&الأزمة في مصر سياسية وليست سياحية… والمصريون يقطفون الثمرات الحرام في أرض الإعلام


حسنين كروم

&طفا موضوع سقوط الطائرة الروسية في وسط سيناء على اهتمامات الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد، وكذلك على الغالبية الساحقة من الشعب، خاصة ما تلاها من إجراءات اتخذتها عدة دول مثل، بريطانيا وغيرها ثم روسيا، بإجلاء سائحيها عن شرم الشيخ، وما أدى إليه ذلك من ضرب للموسم السياحي في شرم الشيخ، الذي بدأ بالفعل.


كما أوردت الصحف أخبار المؤتمر الذي عقده الطيار أيمن المقدم، رئيس الإدارة المركزية لتحليل حوادث الطيران في وزارة الطيران، ورئيس لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة الروسية مساء السبت، ليعلن فيه ما توصلت إليه التحقيقات حتى الآن، مؤكدا أنها لم تنته بعد، ولم يتم استبعاد كل الاحتمالات حول أسباب الحادث، أي بما فيها العمل الإرهابي. وقد انشغل الناس بهذا الحادث وأصبح كل منهم يحلله وكأنه خبير لكن الملاحظ أن الغالبية الساحقة بمن فيهم المثقفون يؤكدون على أنها مؤامرة أمريكية بريطانية ضد مصر وروسيا، ولتركيع مصر اقتصاديا، وهو ما دعا إلى إطلاق دعوات للمصريين لإفشال المخطط، بأن يقضوا إجازاتهم في شرم الشيخ، خاصة المصريين في الخارج على أن تمنح الفنادق لهم التخفيضات نفسها التي تمنحها للسائحين الأجانب.


كما احتلت الأمطار الغزيرة التي عادت للسقوط في الإسكندرية ومحافظة البحيرة، صدارة الاهتمام، خاصة بعد أن وصل عدد القتلى إلى خمس وأربعين شخصا.
ومن الأخبار الأخرى الواردة في الصحف المصرية خلال اليومين الماضيين، خبر عقد الرئيس السيسي اجتماعا وزاريا لبحث خطط مواجهة الأمطار والصرف، وأعمال الإغاثة. واجتماعات اللجنة الثلاثية لكل من مصر وإثيوبيا والسودان لسد النهضة. وإعلان وزارة التموين أنه سيتم قبل نهاية الشهر الحالي افتتاح ألف منفذ لبيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة، في أحياء فيصل والطالبية وإمبابة والهرم في محافظة الجيزة، وفي حلوان والمعصرة في محافظة القاهرة. واستمرار العمل في المسلسلات التي سيتم عرضها في شهر رمضان المقبل. وإلى بعض مما عندنا….

المال السياسي للأحزاب يشتري مقاعد نوابه

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على نتيجة انتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب، التي قال عنها زميلنا في «الجمهورية» محمود نفادي يوم الخميس: «المشهد في المرحلة الأولى يؤكد أن عددا كبيرا من نواب الأحزاب الذين فازوا في تلك المرحلة، ومنهم نواب أحزاب الشعب الجمهوري والمؤتمر ومصر الحديثة والصرح ومصر بلدي والسلام الديمقراطي والوفد والمحافظين، سيكونون ضمن كتلة الأغلبية مع المستقلين، ويبقى خارج هذه الكتلة فقط نواب حزبي «المصريين الأحرار» و«مستقبل وطن»، الذين حصلوا معا على اثنين وسبعين مقعدا، أي بنسبة لا تتعدى خمسة وعشرين في المئة من عدد المقاعد، وهي نسبة لا تؤهلها لتشكل كتلة الأغلبية، أو حتى كتلة الأكثرية، كما يزعم أحد هذين الحزبين. علاوة على عشرة نواب لـ«حزب النور» السلفي، فبلا شك أن المال السياسي للأحزاب وليس للأفراد لعب دورا بارزا في حصول بعض هذه الأحزاب على هذه المقاعد، كما هو الحال مع حزب «المصريين الأحرار» الذي استطاع أن يفوز بواحد وأربعين مقعدا، منها 21 مقعدا لنواب وأعضاء سابقين في الحزب الوطني المنحل، وليسوا لاعبين وأعضاء أساسيين في الحزب، وهذه الحقيقة تعلمها قيادات ومؤسسي هذا الحزب أكثر من غيرهم، وسيكون هؤلاء بمثابة قنبلة موقوتة داخل الهيئة البرلمانية للحزب، في حال تبني الحزب مواقف مناهضة لمواقف مؤسسات الدولة والرئيس السيسي».

