مصطفى العبيدي&

&

&

&

أبدت جميع القوى السياسية العراقية المشاركة في العملية السياسية رغبتها بتوفير ضمانات يلتزم بها رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة حيدر العبادي لضمان عدم تكرار تجربة ديكتاتورية نوري المالكي.
وأكدت أغلب تلك القوى على عدم المشاركة في تشكيلة الحكومة المقبلة قبل التأكد من تلك الضمانات، بينما يؤكد التحالف الوطني الشيعي على تشكيل الوزارة أولاً ومناقشة المطالب لاحقاً.
وأعلن تحالف القوى الوطنية السني الذي يقوده رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ان إصرار رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي على تشكيل الوزارة قبل الالتزام بمطالب المحافظات المنتفضة، دليل على نيته اتباع نفس نهج حكومة نوري المالكي السابقة، وأكد تحالف القوى ان مطاليب المحافظات المنتفضة خط أحمر لا يمكن القبول بتجاهلها .


كما هدد عضو اللجنة التفاوضية في تحالف القوى الوطنية حيدر الملا، بمقاطعة حكومة رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي.
وقال الملا في بيان، ان «اصرار رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي على تقديم الوزراء دون استعادة الحقوق وتحقيق المطالب يؤكد تبنيه لمنهج الحكومة السابق».
وفي السياق نفسه، أشار ائتلاف الوطنية الذي يقوده اياد علاوي على أهمية اقرار العبادي بـ«خارطة طريق «تحدد معالم سياسة الحكومة المقبلة قبل الاهتمام بتشكيل الوزارة الجديدة لكي يتم تجاوز الأخطاء التي ارتكبتها حكومة نوري المالكي التي جرت الخراب على البلد.
وأشارت عضو ائتلاف الوطنية انتصار علاوي، إلى ان «الائتلاف راغب بضرورة تغيير السياسات التي أفرزتها المرحلة السابقة وتعديل مسارها الذي بني على أسس خاطئة»، مبينة ان «ورقة المبادئ لائتلاف الوطنية التي قدمها للتحالف الوطني تتضمن 19 فقرة، على ان يتم التصويت عليها في البرلمان وتوقيعها من قبل المحكمة الاتحادية ضماناً لتنفيذها .
و أبرز الفقرات هي إعادة الاستقلالية للهيئات المستقلة مثل هيئة الانتخابات والمحكمة الاتحادية، وايقاف القصف العشوائي على المحافظات المنكوبة، وتشكيل قوات عسكرية من أبناء المحافظات المنكوبة، وحل الميليشيات، وتفعيل المصالحة الوطنية، اضافة إلى فقرات أخرى.
وبدوره، حدد ائتلاف متحدون للإصلاح المنضوي في اتحاد القوى الوطنية ( سني ) بنود الورقة التفاوضية مع رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، لتشكيل الحكومة حيث قالت النائبة عن الائتلاف نوره البجاري في تصريح صحافي، ان “الورقة النفاوضية تتضمن 17 بنداً، أبرزها تحقيق التوازن في جميع مؤسسات الدولة، وضمان استقلالية القضاء واستبعاده عن التأثيرات السياسية، وإظهار حسن النية بإطلاق سراح المعتقلين، والإسراع بإقرار قانون العفو العام وإخراج الأبرياء من السجون، وإيقاف العمليات العسكرية والقصف بالطائرات على محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك وأطراف بغداد، وإعادة المهجرين إلى مدنهم وغيرها من المواضيع الحيوية.
وتطرق القيادي في كتلة الأحرار الصدرية النائب أمير الكناني إلى الضمانات التي يجب على الحكومة الالتزام بها، وان من «لا يلتزم بمقررات التحالف الوطني سيتعرض للمصير نفسه الذي تعرض له المالكي، ويخسر شركاءه، وان الرسالة وصلت بالتأكيد إلى الجميع.


وأكد ان «الاتفاق تم على ان يكون التحالف الوطني الشيعي مؤسسة قوية يمكن ان تحاسب الحكومة أو استبدال رئيسها ضمن بنود النظام الداخلي الذي سيتم التوقيع عليه فور الانتهاء من تشكيل الحكومة»، مؤكداً ان «العبادي وعد بالالتزام ببرنامج التحالف الوطني الذي سيعد بالاتفاق مع مكوناته وباقي القوى السياسية التي قدمت طلباتها له».
وأشار الكناني إلى ان « تلك الضمانات ستساعد العبادي على تأدية واجبه بصورة صحيحة مدعوما بالكتل السياسية الأخرى . ألمح قيادي في التيار الصدري، إلى « ان اي رئيس وزراء قادم سوف يواجه نفس العزلة التي أحاطت بنوري المالكي ودفع العراق ثمنها السياسي المكلف، فيما لو حاول ان «يتنصل عن وعوده» وعدم الالتزام بقرارات التحالف الوطني».
أما الجانب الكردي، فقد أكدت القيادة الكردية خلال اجتماعها مع الوفد الكردي المكلف بالحوار مع التحالف الوطني ورئيس الحكومة المكلف، والأطراف المعنية بذلك، على ترابط المطالب والاشكاليات، والتاكيد على إحياء السياقات الدستورية والالتزام بتطبيقه، دون تجزئة انتقائية، وإعادة تفعيل العملية الديمقراطية السياسية .
وقد خَلُص الاجتماع إلى ان المهم في عملية التغيير هو تجاوز عناصر وأسس الأزمات التي أدت إلى تدهور الأوضاع وانهيار الجبهة الأمنية، إلى جانب كل ما تراكم من عناصر تآكل العملية السياسية والتجاوز على الدستور . وإذا لم تتوضح ملامح البرنامج الحكومي، وترتبط بضمانات مؤكدة للاتفاقات المبرمة، فان مخاطر فشل المساعي الوطنية لانقاذ البلاد هي التي ستتحكم بسير الامور، وتدفع في المحصلة النهائية إلى إجهاض الجهد الوطني، وتصبح الحكومة القادمة رهينة لها.
وأعلنت القيادة الكردية، عن دعمها واستعدادها للمشاركة في انجاح تشكيل الحكومة وفق السياقات الدستورية. إلا انها تؤكد على ان ذلك يتطلب الالتزام ببرنامج حكومي ملموس، يستجيب للاستحقاقات التي تراها الكتل، ضرورية لانجاح الحكومة، قادرة على انهاء الوضع المتأزم المهدد بالمزيد من المخاطر.
وأوصت القيادة الكردستانية، وفدها المفاوض، التحرك وفق الورقة المعتمدة من قبل القيادة، والتأكيد على البرنامج الحكومي باطاره الديمقراطي الدستوري، على ان تلتزم الحكومة أمام البرلمان بالاستجابة لمطالب الشعب الكردستاني، وتضمينها في البرنامج الحكومي.


وتتفق جميع القوى السياسية بما فيها أطراف رئيسية في التحالف الوطني الشيعي على ان مأساة تجربة حكومة نوري المالكي في الاستفراد بالسلطة والتنصل من الاتفاقيات والتعهدات بين الشركاء السياسيين، هي التي أدت إلى فقدان الثقة بين القوى السياسية، وهي التي دفعتها إلى وضع الضمانات قبل تشكيل الوزارة الجديدة لكي لا تتكرر تلك التجربة المرة على يد دكتاتور جديد قد يجر البلد معه إلى مزيد من الانهيار والخراب وبالتالي فان تلك القوى تتمسك بالضمانات قبل تسمية الوزراء.


&