& &سـيد صالح
& & فى أول رد فعل دولى على مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى للأمم المتحدة بإغلاق المواقع التكفيرية والإرهابية على الإنترنت، وبشكل خاص على شبكات التواصل الاجتماعي،
وضرورة تحرك المجتمع الدولى لمكافحة الإرهاب، الذى تعانيه فرنسا حاليا بعد الحادث الإرهابى الذى تعرضت له صحيفة شارلى إبدو الشهيرة، يتابع العالم اليوم ، تصريحات رئيس وزراء بريطانيا لصحيفة «ديلى ميل» البريطانية الشهيرة أمس ، والتى كشف فيها عن نيته فى فرض رقابة على تطبيق واتس آب على الهواتف المحمولة، وتنفيذ قانون التنصت على شبكة المعلومات الدولية( الانترنت) ، مؤكدا أنه لن يسمح للإرهابيين باستخدام التكنولوجيات الحديثة فى تمرير الأفكار المتطرفة، باستخدام الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، على أن تراقب المخابرات البريطانية تلك الوسائل الحديثة ، لمنع تسلل الإرهابيين،وحظر استغلالها فى ترويج الأفكار المتطرفة. ولعلكم تتذكرون المقولة الشهيرة التى أطلقها كاميرون قبل عدة سنوات ، حينما قال فى رده على مظاهرات لندن: « عندما يتعلق الامر بالامن القومى ، فلا أحد يحدثنى عن حقوق الانسان.
&رالجريمة الالكترونية- كما يقول الدكتور عادل عامر الخبير فى القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية- انتشرت أخيرا بشكل واسع فى جميع أنحاء الكرة الأرضية، وأثرت بشكل مباشر وغير مباشر على حياتنا واستقرارنا. وترتكب تلك الجرائم من خلال الانترنت، وتتسم بأنها متعددة، ولا محدودة، وأولها على الإطلاق ما يسمى اختراق الشبكات وأجهزه الحاسب الآلى التى ترتبط بشبكة الانترنت، حيث يقوم الشخص أو جهة ما، باختراق نظام الأمن بالشبكة، والدخول الى الجهاز، والكشف عن محتوياته، والأخطر من ذلك هو بث مواد وأفكار ذات اتجاهات هدامة ، ومعادية للدين، وتنشر الفكر المتطرف، وتلك الجرائم تمثل خطرا كبيرا على المجتمعات، وتنال من استقرارها.
ويواجه عالمنا العربى كما يقول الدكتور عادل عامر- العديد من الجرائم الالكترونية، ومن أبرزها قيام بعض الجهات المتطرفة والمعادية ببث مواد ومعلومات تخالف الدين والثقافة الاسلامية، وتشكك فيهما وتزرع بعقول الأجيال الجديدة أفكارا مشوهها، تزعزع إيمانهم وتضعفه، ناهيك عن صفحات التحريض الطائفى، وبث الافكار لمسمومة، وإصدار التكليفات بتنفيذ العمليات الارهابية، كما أن العديد من الأشخاص يسيئون استخدام البريد الالكترونى ، ويتبادلون المعلومات التى تمس الأخلاق والأمن عبر البريد الالكتروني.
ومن الآن، يجب التحرك نحو رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، من خلال عمليات البحث الموسعة عبر الشبكات المختلفة عن كل ما هو من شأنه مخالفة القانون وبث أفكار هدامة تساعد على إشاعة الفوضى ونشر الفتن والإفساد فى المجتمع، حيث يجرى على شبكات الانترنت الترويج لأفكار متطرفة، والتشجيع على ازدراء الأديان والتشكيك فيها، وتحريف الحقائق بسوء نية، وتلفيق التهم، والتشهير والإساءة للسمعة، والسخرية المهينة واللاذعة، والقذف والسب، والدعوة إلى الخروج على الثوابت المجتمعية، وتشجيع التطرف، والعنف والتمرد، والحشد للتظاهر والاعتصام، والإضراب غير القانوني، والإباحية والانحلال، والفسق والفجور، والتعريف بطرق تصنيع المتفجرات، وبتكتيكات الاعتداء، وإثارة القلاقل وأعمال الشغب، والدعوة للتطبيع مع الأعداء، والالتفاف على استراتيجية الدولة فى هذا الخصوص.
مواقع التواصل الاجتماعى
على شاشات أجهزة الكمبيوتر، تجرى أخطر عملية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والصفحات الإلكترونية، وبرامج الفوتوشوب، والبريد الالكتروني، فى السب، والتشهير، ونشر الفتن الطائفية، والتحريض على الكراهية، وبث الأفكار المسمومة، والتواصل مع الجماعات التكفيرية، وتنفيذ التوجيهات والتكليفات بارتكاب جرائم الارهاب، والتفجيرات ، وتشويه الأعراض، وتركيب الصور بطريقة مسيئة، تجعل من صاحبتها هدفا لفئة منحلة ضالة من مرتادى المواقع الإباحية، وغرف الدردشة،ولكن: من السذاجة، أن يتصور الجناة أنهم سوف يفلتون بجرائمهم، أو أن أجهزة الأمن لن تتوصل إليهم ، لاسيما أنهم ينفذون جرائمهم عبر شبكة الانترنت، لكن الحقيقة غير ذلك، فمن السهل التحرى عن هؤلاء، وضبطهم، وتقديمهم للمحاكمة.