مديحة عمارة: اختار الناس من المتاح أمامهم

ويوم السبت نشرت «الأهرام» حديثا مع زميلتنا الجميلة مديحة عمارة المتحدثة باسم قائمة «التحالف الجمهوري للشعب المصري» أجرته معها زميلتنا الجميلة سامية أبو النصر قالت فيه مديحة: «أبرز الشخصيات الموجودة في قائمة التحالف معروفة لسنوات عديدة بمواقفها الوطنية، وليست جديدة على المشهد العام، وذات مصداقية بالنسبة للناخب، ومن أبرزهم المستشارة تهاني الجبالي والفريق حسام خير الله والمهندس حسن شعبان، خبير التنمية، والإعلامي عاطف كامل والمهندس حسام حازم ود. فائقة الرفاعي وكيلة البنك المركزي الأسبق، ود.أنهار حجازي، بالإضافة إلى 29 امرأة و9 شباب ومجموعة من العمال والفلاحين المعبرين عن طبقات المجتمع المصري. حصدت بعض الأحزاب الليبرالية في الجولة الأولى ٪58 الناس لم يكن لديهم بديل كانوا متخوفين من حزب النور لذلك اتجهوا للأحزاب الأخرى، على حد التعبير القائل «مصيبة وشر أخف من مصيبة وشر». وأنا لا أتخيل أن الشعب اختار بعض من قامت عليهم ثورة في 25 يناير/كانون الثاني، أو من قامت ضدهم ثورة في30 يونيو/حزيران، فقط خوفا من حزب النور… وللأسف الشعب المصري لم يجد بديلا وطنيا حقيقيا لم يفسد ولم يتربح من مناصبه، لذا اختار الناس من المتاح أمامهم «.

«اللي يشوفك بدل ما يزغرط… أشمعنى… يصوت»

والملاحظ أن التركيبة الرئيسية لحزب التحالف الجمهوري يغلب عليها الطابع الناصري. والمهم أنه بانتهاء المرحلة الأولى والاستعداد للثانية والأخيرة، نتوقف عند الساخرين حيث أختار الشاعر خفيف الظل ياسر قطامش أن يخبرنا في ملحق «النهاردة إجازة» في جريدة «أخبار اليوم» يوم السبت بقافية المرشح في الانتخابات هي:
- الناس تشاور عليك وتقول.. أشمعنى.. يابن الدايرة.
- الفساد في بيتك محتاج.. أشمعنى.. برنامج.
- تعكر دمنا وبعدين تعملنا.. أشمعنى.. مرشح.
- أنت في الخيبة.. أشمعنى.. الناخب يرفع أيده.
- أنت قدام حماتك مالكشي.. أشمعنى.. صوت.
- مراتك لما تزعل تخلي ليلتك.. أشمعنى.. حبر فسفوري.
مراتك لما تكون نايمة تلاقي حماتك.. أشمعنى.. قايمة.
- اللي يشوفك بدل ما يزغرط.. أشمعنى.. يصوت.

«المعددة تدخل اللجنة تصوت وتلطم»

أما زميلنا وصديقنا الإخواني محمد حلمي فقال في فقرته «بطبيعة الحال» في الملحق نفسه:
- «المعددة» تدخل اللجنة «تصوت» وتلطم.
- «ماسح الأحذية» بعد ما يدلي بصوته «يخبط على الصندوق».
- «الحانوتي « يقف قدام الصندوق و«يقرأ الفاتحة».
- «الطباخ» يحط صباعة في الحبر الفسفوري و«يدوقه بطرف لسانه».

