فاتح عبدالسلام

دائما نسمع العواصم الكبرى تقول أن الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية تستغرق سنوات، ولم يكن ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية أول من قال ذلك أمام البرلمان. والمقصود ثلاث سنوات وأكثر كما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري منذ كان التحالف الدولي ضد هذا التنظيم مجرد فكرة.


من يعرف طبيعة المجتمع العراقي والتكوينات السياسية ، لا سيما السرية المناهضة لتنظيم داعش يدرك أن عملية إخراج هذا التنظيم من العراق وأعني الموصل وتكريت هو أمر لا يحتاج الى أكثر من أسابيع ربما أقل من شهر أيضاً، مادام هناك دعم جوي قوي. لكن من الطرف المؤهل لتسلم زمام الامور على الارض، من مجموع القوى المتوافرة وهي البيشمركة الكردية وبقايا الجيش العراقي والمليشيات القديمة التنفذة في العراق منذ ايام الاحتلال الامريكي الأولى وكذلك مليشيا الحشد الشعبي التي أجازها المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني. لا يبدو أن أية قوة من هذه جميعا لها حظ في تولي الأمور على الأرض لمرحلة ما بعد حقبة داعش،ولعلهم يدركون ذلك فنراهم يتحدثون عن تشكيل الحرس الوطني. كم من الوقت يحتاج هذا التشكيل وبأية مرجعية سوف يرتبط؟ هذه الأسئلة مرتبطة بجدوى الحرب الحالية على داعش.
لكن هل يحتاج القتال الى سنوات؟


هناك مبالغة كبيرة، قد يكون لها مفعول عكسي سيء على التحالف الدولي، حيث احتل تداعش الموصل في بضع ساعات وكاد يصل الى أربيل في عملية من يومين واجتاح ستين قرية كردية في سوريا في ثلاثة أيام، فياترى ما عساه يفعل هذا التنظيم اذا تيقن أن عمره الافتراضي سيمتد الى سنوات،وهو تنظيم مبادر الى الهجمات لا ينتظرها كما رأينا.


الحديث عن طول فترة الحرب على داعش هو تصريح وقائي لتجنب عدم انجاز المهمة في سقف زمني محدد. كما ان طول الحملة قد يوفر شروطاً جديدة للتحالف الدولي المناهض أصلاً لنظام الرئيس بشار الأسد وقد يفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا تحت دواعي الخوف من استهداف طائرات التحالف الدولي. وهذا أمر له استحقاقات مرتبطة بمناطق المعارضة السورية وحكومة البديل التي تقيمها عليها.


التحالف الدولي هو واجهة للقوة الامريكية الكبرى التي تعيد رسم خطواتها في الشرق الأوسط على وفق خبرتها الطويلة الماضية التي كانت تجربة سيئة أتت بهذا الحصاد السيء الذي هو تنظيم داعش ثمرة الفشل السياسي للعملية السياسية التي زرعتها واشنطن يوم احتلت العراق عام 2003 واكتشفت اليوم أن كل شيء كان مبنياً على رمال متحركة.