عبد الحميد الأنصاري

تحت هذا العنوان، نظمت صحيفة «الاتحاد»، وفي ذكرى تأسيسها السادسة والأربعين، ملتقاها السنوي العاشر، لكتاب صفحات الرأي فيها «وجهات نظر»، عبر محاور أربعة هي:

1- خلفيات ظهور الحوثيين وتماهيهم مع الأجندة الإيرانية.

&

2- التحالف العربي ومحورية الدور السعودي الإماراتي في «عاصفة الحزم».

3- دحر «الحوثيين» تأسيس لمرحلة جديدة في سياسات دول مجلس التعاون.

4- تجربة التحالف العربي في اليمن.. هل يمكن تطويرها لتكون نواة لقوة عربية مشتركة؟

وحسناً فعل منظمو المنتدى باختيارهم هذا العنوان موضوعاً للنقاش والتحليل وتسليط الأضواء على تساؤلات مثل: لماذا عاصفة الحزم؟ ولماذا ذهبنا إلى اليمن؟ وهل يملك الخليج القدرات الكافية للرد على التحدي الإيراني في اليمن؟ وما أهداف عاصفة الحزم في اليمن؟ وهل يملك الخليج استقلالية القرار في القضايا الأمنية؟ وهل هناك رؤية خليجية مشتركة لمفهوم الأمن الخليجي؟ وما دور مجلس التعاون في إعادة تأهيل اليمن لمرحلة ما بعد هزيمة «الحوثيين»؟ وهل يكون التحالف العربي نواة لقوة عربية مشتركة؟ وهل ينتقل التحالف لمهمة جديدة في سوريا أو ليبيا؟ وما أبعاد التدخل الإيراني في اليمن؟ وهل «عاصفة الحزم» تعكس تغييراً في العقيدة القتالية الخليجية تمهد لظهور استراتيجية جديدة تتجاوز المنطق الدفاعي؟

ولأن منبر الاتحاد السنوي، منبر حر، فمن الطبيعي أن تعكس الطروحات والمداخلات، وجهات نظر متباينة، وهكذا استمعنا إلى بعض المداخلات التي اختلفت في تقييمها لجهة ضرورة التدخل العسكري في اليمن وفضلت أساليب أخرى لاحتواء التمرد الحوثي وعودة الشرعية، وهناك من رأى في هذا التدخل انغماساً في مستنقع يصعب الخروج منه، وهناك من رآه استدراجاً يستهدف إنهاك واستنزاف مقدرات الخليج!

ولأن مثل هذا اللقاء السنوي بين زملاء يجمعهم الود والاحترام، فإن كافة وجهات النظر تم استيعابها برحابة صدر وتفهم، لكن الشيء المؤكد أن أغلبية الحضور مع صحة وسلامة القرار الخليجي بالتدخل الذي أعاد الأمل ليس لليمنيين فحسب بل للخليجيين والعرب عامة في أن العرب قادرون على مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، وعلى تشكيل تحالف يملك قوة الردع ويسد الفراغ الأمني ويحمي المصالح العربية ويحصن الداخل العربي من الأطماع الخارجية. وكما قال رئيس تحرير الاتحاد الأستاذ محمد الحمادي في كلمته الافتتاحية، فإن «قرار عاصفة الحزم فاجأ العالم، وفاجأنا حتى نحن أبناء الأمة العربية التي تعودت ألا تبادر، تعودت الانتظار حتى يبادر الآخرون»، مؤكداً أن «التحديات كبيرة، لكن التحالف العربي استطاع أن يكون موجوداً، والجيش اليمني استطاع الإفادة من قوات التحالف استراتيجياً».

وذلك ما أردت تأكيده في ورقتي «عاصفة الحزم: تأكيد على استقلالية القرار الخليجي في القضايا الأمنية»، حيث وضحت أن التحديات الكبرى اليوم في المنطقة والتي جسدتها: الاضطرابات الواسعة في العديد من دول المنطقة، وصعود الهويات الأدنى الدينية والطائفية والعرقية وتفكك السلطة الوطنية في دول عربية عدة، وتصاعد خطورة الميليشيات على الأنظمة العربية، وتعاظم ظواهر الانقسام والتفكك، وتصاعد الأدوار الإقليمية المستبيحة لأمن المنطقة، وتراجع نفوذ ومصداقية «الحليف الأميركي»، وزيادة تدخلات إيران في المنطقة، وضعف فاعلية دور الجامعة العربية في مواجهة هذه التحديات، وانشغال الدول العربية المركزية بأوضاعها الداخلية.. كل هذا فرض على الخليج أن يملأ هذا الفراغ العام الذي استغله المخربون الطامعون المفسدون بكافة أطيافهم وألوانهم، ليقوم بدور القيادة الفاعلة، وليواجه هذه التحديات بقوة واقتدار، وقد نجح بالفعل وحقق انتصارات وإنجازات في اليمن، وعادت الشرعية ودُحر الحوثيون وعادت اليمن إلى العرب.

لقد رفض الخليجيون جميعاً أي موقف سلبي، وعبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن هذا الرفض بكلمته البليغة: «لن ندير ظهرنا لمنطقتنا، بل سنكون لها عوناً، وسنزرع للشباب أملاً بمستقبل أفضل». وجاءت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تأكيداً لهذا النهج، مشدداً على «وقوف دولة الإمارات إلى جانب اليمن حتى يعود إلى سابق عهده آمناً مستقراً، مهما كانت التضحيات». نعم ستعود اليمن إلى العرب مهما كانت التضحيات، وهكذا ينبغي أن يكون الرد الخليجي حازماً وحاسماً.
&