«حزب النور» فشل في أخذ مكان الإخوان

أما بالنسبة لحزب النور والنتيجة التي حصل عليها في المرحلة الأولى فقال عنها وهو سعيد وشامت صديقنا الكاتب والمحامي وعضو مكتب الإرشاد السابق لجماعة الإخوان مختار نوح، في حديث نشرته له «البوابة» يوم الخميس وأجراه معه زميلنا أحمد سالم وقال فيه: «توقعت من قبل فشل حزب النور في الانتخابات البرلمانية، لأن حساباته كانت خاطئة، حيث كان قادته يتوقعون حصد عدد كبير من المقاعد. وأكبر جريمة ارتكبت في حق مصر كانت السماح له بالاستمرار في الحياة السياسية، فالحزب يردد دائما أنه ليس جماعة، في الوقت الذي يمارس فيه عدد كبير من عناصره أفكارا متطرفة، وسيدفع الجميع ثمن استمراره في العمل السياسي، لأن حزب النور خاصة، والأحزاب الدينية بشكل عام، دمرت الحياة السياسة والاجتماعية، وهو الآن يشتكي من الحملة الإعلامية ضده، محاولا كسب تعاطف الشارع والمجتمع الذي حكم عليه بالفناء في تلك الانتخابات. فكرة التستر بالدين انكشفت لذلك فإن حزب النور سيسقط.. سيسقط ولا مفر من هذا المصير، فهو فشل في أخذ مكان الإخوان بعد عزلها في ثورة 30 يونيو/حزيران، وأصبح غير قادر على أن يعد الناس بالجنة، كما كان يروج في السابق، فهو انفصل عن الواقع وأصبحت عناصره قريبة من فكر السلفية الجهادية التي تستخدم السلاح».

عبد المنعم الشحات: بحث «النور»
موقفه من الانتخابات شأن داخلي

لكن في اليوم التالي الجمعة أعطى أحد قادة الحزب وجماعة الدعوة السلفية، الذي سقط في الانتخابات في الإسكندرية المهندس عبد المنعم الشحات، شرحا لما حدث في مقال له على كامل الصفحة الأخيرة في جريدة «الفتح» التي تصدر كل يوم جمعة عن جمعية الدعوة وأبرز ما فيه قوله: «أظهر الإخوان شماتة غير مسبوقة، في ما أصروا على تسميته تدليسا بـ«صفر حزب النور» وفي الواقع أن حزب النور لو فاز بعدد وافر من المقاعد لقالوا قبضوا ثمن خيانتهم، ولو كان العكس لأظهروا الشماتة. والذكي منهم من لا يظهر شماتة مجردة. إذا كان حزب النور سوف يبحث موقفه من الانتخابات فهذا شأنه الداخلي. وأرى أن هذه التجربة لا بد أن تكتمل وأن تعايش كل الظروف وتتصرف في كل موقف بما تقتضيه أسس السياسة الشرعية، لتبقى تجربة جديدة تستفيد منها الأمة ككل، وهذا حق جميع مؤيديهم عليهم، عقب كل استحقاق انتخابي نسمع هذه العبارة، الإسكندرية المعقل الرئيسي لحزب النور خذلته انتخابيا وهذا ما يدفعنا إلى أن نسألهم: من أين أتيتم أن الإسكندرية هي معقل حزب النور؟ الإجابة معروفة وهي أن هذا الأمر استناد إلى التاريخ الذي يقول أن الإسكندرية هي المعقل الرئيسي للدعوة السلفية التي ينتمي معظم مؤسسي حزب النور إليها. الإسكندرية محافظة تكاد تكون مكونة من مدينة واحدة أساسية هي مدينة الإسكندرية، ومعها مدينة صغيرة جدا هي مدينة برج العرب، ومعها ظهير ريفي صغير يقع على أطراف تلك المدينة الكبيرة، كل التيارات ممثلة في الإسكندرية، وجود قبطي أعلى كثيرًا من متوسط الوجود القبطي في عموم مصر. حزب النور قوي جدا في الإسكندرية، ولكنه غير منفرد وغير مسيطر، وبهذا الأمر يتضح أن النتائج الانتخابية التي يحققها النور في الإسكندرية منطقية، رغم أنها تعتبر عاصمته الفكرية والسياسية، وهذا لا يعني عدم وجود مشاكل داخلية، أو أن النور حقق أفضل ما يمكن تحقيقه في الإسكندرية، بل أن مسألة رمزية وتاريخية الإسكندرية بالنسبة لهذا التيار مثلت في الفترة الأخيرة نقطة ضعف، نتيجة انضمام أحد الرموز إلى تحالف دعم الشرعية، وتوجيهه الخطابات الدائمة إلى أبناء الحزب بترك السياسة، وفي الواقع أن هذه الأمور تؤثر في كوادر الإسكندرية، أكثر من كوادر المحافظات الأخرى لقربهم ومخالطتهم لهذا الرمز أو ذاك».

