إبراهيم غرايبة
&
يبدو أن الشرق العربي يتحرك في مسار من الأسلمة إلى الأخونة إلى الدعشنة والحزبلة والحوثنة. وفي الإلياذة والأوديسة، أننا البشر نتمسك بالأمل حين لا يكون متاحا، ونؤمن حين يكون الإيمان حماقة. ولذلك، فإني آمل أن تكون هذه نهاية الحلقة لنخرج من الحروب الدينية إلى حروب ليست دينية على الأقل، أو لنقل إلى صراع سلمي ذي قواعد محددة ومتفق عليها.
&
حكم الأئمة الزيديون اليمن خمسمائة عام؛ حتى العام 1962، عندما أطاح المشير عبدالله السلال بالإمامة، وأقام نظاما جمهوريا عسكريا. لكن اليمن دخل في حرب أهلية طاحنة بين أنصار الإمام وأنصار الجمهورية، ووقفت مصر الناصرية إلى جانب السلال، وأرسلت قوات عسكرية لمساندته، فيما وقفت السعودية إلى جانب الإمام. وما إن انتهت الحرب الأهلية في اليمن الشمالي، حتى دخل اليمنان الشمالي والجنوبي في حرب طويلة مديدة، ثم دخل الرفاق الجنوبيون في حرب داخلية ماركسية قبلية. واتحد اليمنان في العام 1990، عندما استشعر الجنوبيون الماركسيون انهيار الاتحاد السوفيتي، لكن عادت الحرب الانفصالية من جديد في العام 1994.
&
لم يهدأ أنصار الإمامة الزيدية وإن هزموا. وأعادوا تنظيم أنفسهم العام 1992 تحت اسم "أنصار الله"، لكنهم عرفوا باسم الحوثيين نسبة إلى قائدهم حسين الحوثي (قتل العام 2004)، ودخلوا في حرب مديدة مع النظام السياسي اليمني، قتل فيه أكثر من 20 ألف جندي يمني، ومثلهم من الجرحى والمعاقين.
&
واتخذ الصراع أيضا طابعا دينيا يبدو بين التشيع والسلفية، وفي أحيان متأخرة بين الحوثيين والتجمع الوطني للإصلاح (إخوان مسلمون). وبدا عنوان الصراع طريفا ومحزنا في آن، عندما كان بين أنصار الله (الحوثيون الزيديون) وأنصار الشريعة (السلفية القاعدية)، فيبدو المشهد المحزن وكأنه صراع بين الله والشريعة!
&
يُعتقد أن ثمة تحالف بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأنصاره وبين "أنصار الله" الحوثيين. وترى مصادر صحفية يمنية أن الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي هو أيضا شريك في هذا التحالف، وأن دخول الحوثيين إلى صنعاء كان بالتنسيق معه.
&
يبدو أن الحوثيين يهيمنون على اليمن بموافقة دولية وإقليمية أيضا؛ ففي ذلك، وربما في ذلك فقط، يمكن إضعاف "الإخوان" و"السلفيين" و"القاعدة". إنها عملية اختيار وتفضيل بين الأعداء، وكان الحوثيون هم الخيار الأقل سوءا. أو على الأقل هي لعبة لمواجهة "القاعدة" والسلفية، فسوف يدخل الحوثيون في حرب مديدة مع "القاعدة"، ومن المؤكد دائما أن أفضل خيار للاعب الدولي هو دفع الفرقاء والمتطرفين إلى الصراع الداخلي، فهم بذلك يضعفون أنفسهم.. وينسون الشيطان الأكبر!
التعليقات