الحرية المسئولة
وهناك فارق كبير بين حقوق الانسان، وحقوقه المكفولة قانونا، وحرياته، وبين تجاوز القانون، ومن ثم ارتكاب الجرائم، لكن الكثير منا كما يقول اللواء د. طارق خضررئيس قسم القانون الدستورى بكلية الشرطة والخبير الأمني- يفهم الحرية على طريقته الخاصة.. متعللاً بحقوق الانسان، ومتناسياً فى الوقت ذاته أن الحرية مسئولية.. وأن الانفلات وتجاوز القانون لا يمت للحرية ولا لحقوق الانسان بصلة، ولا شك، أن تمتع المواطن بحرياته وحقوقه مكفولة قانوناً، طالما لم يخرج عن الإطار المنظم لهذه الممارسة طبقاً لما جاء فى افعلان العالمى لحقوق الإنسان والدساتير العالمية والمصرية، وللمواطن حقوقه كاملة دون انتقاص، أما إذا خرج المواطن عن نطاق هذه الممارسة المكفولة قانوناً، فإنه بذلك يكون مخالفاً للقانون، وفى هذه الحالة يتحول المواطن من شخص له حقوق وعليه واجبات، غلى شخص خارج على القانون، ومن ثم يجب ردعه، والتعامل معه وفقاً للقانون، وعلى الدولة بأجهزتها التنفيذية المعنية أن ترد المواطن الخارج على القانون إلى جادة الصواب، حتى لا نعيش فى مجتمع فوضوي، والذى من سماته أنه لا يعترف بالقيود، ولا القانون، ولا يعرف الخطوط الحمراء.
تحت المراقبة
وإدراكا من وزارة الداخلية لخطورة تلك النوعية من الجرائم الالكترونية، وتداعياتها السلبية على مسيرة التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، اصدر وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى القرار رقم 13507 لسنة 2002 بانشاء ادارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بالادارة العامة للمعلومات والتوثيق بالوزارة، ومهمتها ضبط ومكافحة جرائم الانترنت بشتى صورها وأنماطها، وتقديم المساعدات الفنية والأدلة المادية لضبط جرائم الانترنت لاجهزة الشرطة النوعية، وحصر ومتابعة مقاهى الانترنت، ووضع الضوابط اللازمة لها لتسجيل بيانات مستخدمى الشبكة العالمية، وإعداد قاعدة بيانات لخدمة اغراض المتابعة، واعداد البحوث الفنية والقانونية فى مجال جرائم الحاسبات مع الاجهزة المختصة بالوزارة، فضلا عن إعداد قاعدة بيانات بجرائم المعلومات التى تدخل فى نطاق اختصاص الادارة، ويكمن الهدف الاساسى من انشاء ادارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات هو ضبط مختلف صور الخروج على الشرعية فيما يمس الامن القومى وامن الافراد باستخدام الحاسبات الآلية فى مصر.
والجرائم المعلوماتية الإلكترونية لها جوانب عديدة فى عملية التوصل للمعلومات، ومن ثم ضبط الجناة، فهى مزيج من اعمال البحث المتعارف عليها من تحريات سرية وجمع أدلة وخلافه، بالإضافة الى الجوانب الفنية التى تتناسب مع طبيعة الجريمة التى تختلف اركانها عن الجرائم التقليدية من ركن مادى وركن معنوي، وتمر مثل هذه القضايا بالعديد من الإجراءات ومنها فحص البلاغ فى القسم الفني، وتأكيد المعلومات الواردة به، ثم تثبيت الاتهامات عبر القسم الجنائي، ومهمته تحرير المحضر، ثم يعود الملف على القسم الفنى مرة اخرى لمتابعة الاميلات ونصب الكمائن الالكترونية، وتحديد شخصية المتهم، وعنوانه، واعداد تقرير فنى برقم التليفون المستخدم فى الدخول على الانترنت، أو مكان مقهى الانترنت المستخدم فى ارتكاب الواقعة، ومن ثم يقوم القسم الجنائى بالتعاون مع قسم العمليات، حيث يتم استصدار إذن من النيابة العامة بضبط جهاز الحاسب الآلى المستخدم فى ارتكاب الجريمة، وفحصه، حيث يتم تسليم الجهاز إلى القسم الفنى ليتولى مثل هذه العمليات، واستخراج الأدلة والصور التى تدين المتهم، ثم يتم إعداد تقرير فنى استكمالى لإرفاقه مع المتهم الذى تتم إحالته للنيابة للتحقيق، ويتم ضبط الجريمة من خلال بلاغ أو معلومة تصل إلى جهاز الأمن، وتقوم الإدارة بتتبعها وإثباتها بالأدلة وبالأسلوب التقنى والفنى ومدى الجرم والمخالفة التى تمت وتقديم مرتكبها إلى المحاكمة، وتضم الإدارة نخبة متميزة من الضباط والفنيين المدربين فى العديد من الدول على مكافحة جرائم الانترنت، وكيفية التعامل مع أحدث اجهزة الفحص الفنى الموجودة بالوزارة للتعامل مع مثل هذه الجرائم والتحفظ عليها بشكل آمن، وسحب كل البيانات، والمعلومات، والصور، بطريقة سليمة لضمها إلى ملف القضية.
&
التعليقات