علي حاتم: يريدون إبعاد الإسلام
عن تمثيل الأمة في سلطة من سلطاتها

أما المهندس علي حاتم وهو من قيادات الجمعية فكان تقييمه كالأتي: «الذين يرددون مقولة «لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة»، وهي مقولة تنم عن جهل كبير. إن الخبثاء المرددين لهذه المقولة غرضهم إبعاد الإسلام والإسلاميين عن دائرة تمثيل الأمة في سلطة من سلطاتها، بالإضافة إلى المقصود الأعظم، ألا وهو التخلص من الإسلام وشرائعه، وجعله قاصرا على المساجد، أي على الأمور التعبدية فقط. أولئك الذين يرددون عن عمد وبمنهجية مقولة «إحذروا الإسلاميين وابتعدوا عنهم ولا تختاروهم فهم يريدون دولة دينية»، وعلى الرغم من كثرة الردود على هذه العبارة التي تنم عن جهل كبير وهو أقل ما يوصف به أصحابها، إلا أنه لا أحد منهم يلتفت إليها عن عمد أن الشيوخ والدعوة أبناء السلفية، بذلوا جهدا كبيرا في الرد على تلك المقولة وشرحوا ردودهم للناس شرحا وافيا».

على الكنيسة رفع يدها عن الأقباط وكفى وصاية

كما قدم لنا صديقنا السياسي والكاتب القبطي وعضو مجلس الشعب الأسبق جمال أسعد عبد الملاك «ناصري» تقييمه للأقباط في المرحلة الأولى من الانتخابات، فقال يوم الثلاثاء في «اليوم السابع»: «القراءات كثيرة ومتعددة الجوانب، خاصةً حول الحديث عن النتائج التي أعلنت باسم الأحزاب، في الوقت الذي لا علاقة للأحزاب بمرشحيها، ولا علاقة لهم ببرامجها، فهذه ستكون بمثابة مقاعد في البرلمان مؤجرة من أصحابها للأحزاب إيجارا مؤقتا. وسنكتفي هنا بقراءة لنتائج الأقباط واليسار، فقد تقدم للترشح 150 قبطيا وصل الإعادة 22 منهم، نتيجة لكثرة أعداد الناخبين الأقباط، بعد القيد التلقائي. كما أن عادة التصويت الطائفي بين الجانبين مازالت قائمة ومؤثرة، إضافة إلى تدخل الكنيسة بالحشد الطائفي بشكل عام، وللأقباط بشكل خاص، في مقابل مقاطعة التيار السياسي الإسلامي ومن يتعاطفون معه، بجانب قطاع لا يستهان به من الناخبين لا علاقة لهم، ولن تكون، بالانتخابات والعمل العام. أما الباقي فهم منقسمون على عشرات المرشحين في مقابل واحد أو اثنين من الأقباط في كل دائرة، الشيء الذي جعل الحشد الطائفي للأقباط في الجولة الأولى يسفر عن 22 قبطيا، ولكن وبالطبع وحسب قانون الفعل ورد الفعل تكون النتيجة في أي إعادة هي عدم فوز الأقباط، لأن الأصوات التي حاز عليها الراسبون في الجولة الأولى ستذهب إلى المرشحين المسلمين المعيدين في الجولة الثانية، ولذا لم يفز من الأقباط غير ثلاثة فقط وهذه هي النتيجة الطبيعية، نتيجة لتلك الممارسات الطائفية، ولكن الجديد على الرغم من هذا أننا لم نجد حادثة طائفية تعكر صفو التصويت، ولم نجد منعا جماعيا للأقباط من التصويت، كما كان يحدث، بل الأهم هو التغيير الإيجابي الذي يجب أن نرصده ونفعله وهو أن هناك عددا كبيرا من الناخبين المسلمين صوتوا للأقباط، وهذا شيء جميل ومقدر ويوحي بتغير سياسي في مواجهة الطائفية، ولذا يجب أن ترفع الكنيسة يدها عن الأقباط وكفى وصاية حتى يكون خروجهم للمشاركة السياسية لا يأخذ الشكل الطائفي، حتى إن انحازوا مؤقتا للمرشح القبطي».

