دحام العنزي
بعض القوى الفاعلة في مجلس الأمن لا تريد للمشهد الليبي أن يستقر، بل وتراهن على الفوضى، لذلك ينبغي أن تكون الفعاليات الشعبية العربية الفكرية والثقافية والإعلامية جاهزة لدعم السلم الأهلي في ليبيا
&
تابعت بشكل كبير الاستعراض الداعشي للسينما الدموية في مشهد إعدام الضحايا المصريين من الأقباط على زرقة المياه الليبية، في منظر قصد به إرسال رسائل متعددة محلية وإقليمية ودولية في آن واحد.
رجال يشبهون كثيرا قوات الصاعقة والعساكر المحترفة بأجسادهم الضخمة مرتدين الزِّي الأسود، مقنّعين يجرون الأسرى وقد ألبسوهم أردية "جوانتانامو" البرتقالية في مشهد سينمائي هوليوودي بامتياز.
كانت بداية إعلان تنظيم "داعش" عن نفسه بصورة حقيقية في ليبيا برأيي هي حين تمكن من قتل السفير الأميركي بطرابلس في الهجوم الشهير على السفارة الأميركية هناك، حين تبنته القاعدة وبعض الجماعات الإرهابية في حينه.
فرغت للتو من الاستماع إلى جلسة مجلس الأمن التي خصصها للوضع في ليبيا، وتعهد عبر أعضائه بتشكيل حكومة وطنية ترعاها الأمم المتحدة حتى تستطيع أن تدير نفسها بنفسها وترعى شؤونها.
البعض كان أكثر أدبا فقال إنه سيساعد فعاليات الشعب الليبي، ويدعم تشكيل حكومة وطنية لحفظ السلام الليبي البيني، وأن هذا من أهم مسؤوليات الأمم المتحدة كراع للسلم الدولي ومشرفة عليه، وليس تشكيل حكومة ليبية بشكل مباشر.
موقع ليبيا مهم جدا للجماعات المتطرفة المسلحة، إذ تعدّ بوابة شمال أفريقيا، ولهذا اختار "داعش" أن يكون إخراج الفيلم السينمائي الثاني بشكل محترف جدا، مباشرة بعد حرق الطيار الأردني قبل مدة قصيرة، واختصت ليبيا بهذا الإنتاج السينمائي الضخم.
وزير الدفاع الليبي كان واضحا في كلمته في مجلس الأمن فيما يتعلق بالطلب من حكومة مصر الاستمرار في دك معاقل "داعش" في ليبيا لمساعدة للحكومة الليبية من جهة وانتقاما للضحايا المصريين من جهة أخرى، خاصة في ظل عدم وجود أسلحة متطورة لدى الجيش الليبي.
الدكتور محمد الدايري يعي الخطر جدا لذلك حذّر منه قائلا: إن المتطرفين سيكسبون المعركة ما لم تتم الموافقة على المشروع الأردني الليبي المصري المقدم لمجلس الأمن من أجل تسليح الجيش الليبي.
بدأ الوزير وكأن في فمه ماء وهو يلمح إلى أشياء لا تخفى على أحد حين قال: إنه يريد من مجلس الأمن أن يفرض رقابة على تزويد المتطرفين بالسلاح، وتساءل: كيف يتم دعمهم بالأسلحة المتطورة وتصل إليهم رغم الجهد الدولي الذي يظهر أنه يعمل على رقابة صارمة على انتشار الأسلحة وبيعها ولا يستدعي جيش الحكومة فعل ذلك؟!
وزير الخارجية المصري بدوره أيضا كان صريحا واضحا، فقد تحدث الدكتور سامح شكري عن أن الشعب المصري والشعب الليبي جيران وطن ورفاق مصير مشترك، وأنهم لا يحمّلون ليبيا ولا الليبيين وزر جريمة قتل هذا العدد من المصريين، وأن مشروع دق الأسافين بين طرابلس والقاهرة سيفشل.
تعهد بالاستمرار في دعم طلب الحكومة الليبية بقصف قوات "داعش" وتكثيف الطيران، وأن مقاتلات الجيش المصري ستحلق فوق الأجواء الليبية بشكل مستمر طويلا طالما أن حكومة ليبيا في حاجة إلى المساعدة، ولعدم وجود تسليح مناسب فقد طالب الوزير المصري عبر كلمته في مجلس الأمن بدعم الجيش الليبي بالأسلحة المتطورة، وأن خلق حكومة وطنية معتدلة ينبغي أن تترافق معه قوة عسكرية مؤهلة، وإلغاء هذا الحظر المفروض على الحصول على السلاح.
لماذا لا يدعم مجلس الأمن بشكل فاعل تسليح الجيش الليبي وتزويده بأحدث الأسلحة والمعدات الخاصة بتعقب المجرمين وما يلزم ذلك من الأجهزة التقنية؟
برأيي أن بعض القوى الفاعلة في هذا المجلس لا تريد للمشهد الليبي أن يستقر، بل وتراهن على الفوضى، لذلك ينبغي أن تكون الفعاليات الشعبية العربية الفكرية والثقافية وغيرها جاهزة إعلاميا لدعم السلم الأهلي في ليبيا، ومن أجل دعم هذا السلم لا بد من حكومة قوية ولا بد لهذه الحكومة الكفء التي تحكم لتنظم حياة الناس وتساعدهم من قوة عسكرية تحميها وتحمي شعبها لتعود صناعة الحياة إلى الواقع الليبي مجددا.
لذلك نقول لمجلس الرعب الدولي ارفع الحظر عن تزويد ليبيا بالسلاح كي تتمكن من بناء دولة ديموقراطية حديثة آمنة مستقرة من خلال دعم المشروع الأردني الليبي المصري الذي يطالب بذلك.
ما يحدث في ليبيا خطير جدا والبلد مقبل على كوارث ما لم يتم تسليح الجيش الليبي، ففكر جماعات التطرف والإرهاب هو إقامة إمارات إسلامية، وتحويل الجغرافيا إلى ما يشبه صومالا جديدة.
فلندعم الحق الليبي في العيش بكرامة وحرية، ولنأمل أن روح الوحدة ستنتصر، ويتجه عقلاء ليبيا حقيقة نحو السلام والتعاون من أجل ليبيا جديدة.
&
التعليقات