&هكذا شكَت لـ «الراي» الاستعراضية سما المصري (بعيداً عن الفن وقريباً جداً من السياسة)، معربةً عن إحباطها من رفض الطعن الذي كانت قدمته إلى لجنة الانتخابات المصرية، ليتأكد استبعادها من خوض الانتخابات البرلمانية التي تدور رحاها في مصر حالياً!

وإذا كانت سما المصري لقيت شيئاً من تعاطف أحبائها ومناصريها بعد «الرفض المشدد»، فلا شك أنها واجهت أيضاً الكثير من الشماتة وربما التشفي من قطاعات أخرى، ما جعل الاستعراضية المثيرة للجدل محوراً لحالة من التناقض ليس فقط بين مؤيديها ومناوئيها... بل أيضاً بين تأكيدها عدم تعقيبها على أحكام القضاء، وكشفها عن شعورها بالغضب معتزمةً اللجوء إلى القيادة السياسية، حتى تمكنها من نيل كل حقوقها، ومن بينها الترشح في الانتخابات! «الراي» تحاورت مع سما المصري، فتحدثت عن تجربتها في الانتخابات التي مُنعت من خوضها، والمبالغ التي خسرتها على الإجراءات الممهدة لتقديم ترشُّحها، ومطالبتها الحكومة بتعويضها.

المصري أردفت: «أنا أشعر بالغلابة ومتاعبهم، لأنني عملتُ مع الفلاحين في جني القطن، وجمع الدودة، وهذا ما يجعلني أصر على الترشح لأخدم شريحة البسطاء والفقراء»! المصري لامست، في حديثها مع «الراي»، نقاطاً ساخنةً في عالم السياسة الشائك، معربةً عن افتخارها «بالرئيس السيسي لأنه رجل وطني ومخلص»، متخوفةً عليه ممن حوله، «لأنهم لا يعملون بالإخلاص المطلوب» (وفقاً لتعبيرها)، ومصرةً على أن تأخذ حقها الذي كفله لها الدستور والقانون، كما تطرقت إلى قضايا أخرى فيها - هذه المرة -

القليل من الفن والكثير من السياسة... والتفاصيل في هذه السطور:

• في البداية.. ما حقيقة مطالبتكِ الحكومة بـ 12 ألف جنيه؟ ـ هذا حقيقي أطالب الحكومة بمالي، ولكن الجزء غير الحقيقي هو الرقم، فالمبلغ الذي أطالب به الحكومة ليس 12 ألف جنيه، ولكن الرقم الحقيقي هو 9 آلاف جنيه، وتتمثل في المصروفات الخاصة بالكشف الطبي والتحاليل التي تكلفت كل مرة نحو 3 آلاف جنيه، ومصاريف أخرى يبلغ إجمالها 9 آلاف جنيه. ومعي الأوراق التي تثبت أحقيتي لهذا المبلغ من الدولة، ولن أصمت دون استرداده، وسوف أبدأ في الإجراءات التي تمكنني من استعادة حقي.

• ولكن البعض اندهش من هذا التصرف؟ ـ ولماذا اندهش الناس؟ هذا حقي، وأنا أطالب بحقوقي فقط، لا أكثر من ذلك، فقد دفعت مقابل خدمات لم أحصل عليها وأُلغيت كل جهودي، وأُهدرت المبالغ التي دفعتُها. فلماذا اليوم يغضبون عندما أطالب بحقوقي مادامت مضبوطة وغير مبالغ فيها.

• وكيف وجدتِ قرار إلغاء طعنك على الحكم باستبعادك من الانتخابات البرلمانية؟ ـ الحقيقة أنني حزينة ولا يمكن أن أخفي الغضب الذي أشعر بأنه يجتاحني بشدة، لأنني تعرضتُ لظلم كبير. وقرار منعي من مزاولة حقي في الانتخابات جاء بلا مبرر منطقي، ولا أي شيء يدخل العقل، فلماذا يحدث هذا معي؟ كل هذه الأفكار تجعلني أحزن على الوضع الذي نعيش فيه.

• ولكن ما التفسير الأقرب لما حدث معكِ من وجهة نظرك... خصوصاً أن البعض فسر ذلك بأنها دائرة الرئيس؟ ـ هناك عشرات التفسيرات التي أسمعها بشكل يومي، ولكن للأسف أغلبها لا يقنعني.

• ولكن ما التفسير الذي يقترب من عقلك؟ ـ لا شيء، فالبعض يرى أن هذا حدث معي لأن الدولة أرادت أن تتجنب الضجة التي تصاحب نزولي الانتخابات وحتى مجرد الترشح، ولكنني أعترض بشده وأشعر بالاستفزاز من هذا التفسير، خصوصاً أننا اليوم في دولة القانون، وما الداعي لمثل هذه الطرق في التفكير؟ وكيف أستسلم لمثل هذه التفسيرات؟ وما معنى أن الدولة لا تريد أن تَحدث «دوشة» أو ضجة؟ إذاً أين حقي في مزاولة حقوقي في هذا البلد الذي يحكمه القانون، ونعيش فيه تحت مسميات عريضة ورنانة عن العدالة وغيرها؟ لهذا أرفض هذا التفسير.