أحمد كمال أبو المجد: الرئيس مرسي
ليس لديه فكر متشدد أو عنف

وإلى المعارك والردود المتنوعة وأولها ستكون لصديقنا الفقيه القانوني والمفكر الدكتور أحمد كمال أبو المجد، الذي نشرت له يوم الخميس جريدة «اللواء الإسلامي» حديثا أجراه معه زميلنا مهدي أبو عالية، قال فيه عن الإخوان المسلمين والرئيس الأسبق محمد مرسي: «جماعة الإخوان كان في وسعهم في ما أرى، أن يؤدوا دورا مختلفا جوهره تحقيق صلات قوية وتعانق مع كل أطياف المجتمع المدني، يستفيد منه الجميع مصر والشعب والأمة العربية، لكنهم عزلوا أنفسهم في غفلة وسوء تقدير عن المشاعر الحقيقية للشعب ولعلي هنا أذيع سرا خطيرا لأول مرة، أنني قلت للرئيس مرسي، حين قابلته على انفراد، إنني أعرف عن يقين حجم المخاطر التي تحيط بالدور الذي تلعبه أنت شخصيا والذي أراه يصب في الاتجاه الأفضل لمصر وشعبها. وجاء رده متفقا معي في رؤية الاعتدال وحتمية التوافق بين كل القوى الوطنية لكنهم في مكتب الإرشاد وهذه شهادة لله ثم للتاريخ، أجبروه على العدول عن هذا الموقف. حين صافحت الرئيس مرسي أمسك بيدي وشد عليها وطلب مني ألا أتركه وحيدا في مواجهة مكتب الإرشاد قائلا: «أرجوك كررها ثلاثا. الرئيس مرسي «خير» و«بدائي» وليس لديه فكر متشدد أو عنف، لكنه لم يكن الجبهة الأقوى في مكتب الإرشاد بل الجانب الأضعف».
سب يناير مهين لملايين المصريين

وثاني المعارك يوم الخميس ستكون من نصيب زميلنا الكاتب الدكتور عمرو الشوبكي وقوله في «المصري اليوم»: «تأتي مفارقة الهجوم على ثورة يناير/كانون الثاني، انتصاراً ليونيو/حزيران، من كونها جاءت من بعض الشخصيات التي لا علاقة لها بثورة يونيو/حزيران، فقد طفحت على السطح بعد أن نزلت الملايين إلى الشوارع، تواجه حكم الإخوان، وتدخل الجيش في 3 يوليو/تموز، ليحسم بقاءهم في السلطة، ويظهر بعدها شاتمو يونيو والمتاجرون بها لا رموزها وثوارها. صحيح أن هناك تياراً واسعاً من الشعب المصري لا يتعاطف مع يناير ولا يؤيدها، يقابله تيار آخر لا يؤيد يونيو ويرفض مسارها ونتائجها، وهناك تيار ثالث (نراه الغالب) يؤمن بالثورتين بصرف النظر عن تعثرهما في بناء نظام ديمقراطي جديد، وكان نجاحهما الأساسي في الإطاحة بنظامين مرفوضين شعبياً. سب يناير مهين لملايين المصريين الذين نزلوا للشوارع مطالبين بالحرية والكرامة، بعض أدعياء يونيو لا يرون معنى وقيمة خروج ملايين المصريين من أجل الكرامة الإنسانية والعدالة مثلما يفعل بعض أدعياء يناير، حين يتجاهلون الملايين التي خرجت من أجل إسقاط حكم الإخوان، ويختزلون يونيو في تدخل الجيش، لا في كراهية الناس لحكم الجماعة. ثورة يناير ليست مؤامرة حتى لو حاول بعض من ادعوا انتماءهم لها أن يتآمروا عليها، وثورة يونيو ليست انقلاباً حتى لو حاول البعض أن يقفزوا عليها، ويتملقوا سلطتها، لأنها سلطة وليست اختيارا وحكما قابلا للتغيير بالوسائل الديمقراطية».

سيادة الرئيس إهزم غضبك

وحول قول الرئيس السيسي إنه سيشكو الإعلام للشعب، نشبت معارك عديدة مؤيدة له، إذ قال له يوم الأربعاء زميلنا وصديقنا كرم جبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف الأسبق في «اليوم السابع» مطيبا خاطره: «جئت لحكم بلد كان على شفا الضياع، وعم الغم والإحباط واليأس غالبية المصريين، وقالوا «عليه العوض ومنه العوض» فقد ضاعت مصر إلى الأبد، وكتب الله لمصر وشعبها النجاة على يديك، وشاء قدرك أن تتولى حكم بلد مثخن بالجراح والأوجاع والآلام، ولم يكن أشد المتفائلين يحلم بأن تعود الطمأنينة تدريجيا لشوارعنا، التي كانت مرتعا للجماعة الإرهابية والقتلة والمجرمين والبلطجية. وهل نسينا أيام الجمعة التي كنا نلزم بيوتنا ونتابع الفضائيات وهي تنقل الفوضى والشغب، وكأننا في ليبيا أو سوريا أو اليمن؟ يكفيك فخرا أنت والجيش والشرطة أن حافظتم على الوطن والدولة والشعب، وبعد ما مرت به البلاد من أحداث يشيب لها الولدان، تغضبك تصرفات وأقوال لا تتسم بالمسؤولية وتجافي حسن الخطاب؟ سيادة الرئيس إهزم غضبك فالشعب الذي انتخبك ينتظر منك الكثير، ويثق في قدرة الدولة على مواجهة الصعاب والتحديات، واستبشر الناس خيرا بإعلان خطة الاقتحام السريع لمشكلة الغلاء، وعندما يلمسون بأنفسهم توفير احتياجاتهم، من دون جشع أو استغلال سيطلبون المزيد والمزيد وصولا إلى محطة الأمل التي طال انتظارها».

