& سركيس نعوم

&حصل مرجع لبناني سابق على معلومات عن الموقف الفعلي لأميركا من روسيا، وهي تفيد أن واشنطن تعتبرها عدوّاً أساسياً لها بعد السياسات الاستفزازية لرئيسها ولحلفائها في أوروبا والشرق الأوسط ولا تزال. ولذلك فإنها ترى وجوب منع روسيا من استعادة قوتها ودورها الإقليمي والأوروبي والدولي وخصوصاً في المحيط الهادي حيث تخوض ضد الصين صراعاً تحاول فيه تكريس نفوذها وحلفائها في بحر الصين الجنوبي. وتفيد المعلومات نفسها أيضاً أن واشنطن أخفقت في ترجمة الموقف المذكور عملياً، إذ استفاد بوتين من "الربيع السوري" للإنتقام من أميركا التي يتهمها بغشّه في ليبيا. واستطاع من خلال تعزيز علاقاته مع إيران دعم نظام حليفها الرئيس بشار الأسد واستعادة دور إقليمي مهم له ولبلاده. لكن ذلك لم يدفع أميركا إلى التخلي عن سلبيتها حيال روسيا رغم اعترافها بالحاجة إلى ما تفعله في سوريا ضد الإرهاب، ومراقبتها له في الوقت نفسه خشية أن يحقق نجاحات ذات انعكاسات إقليمية ودولية لا تستطيع رفضها أو تعطيلها. ولذلك فإنها تدعو إلى متابعة العمل من أجل منعها من متابعة ما تقوم به.
وتفيد المعلومات نفسها ثالثاً أن أميركا تركِّز اهتمامها الآن على الصين السائرة بثبات نحو مرتبة الدولة العظمى. والتركيز لا يرمي إلى منعها من ذلك لاستحالته، بل إلى تأخيرها للإفادة ربما من مشكلات تتعرّض لها سواء في الداخل أو في منطقتها لتعزيز منطقة النفوذ الأميركي فيها.


وتفيد المعلومات نفسها أخيراً أن إيران ستصبح الدولة الأقوى والأكثر تنظيماً في المنطقة وستستحق تبعاً لذلك دوراً أساسياً جداً في قيادتها، طبعاً بمشاركة دولة أخرى قوية ومهمة رغم نقاط ضعفها الداخلية هي تركيا. ويجب هنا عدم إغفال إسرائيل الدولة الإقليمية الثالثة المهمة ودورها في المنطقة، ولكن من دون أن يعني ذلك شراكة رسمية في الزعامة بين الدول الثلاث وتحديداً بين إيران وإسرائيل. إيران القوية هذه تمارس قوتها بطريقة تعاطيها مع جيرانها العرب. فهي ترغب في الحوار معهم وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي لكنها تصرّ على عدم تدخُّل أو مشاركة أي دولة كبرى إقليمياً أو دولياً فيه، والمقصود هنا أميركا طبعاً. وهي تقول لكل من يفاتحها في الأمر نحن على استعداد لتكرار "تجربة 5+1 النووية" ولكن بطريقة مختلفة، فالـ5 تشمل دول مجلس التعاون والـ1 يعني إيران. لكن دول هذا المجلس وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية تتمسك بصيغة مجلس التعاون (5) + إيران + أميركا وروسيا. لم يحظَ هذا الاقتراح حتى الآن بقبول إيران. ويتردّد استناداً إلى المعلومات نفسها أن الوسيط أو الناقل لهذه المواقف إلى كل من طهران والرياض كان دولة الكويت شريكة الأخيرة في مجلس التعاون.


هل المعلومات الأميركية المفصَّلة أعلاه الواردة إلى مرجع لبناني سابق دقيقة؟


يجيب خبراء جدّيون في واشنطن أن ما ورد في "الموقف" أمس عن تلاشي اهتمام أميركا بالشرق الأوسط ليس دقيقاً. فهي يائسة من أنظمتهم وحكّامهم وحتى شعوبهم، ولن تقدم على شيء لمنعهم من التقاتل سنوات ليس حباً في سفك الدم بل لعجزها عن توقيفهم وحلِّ خلافاتهم. وذلك لا يعني تخلّياً عن نفط هذه المنطقة وغازها وتركهما مجاناً للصين التي يجري العمل على "احتوائها" أو الاستعداد لمواجهتها "سلماً" طبعاً. ويجيبون أن اعتبار أميركا روسيا عدوّاً صحيح. لكن ذلك لا يعني التحارب معها، ولا يمنع الاستفادة منها في مواقع ترفض هي الدخول في حروبها مثل سوريا ومراقبتها في الوقت نفسه واعاقتها جدياً إذا تجاوزت الحدود. أما إيران، فهي دولة قوية جداً وجدّية جداً. لا يمكن إنكار ذلك. لكنها ورغم الحاجة المتبادلة بينها وبين أميركا، وخصوصاً لمحاربة الإرهاب "التكفيري"، لا تستطيع أن تقنع أميركا بالتخلِّي عن عرب النفط ولا عن المسلمين السنّة في العالمين العربي والإسلامي. فهؤلاء 85 في المئة من مسلمي العالم. والدافع إلى هذا الموقف ليس الخوف من الأنظمة أو غالبيتها لأنها موالية لأميركا، بل من انتشار الفكر الإسلامي السنّي المتطرِّف حتى التكفير والعنف بل والإرهاب في أوساط الشعوب المسلمة. والأنظمة المذكورة لا تستطيع منعه أو ضربه وهي ربما تخاف منه. وعندما تتفق أميركا وإيران وأميركا وروسيا يصبح الحوار الخليجي – الإيراني سهلاً.

&