أيمـن الحمـاد


حسناً فعل هذه المرة الرئيس باراك أوباما حين أدار ظهره لمشكلات الشرق الأوسط اللامنتهية.

ففي خطابه بشأن العراق أتى الرئيس الأميركي على نقطة بالغة الأهمية، ونراها بيت القصيد في حديثه، عندما قال إنه لا يريد تدخلاً يُفهم من خلاله أن أميركا تدعم طائفة ضد أخرى.

ولو فعل ذلك لأثبت هذا الأمر بشكل جليّ وواضح، وعلى الأخص بعد أن رفض التدخل في سورية التي يخوض نظام الأسد فيها وبمساعدة إيرانية – عراقية حرباً على الشعب السوري ذي الغالبية السنية.

ويبدو أن وجهتيْ النظر السعودية والأميركية متطابقتان تماماً، ومتباينتان مع الموقف الروسي في الشأن العراقي، من حيث التدخل وعدمه في شؤون هذا البلد، الذي يغرق في أزمة سياسية خطيرة، جاءت نتيجةً لتراكمات استمرت منذ العام 2005.

ومن يقرأ المزاج السياسي العام يجد رغبة في ترك العراق يعالج نفسه بنفسه، وإن خشي البعض أن يكون في ذلك إجراء عملية جراحية خطيرة يمكن أن تلقي بظلالها على مستقبل هذا البلد جيوسياسياً.

الرئيس الأميركي انصرف عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وتركه حائراً بعد أن ظن الأخير أن سيد البيت الأبيض سيهب لمساعدته استناداً للاتفاقية الأمنية المبرمة بين الولايات المتحدة والعراق، ونسي أن الرئيس أوباما سبق وأن توعد النظام السوري بأن السلاح الكيماوي خط أحمر، وعندما استُخدم لم يُر ذلك الخط.!

وبالرغم من إدراك واشنطن صعوبة الوضع في العراق لا سيما انعكاسه على أسعار النفط العالمية، خصوصاً وأن الولايات المتحدة تستورد يومياً حوالي مليون برميل نفط من الحقول النفطية العراقية، لم يهز ذلك "شعرة" في رأس الرئيس الأميركي الذي يركز على إصلاح الأوضاع الاقتصادية في بلاده، التي كانت الحرب على العراق التي قادها سلفه بوش الابن سبباً غير مباشرٍ فيها.

يجدر بالإدارة الأميركية التي فتحت خطاً سياسياً مباشراً مع إيران أن تحث الأخيرة على لعب دورٍ بناءٍ في وضع أجندة الحل بالتشاور مع الدول الإقليمية، وأن رهانها على رئيس الوزراء نوري المالكي هو رهان خاسر، بعد أن ثبت يقيناً أن دعمها له لترشحه لفترة رئاسية ثالثة كان خطأ فادحاً، وأنها وضعت هذه المرة بيضها في سلة مثقوبة.

ننتظر خلال الأيام المقبلة حركة دبلوماسية كثيفة بين الرياض وواشنطن وموسكو وطهران، لاسيما وأن خيوط الأزمة بدأت تتشابك على نحو معقد، خصوصاً وأن الوضع في العراق بدأ يلقي بظلاله وتأثيره بشكل واضح على الأزمة السورية التي تعاني من التهميش بعد أن استعصى على المجتمع الدولي إيجاد حل ناجع لها..
&