عمان - تامر الصمادي: تسبب إعدام تنظيم «داعش» الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، بصدمة وغضب عارم في المملكة، التي باتت تعيش أجواء حرب، لا سيما بعد تهديد الحكومة الأردنية التنظيم المتطرف بـ «رد مزلزل» وتأكيد تمسكها بالمشاركة في التحالف الدولي ضده، فيما توعد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني التنظيم «برد قاس»، مؤكداً أن دم الطيار الأردني «لن يضيع هدراً».
&
وتواصلت ردود الفعل المنددة بـ «داعش»، ووجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز رسالة إلى العاهل الأردني عبّر فيها عن «الألم الشديد لاستشهاد الطيار الأردني معاذ الكساسبة، واستنكار وشجب هذه الجريمة البشعة المخالفة لسماحة ديننا الإسلامي الحنيف والأعراف الإنسانية كافة».
وقدم العاهل السعودي «باسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية وباسمنا بالغ التعازي، وصادق المواساة، داعين الله جل وعلا أن يتقبل الشهيد في من عنده، ويسكنه فسيح جناته، وألاّ تروا أي مكروه، إنا لله وإنا إليه راجعون».
&
وعقد العاهل الأردني، فور وصوله الى عمان أمس بعدما قطع زيارته الى واشنطن، اجتماعاً مع كبار القادة العسكريين في الجيش، قال فيه إن «دم الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة لن يذهب هدراً، وإن رد الأردن وجيشه العربي المصطفوي على ما تعرض له ابنه الغالي من عمل إجرامي وجبان سيكون قاسياً»، وفق بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.
&
يأتي ذلك فيما أكد محمد المومني، المتحدث باسم الحكومة الأردنية، أن الأردن سيكثف جهوده مع أعضاء التحالف الدولي لوقف التطرف والإرهاب ولتقويض تنظيم «داعش» والقضاء عليه في نهاية الأمر.
&
وتعكس هذه التصريحات، وللمرة الأولى بعد مشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد «داعش»، أجواء الحرب في البلاد.
&
وذكرت مصادر رسمية أردنية لـ «الحياة»، أن مطبخ القرار السياسي والأمني والعسكري في عمان «لن يتراجع خطوة واحدة إلى الوراء في الحرب على الإرهاب».
&
وأكدت المصادر ذاتها أنه «ستتم مضاعفة المشاركة الأردنية بعمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، وستُتخذ إجراءات صارمة ضد كل من يحاول العبث بالأمن الأردني».
&
وأعلنت عمان فجر أمس إعدام كل من الانتحارية العراقية ساجدة الريشاوي، التي كان «داعش» طالب بإطلاق سراحها، والعراقي زياد الكربولي المنتمي إلى تنظيم «القاعدة» شنقاً.
&
يذكر أنه حُكم على الريشاوي بالإعدام في 21 أيلول (سبتمبر) 2006 لإدانتها عن دورها في هجوم انتحاري عام 2005، فيما اعتقل الكربولي المتهم بالانتماء إلى تنظيم «القاعدة» في أيار (مايو) 2006 وقضت محكمة امن الدولة في الخامس من آذار (مارس) 2007 بإعدامه.
&
وكانت القوات المسلحة الأردنية هددت فور إعلان إعدام الطيار الكساسبة بالقصاص من قاتليه. وقالت إن «دم الشهيد الطاهر لن يذهب هدراً، وإن قصاصها من طواغيت الأرض الذين اغتالوا الشهيد معاذ الكساسبة ومن يشد على أياديهم، سيكون انتقاماً بحجم مصيبة الأردنيين جميعاً». فيما قالت الحكومة إن «رد المملكة على إعدام طيارها سيكون قاسياً ومزلزلاً».
&
وأبلغت مصادر سياسية أردنية مقربة من صنع القرار «الحياة»، أن عمان ستقْدِم خلال اليومين المقبلين على إجراءات سياسية وأمنية ولوجستية غير مسبوقة في خصوص محاربتها تنظيم «داعش» والجماعات الجهادية المحلية.
&
وأكدت المصادر ذاتها أن العاصمة الأردنية ستواصل تنفيذ أحكام الإعدام بعدد من سجناء التنظيمات الإسلامية، وستشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الجهاديين الأردنيين المقربين من تنظيم «داعش»، لكنها ستوسع مشاركتها في التحالف الدولي خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
&
وقال خبراء عسكريون لـ «الحياة»، إن الأردن سيبدأ بقصف مكثف لمواقع «داعش» تحت راية التحالف الدولي، كما ستشارك الأجهزة الأردنية بعمليات نوعية خاطفة تستهدف عناصر التنظيم وقادته وأماكن تواجده.
&
وقال أحد هؤلاء الخبراء: «المؤكد أن الأردن بعد معاذ الكساسبة سيكون مختلفاً كثيراً من ناحية الحرب على الإرهاب، فقد أصبح للأردنيين ثأر خاص مع داعش، والمؤكد أننا سنشهد مستويات مختلفة من الرد».
&
ورأى ساسة أردنيون مقربون من القصر، أن إعدام الكساسبة بصورة مروعة «منح المشاركة الأردنية في الحرب الغطاءَ الشعبي اللازم»، وتوقعوا أن تشهد الساعات الـ48 المقبلة «قرارات مهمة وعلى مستويات مختلفة». واعتبروا أن الرد الأردني «سيضمن معالجة جذرية وعميقة لملف التعامل مع التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمها داعش».
&
وأشار أحد هؤلاء إلى أن «الأردن على مشارف مرحلة جديدة مختلفة، ليس بسبب الطيار فحسب، ولكن لمعرفته عمق الأخطار التي باتت تحيط به من كل جانب، خصوصاً مع إقدام داعش على نشر صور طيارين أردنيين وعناوينهم وأرقام هواتفهم».
&
في غضون ذلك، أفادت تقارير إعلامية أميركية أمس، بأن الإمارات العربية المتحدة انسحبت من الحملة الجوية ضد تنظيم «داعش» بعد أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي قتله لاحقاً تنظيم «داعش» بحرقه حياً.
&
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين أن الإمارات علقت الضربات الجوية في كانون الأول (ديسمبر) بعد أسر الطيار الأردني خوفاً على سلامة طياريها. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» تأكيداً للخبر عن مصدرين عسكريين أميركيين، لكن الإمارات لم تعلق على الأمر.
&
وتواصلت أمس الردود المنددة بإعدام تنظيم «داعش» الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً. واستنكر عدد كبير من علماء الدين هذه الجريمة. ووصفها شيخ الأزهر أحمد الطيب بأنها «عمل إرهابي خسيس»، داعياً في بيان صادر مساء الثلثاء إلى «قتل وصلب وتقطيع أيدي وأرجل إرهابيي التنظيم الشيطاني» موضحاً أن «هذا العمل الإرهابي الخسيس يستوجب العقوبة التي أوردها القرآن الكريم... أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف».
&
وفيما أبدى الاتحاد الأوروبي تضامنه مع عمان على خلفية إعدام «داعش» الطيار الكساسبة، انتقد مسارعة السلطات الأردنية إلى إعدام اثنين من المتشددين العراقيين، ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، المدانين بالإرهاب.