صالح القلاب

&


&وكأن «القطر العربي السوري» لا يحدث فيه كل هذا الذي يحدث وكأنه لا يعيش حالة التمزق هذه التي يعيشها وكأنه غير مهيمَن عليه من إيران ومن حزب الله ومن نحو خمسة عشر تنظيماً طائفياً مستوردة من العراق ومن جمهورية الولي الفقيه الإيرانية وأيضاً من باكستان وأفغانستان وكأن معظم مدنه الرئيسية من الـ»بوكمال» ودير الزور والحسكة والقامشلي والرقة وحلب وإدلب وحماه وحمص ودرعا.. إلى دمشق وضواحيها لم تصبح مدمرة وبات غالبية سكانها لاجئي خيامٍ إنْ داخل وطنهم وإن في ديار الغربة والشتات؟!.


فالقضاء السوري وجَّه مذكرة تبليغ إلى لبنان صادرة عن محكمة الجزاء في اللاذقية تطالب بتسليم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بتهمة النيل من هيبة الدولة السورية.. أليس هذا مضحكاً وشرُّ البلية ما يضحك.. فعن أي «هيبة» يتحدث هؤلاء وحال «القطر العربي السوري» هي هذه الحال التي «لا تسرُّ الصديق ولا تغيظ العدا»..؟!
ربما أن محكمة الجزاء في اللاذقية لا تعرف أن «الأمن المستعار» قد خرج أو أُخرج من لبنان منذ العام 2005 وأنه قد ولَّى ذلك الزمن الذي كان فيه أصغر ضابط في المخابرات أو الإستخبارات السورية يستدعي أكبر شخصية لبنانية ليشبعها إهانات وليهددها بالسجن وبالثبور وعظائم الأمور ويملي عليها ما يشاء!!.


في أول زيارة ،أو إستدعاءٍ، له إلى دمشق بعد إغتيال والده كمال جنبلاط في 16 آذار عام 1977 ذكر وليد جنبلاط بعد عودته أنَّ الرئيس السوري حافظ الأسد لدى لقائه به قال له وهو يطلق ضحكة «تشفٍّ» ذات معانٍ كثيرة :يا سبحان الله أنت تشبه والدك.. الخالق الناطق.. لقد كان يجلس على هذا الكرسي الذي تجلس عليه.. ولقد نصحته بأن يتوقف عن فعْل ما يفعله.. لقد نصحته بأن يعيد النظر بمواقفه تجاهنا.. لكنه لم ينتصح فحصل معه ما حصل.. إنني أتمنى أنْ لا تكرر الخطأ الذي إرتكبه والدك حتى لا يحصل معك ما حصل معه.. رحمه الله»!!.
إن هذا لم يعد وارداً الآن فزمن «الإستدعاءات» قد ولَّى وأغلب الظن أنه لن يعود وذلك مع أنَّ هذا النظام السوري الذي ،تحاشياً للغرق النهائي يحاول التمسك بزبد البحر، هو من يعطِّل ،من خلال وكلائه في لبنان وعلى رأسهم حسن نصر الله، عملية إنتخاب رئيسٍ لبنانيٍّ جديد وهو من أوصل هذا البلد الذي لا يستحق إلاَّ الخير إلى حافة الوقوع في حفرة الفراغ الرئاسي الذي غير معروف إلى كمْ من الزمن سيستمر وإلى أين سيأخذ هذه الدولة الصغيرة الجميلة التي أبتليت بخضوعها دائماً وأبداً لسطوة موقعها الجغرافي.


وبالطبع فإنَّ وليد جنبلاط لن يسلِّم نفسه لا لمحكمة الجزاء في اللاذقية ولا لأي محكمة سورية أخرى وكذلك فإنه لن يستجيب لأي «إستدعاء» من قبل أي جهاز من أجهزة المخابرات السورية فأوضاع اليوم هي غير أوضاع الأمس.. وهنا فإن المعروف عن هذا الزعيم الدرزي وعن والده كمال (بيك) ،رحمه الله، أنهما من أشد الناس حرصاً على هيبة الدولة السورية لكن على أساس أنَّ هيبة الدول ليس مبعثها القمع وكثرة عدد السجون والمعتقلات والحكم بشريعة الغاب وتصدير العنف إلى الدول الشقيقة المجاورة وإنما بالسِّلم الإجتماعي وبتطبيق القوانين العامة وبالإنتخابات الديموقراطية.. وأيضاً بإحترام الأشقاء المجاورين وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية.


&