الشعب المصري ينتصر
على برامج «الهلس والمسخرة»

أما زميلنا في «الوفد» عصام العبيدي فقال في يوم الخميس أيضا: «قبل أيام من إعلان الرئيس السيسي عن غضبه من الإعلام، حدث تطور إيجابي هائل في المجتمع، بل أكاد أسميه انتصاراً ساحقاً لصوت الشعب، الذي تخطى في قوته في إعلان غضبه من الإعلام الأسود غضب الرئيس نفسه، فبعدما قامت به المدعوة ريهام سعيد من فضح لفتاة المول الشهيرة، وتعديها على حياتها الخاصة، بصورة غير مسبوقة، شعر الشعب المصري كله بلطمة قاسية تلقاها على وجهه، فثار هذا الشعب العظيم وأعلن عن غضبه في أقوى صورة، حتى وصل صدى الغضبة الشعبية لإدارة القناة، التي شهدت هذه الفضيحة المدوية فانصاع مسؤولوها على الفور وأعلنوا تجميد هذا البرنامج الفضائحي! وكان إعلان القناة بهذا القرار هو بمثابة إعلان لانتصار الشعب المصري على برامج الهلس والمسخرة. ومن هنا يمكننا أن ننادي باستغلال هذا الغضب الشعبي الهائل في قطف الثمرات الحرام التي نبتت في أرض الإعلام المصري، عن طريق تطبيقها مع مختلف البرامج الساقطة التي تنتهج المبدأ نفسه، وتسير على هذا الطريق. من هنا فإن غضب الرئيس يسبقه غضب شعبي أكبر، بل وأكبر من غضب الرئيس حتى يكون العقاب الشعبي هو الحل لإيقاف مثل هذه المهازل».

السيسي أعطى
ظهره لمشاكل المواطن

وقد سمعت صوتا كالرعد صادرا في اللحظة نفسها والتو من جريدة «الوطن» فأدركت على الفور أنه لابد أن يكون لرئيس تحريرها محمود الكردوسي، وقد كان بالفعل له، لأنه الوحيد الذي يستخدم عبارات وهجمات خاصة به قال معاتبا الرئيس:
«أصبح الإعلام نداً لك وصاحب فضل عليك، كلمة بتعذبوني لا تليق برئيس يا سيادة الرئيس، ما عاش ولا كان اللي يعذبك هذا أولاً. أما ثانياً: هم لا يعذبونك لكنهم أفرطوا كثيراً في استخدام حقهم في نقدك فأصبح حقاً يراد به باطل، وأنت السبب أنت الذي أعطيت ظهرك لمشاكل المواطن (وما أكثرها) وأوكلتها لمسؤولين فَشَلة أغلبهم يعمل ضدك بقصد أو بجهل، فاصطادك الإعلام من تهافت المشهد الانتخابي، ورَبَط بين عزوف الناخبين وتراجع شعبيتك، أنت الذي أعطيت الإعلام أكبر من وزنه وعمّقت انقسام الإعلاميين على أنفسهم فذهبوا نقيضين: هذا يطبّل وينافق وهذا يتربص ويغمز ويلمز فكان لا بد أن يحترق وعي المواطن الغلبان في أتون هذه الحرب الأهلية. أنت الذي – بسكوتك على هذه الفوضى وعدم البحث عن بديل إعلامي يليق بدولة في ظرف حرج- حوّلت الإعلاميين إلى قطيع من الحمقى والقَتَلة، وحوّلت الممارسة الإعلامية إلى إرهاب. أنت تعرف هؤلاء الإعلاميين أكثر مما يعرفون أنفسهم، وملفاتهم ملقاة على رصيف قصر الاتحادية. تعرف أن قطاعاً كبيراً منهم أكل على كل الموائد وأن أقلهم أجراً يتقاضى عشرة أضعاف أجرك. تعرف أن ما يبدأ بأنا مفجّر ثورة 30 يونيو/حزيران بيعذبوك عشان بقيت في السلطة: كيف تقول ذلك والشعب هو الذي منحك هذه السلطة، بل تحايل عليك لتقبلها؟ وهل يصح – وأنت بكامل صلاحيتك- أن تشكوهم لهذا الشعب؟ الشعب لم يعد يحبهم أو يصدقهم، حتى إن كان يلجأ إليهم في الكثير من أموره، ولا أظن أنه سيتعاطف معهم إذا واجهتهم، لكن المشكلة أنه قد لا يتعاطف معك الشعب مشغول بأكل عيشه وأنت انشغلت عنه وتركت أمره لمن لا يرحم ولا يحنو. أخشى يا سيادة الرئيس أن يأتي على هذا الشعب يوم يقف فيه متفرجاً عارضاً عنك وأنت تخوض معاركك: اذهب أنت وربك فقاتلا».
إعلاميون يملكون أراضي
بـ(200) مليون جنيه!

