عدنان حسين

&

في دقائق معدودات أزهق الإرهاب "الإسلامي" أرواح أكثر من مئة من المواطنين الفرنسيين وغيرهم لم يرتكبوا أي جريمة في حق قاتليهم وفي حق غيرهم .. جريمتهم انهم بشر كانوا، عندما هاجمهم قطيع الارهابيين في باريس منذ تسعة ايام، يعيشون حياتهم بأمن وسلام ورفاهية.


بين الضحايا عائلة فرنسية مكوّنة من ثلاثة أفراد، الزوجة الشابة التي قتلها الارهابيون وزوجها الشاب الذي جعله الإرهابيون أرملَ وابنهما الذي يتّمه الإرهابيون وهو لم يبلغ بعد شهره الثامن عشر.
الزوج الأرمل المكلوم، أنتونيو ليريس، وجّه إلى الارهابيين القتلة رسالة عبر موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك .. بخلاف ما قد يظن البعض منّا، لم تحمل الرسالة أية كلمات فيها شتيمة أو مثقلة بمشاعر الكراهية .. رسالة حضارية تعكس بعمق الفرق بين مدنية العلمانية وتخلّف وتوحّش الدين المسيّس.


السيد ليريس كتب الآتي:


"مساء الجمعة سرقتم حياة كائن استثنائي، حب حياتي ووالدة طفلي، ولكنني لن أكرهكم … لا أعرفكم ولا أريد أن أعرفكم فأنتم أرواح ميتة، وإذا كان الرب الذي تقتلون باسمه بهذا الشكل الأعمى قد خلقنا على شاكلته فكل رصاصة دخلت في جسد زوجتي من رصاصكم صنعت جرحاً في قلبه … إذاً لن أهديكم كرهي أنتم الذين كنتم تبحثون عنه عن الكره فالرد على حقدكم بالغضب سيجرني إلى دائرة جهلكم نفسها تلك التي جعلت منكم ما أنتم عليه اليوم. تريدونني أن أخاف وأن أنظر إلى أبناء بلدي بعين الريبة وأن أتخلى عن أمانيّي وحريتي.. أنتم الخاسرون ولعبتكم قديمة . لقد رأيتها اليوم صباحاً بعد صباحات وليال من الانتظار وكانت جميلة تماماً كما بدت ليلة الجمعة جميلة كلحظة وقوعي في حبها دون أدنى مقاومة منذ اثنتي عشرة سنة. لقد دمرني الحزن وأعترف لكم بانتصاركم الصغير هذا ولكنه لن يدوم فأنا أعلم بأنها سترافقنا كل يوم وبأننا سنلتقي في جنة للأرواح الحرة حيث لا وجود لأمثالكم .
نحن الآن اثنان، ابني وأنا، ولكننا أقوى من كل أسلحة العالم، لا وقت عندي أُكرّسه لكم أكثر من ذلك ،إذ إنني سأوافي ميلفيل طفلي ، عمره بالكاد 17 عشر شهراً، الذي استيقظ من قيلولته وسيأكل وجبته ككل يوم ثم سنذهب لنلعب ككل يوم . هذا الصبي الصغير سيجابهكم مدى حياته بكونه حراً وسعيداً لأنكم لا لن تنالوا منه حتى كراهيته ولا كراهيتي. هل عرفتم الآن سرّ التعاطف الدولي مع الشعب الفرنسي؟ إنه شعب لا ينتج الكراهية تحت أي ضغط وفي أي ظرف".