraquo; المتهمة بقتله، وبعد تحفظ بارد على laquo;مبالغة داعشraquo; في تكفير خصومها ومنافسيها على الساحة، وافقهم الجولاني على مبدأ التكفير، لكن بطريقته هو، مكفرا قيادة laquo;الجيش الحرraquo; والائتلاف الوطني السوري المعارض، لأنهما يسعيان لـlaquo;تثبيت حكومة علمانية، والقضاء على مشروع إسلامي راشدraquo;، داعيا laquo;داعشraquo; لعرض القضايا الخلافية أمام laquo;العلماء المعتبرينraquo; على حد قوله، ومنهم laquo;المقدسيraquo;، وlaquo;أبو قتادة الفلسطينيraquo;، والسعودي laquo;سليمان العلوانraquo;.

إذن، فلا فرق بين laquo;داعشraquo; وlaquo;النصرةraquo; إلا في تحديد من له laquo;الولايةraquo; على الساحة، وما بقي مجرد تفاصيل.

هذا يعني خلاصة خطيرة، فكم داعشي ونصروي يدب بيننا في كل مجتمعاتنا المسلمة الآن؟ ربما كان حليق اللحية عصري المظهر.. هذا هو الداء المقيم.

هنيئا لبشار وخامنئي وبوتين بهؤلاء، وواأسفاه على شعب سوريا.