وتواصلت المعارك حول الإعلام ففي يوم السبت قال زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي: «فعلها الكاتب الصحافي مصطفى بكري الذي أصبح أيضا نائبا في البرلمان الجديد، عندما هاجم بكل شراسة وجرأة يحسده عليها بعض الإعلاميين الذين يزايدون علينا قائلا: «هناك بعض الإعلاميين عندهم أراض بـ 200 مليون جنيه». مئتا مليون جنية بأسمائهم وأسماء زوجاتهم، وأكتب الرقم بالحروف أيضا، حتى لا يحدث خطأ مطبعي ويسقط صفر من الرقم. ويتساءل مصطفى من أين جاءت هذه الأموال؟ مش عايز أتكلم. ولا بد أن يتكلم مصطفى وأن يوضح وأن يذكر لنا أسماء الذين اشتروا وتملكوا أراضي بهذه الأرقام الفلكية ومن أين حصلوا عليها؟ فمن حقنا أن نعرف من أين لهم هذا؟ وأين هي الجهات الإعلامية التي توفر لهم دخلا يسمح بامتلاك هذه الأراضي؟».

التربية الإعلامية تقوم على ربط القيم بالمهارات

أما في «اليوم السابع» فكان رأي زميلنا سليمان شفيق عن أزمة الإعلام هو: «الإعلام الغربي انتقل من الفوضى الإعلامية إلى مرجعية المواثيق، عبر مسيرة تم فيها تكوين الإعلاميين على أن الإعلام ليس فقط مهنة صناعة رأي عام، بل صناعة ضمير. وكانت التربية الإعلامية تقوم على ربط القيم بالمهارات، ولكن ما يسود التدريب الآن يقوم على حشد مهارات بلا قيم، فتجد نماذج في منتهى المهارة، ولكنها بلا قيم. من جانب آخر دخول رأس المال إلى الإعلام بلا تأهيل حول الرسالة إلى سلعة والقائم بالاتصال إلى مندوب دعاية لتلك السلعة والتعاطي مع الجمهور على أنه سوق لترويج هذه السلعة. اضمحل المعادل الموضوعي إعلام الدولة. سيادة الرئيس ليس أمامك سوى أن تهتم بإعلامك المستقل وتنزل سوق الإعلام بشركة كبرى ترشد بها ما يحدث وبخطة جديدة وجيل جديد من الأسوياء، ومعاهد تكوين لشباب الخريجين، حتى يتم ضبط الأمور من دون غضب، لأنه ليس بالقوانين وحدها يحيا الإعلام، بل بربط القيم بالمهارات وتحويل الفضاء العام إلى مدرسة لتربية الضمير ولا نترك يد البارونات أكثر من ذلك».

