علا عباس

سابقا لم يكن مسموحا للمذيعات أن يناقشن الضيف أو يقاطعنه أو يطرحن عليه أسئلة محرجة فيما نَراهُن اليوم ممسكات بزمام الحوار وقادرات على محاصرة أبرز الشخصيات السياسية والدينية بالأسئلة التي يرينها مناسبة

&


"نساء عربيات يحركن الإعلام العربي ورجال الدين والسياسيين" عنوان لافت ومثير نشره الموقع الإلكتروني لقناة التلفزة الأكثر شهرة في فرنسا tv fance info، قبل أن يسرق عين القارئ الفرنسي إلى أربع صور تتصدر الصفحة لسيدات عربيات، إحداهن سعودية: الإعلاميات خديجة بن قنة، منى شاذلي، راغدة درغام، وبدرية البشر، هن بطلات المقال الصحفي الذي حقق أعلى نسبة مشاهدة.


يتناول المقال الاستبيان الذي أجراه الموقع الإخباري "السي إن إن" بالعربية قبل أيام حول لقب "الإعلامية العربية الملهمة للجمهور"، والذي فازت به الإعلامية الشهيرة بن قنة على منافساتها البارزات شاذلي ودرغام والبشر، لتتمكن المتنافسات الأربع الوصول إلى العالمية عبر حضورهن الخاص في قلوب المشاهدين العرب..
يندفع القارئ الفرنسي الذي أثارت فضوله صور نساء عربيات "اثنتان منهن محجبتان" ويحركن العالم، فيقرأ ما خطته أصابع الكاتب عن النقلة البنيوية التي حققتها الإعلاميات العربيات والمساحات النوعية الواسعة التي حفرن بأظافرهن لانتزاعها في وسائل الإعلام، ليكن فاعلات في صوغ الرأي العام العربي وتفعيل دور المرأة، وشاهدات على تغيير رسمت ملامحه جهود جماعية لا يمكن استثناء دور أيٍّ منها.
الجزائرية بن قنة واحدة من بين النساء العشر الأكثر تأثيرا في العالم العربي، المصرية شاذلي مقدمة برنامج "العاشرة مساء" الشهير، سابقا، اللبنانية راغدة درغام الصحفية والمحللة السياسية و"كبيرة المراسلين الدبلوماسيين" في هيئة الأمم المتحدة، والسعودية بدرية البشر الكاتبة والروائية والإعلامية الحائزة على العديد من الجوائز.


يتناول المقال أيضا الفارق الشاسع بين إعلام الأمس واليوم، فسابقا لم يكن مسموحا للمذيعات أن يناقشن الضيف أو يقاطعنه أو يطرحن عليه أسئلة محرجة فيما نَراهُن اليوم ممسكات بزمام الحوار وقادرات على محاصرة أبرز الشخصيات السياسية والدينية بالأسئلة التي يرينها مناسبة، ما يعكس صورة مجتمع آخذ في التقدم والانفتاح تدريجيا.


ثم ينقلنا الكاتب إلى الإعلامية اللبنانية ريما كركي المقدمة في قناة MTV التي شغلت قصتها مواقع التواصل الاجتماعي، ووصلت إلى الشهرة والعالمية خلال أيام بعد حادثة طردها لـ"رجل دين" وصفته المحطة بالمتطرف، بعد أن تحدث مع المذيعة بطريقة عنيفة وقال لها: "اسكتي" أمام ملايين المشاهدين، معتبرين، أي الكاتب وأيضا الصحف الغربية، إنها شجاعة لا بد أن تتحلى بها المرأة العربية للدفاع عن نفسها من الإساءة والمساس بكرامتها.


أمثلة أخرى يسوقها الكاتب عن هامش الحرية والمناورة التي بدأت تتسع دون أن يغفل وجود محظورات وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها في معظم وسائل الإعلام العربية، حتى تلك التي تدعي العلمانية.


ختاما.. أذكر أننا قبل أعوام كنا ممنوعات كمذيعات من الضحك على الهواء في إذاعة دمشق، وأن ضحكة أفلتت مني رغما عني فعوقبت من الإدارة.. إلى أن بات الضحك والعفوية أمرا عاديا ومطلوبا في سياقه المعقول والمبرر في إذاعة صوت الشباب والتلفزيون السوري لاحقا، إثر محاولة الإعلام السوري تحديث صورته وخلع جلبابه القديم.
شعور الفرح الذي غمرني بعد أول ضحكة سمح لي بها على الهواء يشبه تماما شعوري اليوم عند رؤية صورة المبدعة السعودية بدرية البشر في أشهر موقع تلفزيوني فرنسي.
هنيئا لك بدرية.. هنيئا للسعوديين والسعوديات ولنا جميعا.
ها قد بات الضحك على الهواء مسموحا.. ولكن دون دموع هذه المرة..
&