&لبنان: بري ماض بالجلسة التشريعية بنصاب عددي غير ميثاقي… جنبلاط حذّر الكتل المسيحية من الانتحار


الإعلام المسيحي يردّ: زمن الوصاية السورية انتهى... وتشريع الضرورة يتحوّل إلى تشريع الأمر الواقع


سعد الياس

& تثير دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، إلى جلسة تشريعية يومي الخميس والجمعة في 12 و13 الجاري رغماً عن اعتراض الكتل المسيحية، التي تحتج على عدم إدراج قانون الانتخابات النيابية على جدول الاعمال مثلما وعد الرئيس بري بعد التمديد للمجلس، تثير الكثير من المواقف والسجالات التي تضاف إلى سلسلة الازمات التي يمر بها لبنان.
وبدا أن الرئيس بري، الذي لجأ إلى رفع شعار الميثاقية بعد انسحاب الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لمنح الطائفة الشيعية حق الفيتو ثم فعل الشي نفسه مع الطائفة السنية إثر انسحاب نواب تيار المستقبل من الجلسة العامة وكذلك مع الطائفة المسيحية لجذب نواب القوات اللبنانية إلى جلسة التمديد للمجلس، سيقفز هذه المرة فوق الميثاقية التي تمثلها الكتل النيابية المسيحية، وهي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب، وسيكتفي بحضور نواب مسيحيين ينتمون إلى كتلتي المستقبل واللقاء الديمقراطي وتيار المردة، ما يعني دخول الرئيس بري في صراع مع الكتل المسيحية ومن خلفها بكركي التي تبارك وحدة موقف الكتل المسيحية وتعتبر أن تشريع الضرورة الوحيد والمقبول هو انتخاب رئيس للجمهورية.


وكان لافتاً أن محطة MTV المسيحية انتقدت الرئيس بري وطرحت سلسلة أسئلة عليه بعد كل هذه المواقف من المرجعيات المسيحية الكبرى في البلد: «هل يستمر الرئيس بري في اصراره على عقد جلسة تشريع من دون ادراج بند قانون الانتخاب؟ ألا يدري أن ما كان يسري في زمن الوصاية السورية عندما كان المسيحيون مهمشين وقادتهم مبعدين ومسجونين، لم يعد يسري في زمن ما بعد الوصاية؟ ألا يدري أيضاً ان قانون الانتخاب أهم من كل البنود الأخرى المدرجة على جدول الأعمال، لأن تصحيح الأوضاع كلها يمر حكما بانتخاب الناس ممثليهم الحقيقين لا المفروضين فرضاً عبر قانون انتخابي مجحف وظالم»؟
وذهبت محطة OTV، التابعة للعماد عون، أبعد فقالت: «تشريع الضرورة تحوّل إلى تشريع الأمر الواقع. دائماً يوضع المسيحيون أمام الأمر الواقع، ويخيرون بين السيء والأسوأ، بين المرفوض والمفروض، والآن بين الأمر الواقع والواقع المر».
آخر التقليعات التي يتم تسويقها والترويج لها، هي النصاب العددي بدلاً من النصاب الميثاقي، أي استبدال النصاب الذي تؤمنه الكتل المسيحية الأساسية الوازنة سياسياً وتمثيلياً وشعبياً، بنصاب عددي يوفره نواب في التيسير تم استقدامهم على عجل لزوم الحفاظ على الوطن والمواطن، ومنعاً لزيادة التعطيل والانهيار وفق مقولة دعاة الجلسة التشريعية، في محاولة لالقاء مسؤولية التعطيل على المسيحيين الذين يرفضون الفرض، ويتمسكون بجدول أعمال يتضمن قانون الانتخاب واستعادة الجنسية وعائدات البلديات».