• وكيف وجدتِ الحديث عن أن استبعادك قرار سياسي؟ ـ لا أتفق مع هذا التفسير ولا أعتبره حقيقيّا، خصوصاً أنني أرى أنه إذا كان منطقياً لكان تم استبعادي منذ اللحظة الأولى أو حتى عدم السماح لي بالمشاركة من الأساس. فكيف يكون سياسيّا مع أن الأمر خاضع للقضاء وشهد مداولات وغيرها من الإجراءات التي أخذت وقتاً؟ فكيف أقتنع بأن يكون سياسيّا كما يردد البعض!

• ولكن، ما سبب حرصك الشديد على الترشح للانتخابات؟ ـ لأنها ببساطة من حقي، ولماذا تنظرون إليّ بدهشة وتعجب وكأنني أتصرف بشكل غريب؟ أليس الدستور والقانون كفلا لي هذا الحق؟ فلماذا لا أحصل عليه، وتحت أي مسمى سيكون المنع.

• ولكن، أليس هذا نوع من الدعاية لنفسك؟ ـ (تضحك): ولماذا ألجأ إلى هذا النوع من الدعاية، إن كان الجميع يعرفونني ليس فقط لأنني فنانة، فقد كنتُ أكثر جرأة من كثير من السياسيين والنواب الذين يعطون أنفسهم الحق في التحريض على استبعادي والتخلص منّي في هذه الانتخابات، ولستُ في حاجة إلى هذه الدعاية، بل على العكس، أنا كنت الخاسرة في هذه التجربة، كانت ستأخذ مني وقتاً وجهداً ومالاً أيضاً، كما أنها لم تكن لتعود عليّ بأي مكسب.

• ولكن، لماذا تقاتلين من أجل المقعد في البرلمان؟ ـ أقسم بالله أن كل هدفي هو مساعدة الناس... كنت أتمنى أن أحاول رفع الظلم عن المعذبين والذين يعانون بسبب الفساد والإهمال والمحسوبية. فأنا أعرف المعاناة التي يعيشها الغلابة في هذا البلد أكثر من كثيرين من الذين يتحدثون عن الفقراء والمحتاجين وهم في الأصل لم يعيشوا معهم ولم يشعروا بهم يوماً.

• ولكن البعض يرى أنك من الوسط الفني ولستِ من العمال والفلاحين كي تعبري عنهم؟ ـ هذا ليس حقيقيّا، فأنا فلاحة أفهم في الأصول وأعرف يوميات وهموم الفلاح، وعملت في الأرض مثل كل الفلاحين. كما أنني جنيت القطن، وكنت «أسرح في الغيط». وأجمع الدودة.. «فأنا لستُ مدّعية، وسعيت إلى هذا الكرسي البرلماني، لكي يصل صوت هؤلاء الفقراء والبسطاء الذين أنتمي إليهم إلى المسؤولين. فأنا بنيت نفسي وتمكنتُ من الوصول إلى طرق تُسمع صوتي للمسؤولين، ولهذا لن أدخر أي طاقة لأوصل صوتهم وأساعدهم على العيش بكرامة، لأن هناك مطحونين ومعدمين، وهناك آخرون لا يشعرون بهم.

• وما القرارات التي توصلت إليها في هذا الصدد؟ ـ كما قلتُ، لم أقتنع بقرار استبعادي من الانتخابات، ولستُ راضية عن رفض طعني، ولن أستسلم أبداً، مع احترامي للقضاء وكلمته، ولكن ليس هناك نص في القانون يستند إليه قرار استبعادي، بل على العكس، وجدتُ القاضي يوصي بعمل تشريع لمثل هذه الحالات، ولكن على أرض الواقع لا يوجد نص يجيز استبعادي، وسوف ألجأ إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولن أتردد، فهذه خطوتي المقبلة وسوف أقول له إنني انتخبتك ومنحتك صوتي لكي تجلب لي حقوقي وتضمنها لي، وللأسف لستُ راضية عن الوضع!

• ولكن، هل يمكنك التفكير في مهاجمة النظام لأنه استبعدك؟ ـ من قال هذا؟ قلتُ إنني لستُ راضية عن الوضع، بل إنني مشفقةٌ على الرئيس السيسي، لأنه رجل وطني وشجاع وتحمّل فوق طاقته، ولكن لا يصح أن نحمّله مسؤولية كل شيء، لكن عليه أن يعيد النظر فيمن حوله، لأنهم لا يقومون بأعمالهم كما ينبغي، ما اضطر الرئيس إلى أن يعمل كل شيء بنفسه، وهذا الوضع غير مطمئن، وبصراحة أخشى عليه... فنظام مبارك سقط بسبب تضليل من حول الرئيس وأخطائهم. ولكن الرئيس السيسي نفسه رجل وطني أفخر به وأتمنى أن يعمل الكل بضمير لكي نساعده في عبور هذه الأزمات.