منظومة إعلامية متهرئة

وإذا تركنا «اليوم السابع» وتوجهنا إلى مجلة «روز اليوسف» الحكومية التي تصدر كل يوم سبت بحثا عما فيها من قضية الإعلام سنجد زميلنا إبراهيم الجارحي يقول مفسرا ما أراده الرئيس: «ما قاله السيسي ضمنا ولا أعرف لماذا لم يصرح به مباشرة؟ ولماذا لم يجعله صلب خطابه هذه المرة؟ هو أنه يعرف أنه يخاطب منظومة إعلامية متهرئة لا يمت أغلبها بأي صلة دم أو مصاهرة لما يجب أن يكون عليه الإعلام، وهذا يعني أن الرئيس يدعو إلى تيار في طريقه إلى فــــرض سيادته الكاملة على الإعلام في العالم كله، وهذا بحكم ضرورات المهنة ولو لم تقبل به الصناعة فهي تحتاجه». لكن زميله الرسام أنور خالفه معبرا عن رأيه في كاريكاتير على كامل الصفحة الثالثة عنوانه «إعلام يريده المسؤول» وثلاثة يقرأون مانشيتات في صحف هي حاضر نعم وكله تمام وحاضر نعم مية مية».

إعلاميو الرئيس يشوشون
على صوت مراسل «الجزيرة»

وفي «المصريون» الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل أحد وتطبع في الأهرام، هاجم رئيس مجلس إداراتها وتحريرها زميلنا جمال سلطان الإعلاميين الذين صاحبوا الرئيس في زيارته لبريطانيا وقال عنهم: «تألمت كثيرا وأنا أشاهد مقطع فيديو قصير لمراسل قناة الجزيرة القطرية في لندن، وهو يسأل الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب خروجه من لقاء كاميرون، متى ستفرج عن المعتقلين يا سيد سيسي؟ وهو سؤال نمطي ويتردد كثيرا في الصحافة الأجنبية، والذي ألمني أن مجموعة من الإعلاميين المصاحبين للرئيس فور سماعهم للسؤال صرخوا وتنادوا فيما بينهم اهتفوا يا جماعة «تحيا مصر.. تحيا مصر» وظلوا يرددون الهتاف بصوت جماعي للتشويش على صوت مراسل القناة الفضائية».

صبر الفقراء والمحتاجين
آخذ في النفاد

وأخيرا إلى مقال رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين يوم السبت، الذي عنونه بـ«خطاب للمستقبل» نقرأ بعض ما جاء فيه: « عندما كان الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزيرا للدفاع، ولم يكن قد حسم أمر ترشحه للرئاسة، التقى مجموعة من الكتاب والصحافيين، بعد نهاية أحد احتفالات القوات المسلحة، وكنت أحد الذين حضروا اللقاء.
أذكر جيدا في هذا اليوم، أن السيسي قال لنا إن أوضاع مصر صعبة جدا في معظم المجالات، واستخدم تعبيرات تدل على أن البلاد تحتاج معجزة للخروج من أزمتها الشاملة، وليس فقط أزمة العنف والإرهاب.
السيسي قال هذا الكلام وقتها في معرض عدم تشجعه للترشح للرئاسة، وأنه من الصعب مصارحة الناس بالحقيقة الكاملة، جرى ما جرى، وترشح السيسي، ثم فاز وتولى رئاسة الجمهورية منذ يونيو/حزيران 2014.
وقبل أيام قليلة، وفي مكان اللقاء الأول نفسه تقريبا، حضرنا خطاب الرئيس السيسي في مسرح الجلاء ــ على هامش الندوة التثقيفية العشرين التي نظمتها الشؤون المعنوية للقوات المسلحة ــ وكان من بين ما قاله إنه لم يخبر الشعب بالحقيقة الكاملة خوفا من أن ينكد عليه أو يصدمه. يمكن تفهم ألا يصارح السيسي الشعب بحقيقة الموقف، إذا كنا نستطيع أن نواصل الحياة بالطريقة نفسها التي نعيشها، لكن ولأن الأوضاع للأسف الشديد تسوء في مجالات متعددة، فإننى أقترح على الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يخرج إلى الشعب بخطاب شامل جامع مانع، يقدم فيه شيئين جوهريين، الأول حقيقة الأوضاع في مصر في كل المجالات من السياسة إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى الصحة، ومن الزراعة إلى الصناعة. والأمر الثاني أن يقدم الرئيس رؤية شاملة وخريطة طريق للخروج من هذا المأزق الذي يبدو صعبا.
يقول الرئيس إن ما تحقق في 17 شهرا كبير جدا وهو قول صحيح، لكن المشكلة أن الأزمات في مصر تحتاج إلى معجزات، ثم أن سقف الطموحات لدى المواطنين مرتفع جدا، والأكثر خطورة هو أن صبر الفقراء والمحتاجين آخذ في النفاد، ثم أن معظم القوى الكبرى في الخارج لا ُتكن لنا الكثير من الود. …».

&