واضافت: «النصاب العددي يناقض المعادلة التي لطالما تمسك بها الرئيس بري، وهي انه يعتبر أي جلسة غير ميثاقية إذا غابت عنها كتلتان مسيحيتان وازنتان على الأقل، وهو ما حصل على سبيل التذكير في جلسة التمديد للمجلس النيابي».
وفي سياق السجالات، ثمة من ينظر إلى مواقف الكتل المسيحية على أنها تندرج في اطار المزايدات لكسب الرأي العام، ووجّه رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، رسالة شديدة اللهجة ضد الكتل المسيحية معتبراً ان «ما تفعله بعض القيادات المسيحية هو مزايدة ورسالة نحو المزيد من الانتحار الذاتي. واذا كان البعض منهم لم يتعلم من تجارب الماضي، فهذا مؤسف، لكننا لن نسير معهم في هذا الانتحار، وهم احرار في النهاية ولا نريد ان ننحر وننتحر معهم». وختم جنبلاط: «كفانا مزايدة في موضوع الميثاقية».
وردّ رئيس حزب «القوات اللبنانية»، الدكتور سمير جعجع، عبر «تويتر» متوّجهاً إلى النائب وليد جنبلاط بالقول: «صديقي وليد جنبلاط كلّك لطف وعاطفة وذوق ومحبة… ولكن أحياناً من الحب ما قتل». واللافت في سياق هذه التطورات هو التقاء جعجع وموفد العماد ميشال عون، النائب ابراهيم كنعان، في بكركي مع البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وعلّق جعجع على ما يقال عن ضرورة ملحة لاقرار قوانين مالية فقال: «لسنا ضد القوانين المالية. فقوانين المصارف وتبييض الأموال مهمة ولكنها ليست أهم من قانون الانتخابات الذي ما زال منذ عشر سنوات في مجلس النواب».
وفي اشارة ضمنية إلى «حزب الله» لفت جعجع إلى ان «هناك غيرنا من يقف ضد القوانين المالية وحين يريدون أستطيع تذكيرهم من يقف ضدها». وأكّد رئيس القوات ان «قانون الانتخابات الجديد وقانون استعادة الجنسية هما قانونان مهمان، والباقي تفاصيل».
وعن قول الفريق الآخر إن عدم حصول الجلسة التشريعية كارثة، سأل جعجع: «أليس بقاء النفايات على الطرقات كارثة ايضاً؟»، مختتماً «للبحث صلة…».
من حهته، أكّد النائب ابراهيم كنعان أن «كل ما يطرح اليوم من باب الكلام عن اولويات مالية او اقتصادية او اجتماعية نحن معها، ولكن هناك اولويات مسبقة منها قانون استعادة الجنسية وقانون الانتخابات اللذين مر عليهما سنوات عدة».


وأضاف: «وضعنا البطريرك في موقفنا بشأن الجلسة التشريعية وبحثنا في أبرز الأمور السياسية والمسائل»، موضحاً «أن الضرورات الوطنية والمسؤوليات الوطنية يقررها الجميع، وهذا دستورنا وميثاقنا ونحن لا نطالب سوى باحترام الدستور والميثاق». وختم كنعان: «أزمة الرئاسة ازمة سياسية ووطنية بامتياز ومخالفة لوثيقة الميثاق الوطني وحصلت بسبب غياب قانون الانتخابات، ونحن جاهزون لثورة بالشاركة لكي نتحمل مسؤولياتنا الوطنية».
وعلى خط متصل، أكد رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية والمغتربين، جبران باسيل، أن «مهمتنا في التيار متابعة العمل، وألا نتوقف ونناضل ونقاوم، ليست فقط ضد الفساد وعلى السيادة، بل على مقومات الوطن وأولها الشراكة». وقال: «لا نعمل في السياسة عند أحد بل عند شعبنا، والأولويات تحدد بالشراكة وليس بالفرض».
ودعا إلى «عقد جلسات نيابية لتشريع الضرورة لاستعادة الجنسية، وتحويل عائدات الخلوي للبلديات»، مشددا على «اننا لن نسمح بتكرار الاستهتار عبر مقاطعتنا كما في 1992، ولن نقايض استعادة الجنسية للبنانيين أصليين بتجنيس آخرين من جنسيات أخرى». وقال: «عندما نطلب بإعطاء اللبناني جنسيته، يواجهوننا بالرفض»، متسائلاً: «هل ان الذي نزح من لبنان نتيجة القهر منذ 100 سنة وحتى تاريخه، لا يستحق استعادة جنسيته؟، علماً أن القانون توقف اكثر من 13 عاماً في المجلس النيابي، وهل هذا امر مقبول، فيما اننا ندخل مرسوم تجنيس او بنزوح او بتوطين مقنع، ويصبح نصف شعبنا بجنسية غير لبنانية، هل كان ذلك مقبولا ومن يمكنه تفسير ذلك»؟


وسط كل ذلك، عقد أقطاب «14 آذار» اجتماعاً تشاورياً ضم رئيس كتلة «المستقبل»، فؤاد السنيورة، ونائب رئيس حزب القوات اللبنانية، النائب جورج عدوان، والنائب مروان حماده، وممثل عن حزب الكتائب لم يخلص إلى نتيجة حاسمة لجهة حضور الجلسة او مقاطعتها. غير أن منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فارس سعيد، قال إنه «واثق من توصل الجميع إلى قاسم مشترك لإنقاذ جلسة التشريع».
وفي انتظار استكمال الاتصالات يبدو أن حزب الله يساير حليفه الرئيس بري أكثر من العماد عون، وأن كتلة المستقبل بدورها تؤيد عقد الجلسة التشريعية رغماً عن موقف حليفتها القوات. وإذا استمر الرئيس بري في تفسير القوانين والميثاقية من خلال إباحته عقد الجلسة التشريعية من دون «التيار» و»القوات» و»الكتائب»، فإن علامات استفهام كبيرة ستُطرح عن مصير الشراكة الوطنية.

&