&بسام البدارين

&

&

&

& التسارع الذي حظيت به الاتصالات الأردنية – الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية بدأ يثير التساؤلات والتوقعات عن «قفزة كبيرة» ومتسارعة وغامضة الخلفيات على صعيد ملف علاقات كانت دوما تتميز بالارتياب والبرود.
أمنيا يبدو ان الغطاء توفر لإطلاق اتصالات «دبلوماسية» بين عمان وطهران بعد الزيارة اليتيمة التي قام بها مؤخرا الوزير ناصر جودة للجمهورية الإسلامية.
سياسيا أطلق توفر الغطاء سلسلة من التغييرات في الحالة الأردنية فالسفير الأردني المسيس في طهران عبدالله أبو رمان نشط في كل الكواليس مؤخرا وجبهات التحريض السورية الإعلامية والسياسية على الأردن خفتت قليلا في تبادل محسوب للخطوات يوحي بأن الأمر صدر من طهران إلى دمشق لكي تخف الحملات الاتهامية على أمل «فهم» حقيقية وخلفية وجدية الاندفاعة الأردنية المفاجئة باتجاه طهران.
بطبيعة الحال لا يمكن إسقاط التقاطعات الظرفية من الحساب فالتقارب اللافت والغريب بين عمان وطهران وبصورة مفاجئة يتزامن مع قرب الإعلان عن اتفاق نووي إيراني ـ أمريكي ومع صدور القرار الأمريكي بشطب حزب الله من سجل المنظمات الإرهابية.
النخب السياسية الأردنية تبدو شغوفة هذه الأيام بفهم طبيعة الخطوة المقبلة فخلال أيام فقط وبصورة مباغتة لم يعد إطلاق مستوى الاتصالات بين الأردن وإيران أمرا «محرما» وبعض الأوساط في مجلس النواب الأردني ترحب بذلك كما يلاحظ النائب محمد حجوج وهو يشخص المسألة مع «القدس العربي».


الحجوج وغيره يلاحظون ان إيران قوة ثقيلة متربعة في المنطقة لم يعد من الحكمة تجاهلها.


حتى سياسي خبير ومخضرم من وزن رئيس مجلس الأعيان الأسبق طاهر المصري يرى اليوم ان التواصل مع إيران ينطوي على «تنويع» دبلوماسي مطلوب لحماية المصالح الأردنية.
جميع الساسة في عمان يؤكدون أن البوصلة الأردنية تلتحق بالأمريكية في المسألة الإيرانية وخبير في الشئون الإيرانية من وزن السفير السابق في طهران بسام العموش يوحي في المناقشات بأن ما تريده طهران من عمان واضح ومكرر.
تداعيات التواصل الأردني مع الإيرانيين تبدو متفاعلة فوزير الأوقاف الأردني الدكتور هايل محمود استقبل على نحو مفاجئ العلامة الشيعي اللبناني علي فضل الله.. تلك خطوة كانت نادرة في المؤسسة السياسية الأردنية قوامها البحث لأول مرة بالعلاقات بين الشعبين الشقيقين والمقصود في لبنان والأردن مع المرجع الشيعي وفقا للبيان الرسمي الصادر عن اللقاء.
عمان سياسيا كانت دوما لا تعترف بتمثيل لبنان إلا عبر تيار المستقبل.. اليوم يجري مبعوثون أردنيون اتصالات غير علنية مع قيادات مرجعية شيعية في لبنان بعضها يتصل بحزب الله وبعضها الأخير يتصل بنبيه بري زعيم حركة أمل التي تمثل التيار الشيعي العروبي في لبنان.


معنى الكلام أن الأردن يلجأ للتنويع في خياراته وأن زيارة ناصر جودة لطهران انتهت وبسرعة بانفتاح خط التواصل «الديني» على الأقل بين المؤسسة الدينية الأردنية ممثلة بوزارة الأوقاف وبين المراجع الشيعية اللبنانية.
بتقدير ملاحظين بينهم الحجوج وآخرون مثل هذه الخطوة قد تنتهي سياسيا برسالة لحزب الله الذي كان دوما في مستوى ودائرة العداء أردنيا وإن كان مصدر أردني مطلع قد أكد لـ «القدس العربي» ان الدولة الأردنية العميقة تتواصل مع حزب الله أصلا عندما تلزم الحاجة.


ببساطة يمكن الاعتقاد بأن هذا التطور اللافت جدا في الاتصالات الأردنية – الإيرانية «مجازف» إلى حد ما لأنه لا يرضي ولن يرضي السعودية.


لكنه يرضي ويحظى بدعم شركاء مهمين للأردن هذه الأيام هما مصر والإمارات وعلى الأرجح يتبرمج تحت سياق الانفتاح الأمريكي الهائل على إيران ويتيهأ أردنيا لهوية وشكل التحالفات في المنطقة في مرحلة ما بعد إنجاز الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني.
عمليا من الواضح أن الكلف متعددة للتقارب الأردني مع إيران فالعديد من الخبراء لا يتخيلون تقاربا حقيقيا بدون التوافق على أجندة أمنية موحدة على الأقل ضد عدو مشترك في منطقة درعا التي تتواجد فيها الآن قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله.
العدو في الحالة الأخيرة هو تنظيم جبهة النصرة فالموقف المشترك لعمان وطهران من جبهة النصرة في درعا لم يظهر للسطح بعد لأن عمان تعلن الحرب علنا على تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعتبر أيضا عدوا مشتركا في العراق. عمان، وحسب مصدر، مطلع اكتشفت عندما حاولت تحقيق «اختراق» في الجبهة العراقية ينسجم مع استراتيجيتها في توظيف الحرب على الإرهاب سياسيا ووطنيا ودينيا بأن الخيوط تنتهي عند المؤسسة الإيرانية بكل الأحوال فلا مجال للتعاون في التدريب والتأهيل العسكري للقوات العراقية ولا في مجال تسليح العشائر السنية لحماية الحدود الأردنية الشرقية من طموحات داعش إلا بعد الاتصال بالمرجع الإيراني.
لذلك كانت مصالح الأردن القليلة في العراق محطة دافعة باتجاه نمو وتسارع في خيارات التنويع الأردنية، خصوصا وان طهران قدمت أصلا وعلى مدار عقد من الزمن عشرات العروض للانفتاح والتعاون مع الأردن كانت دوما «مرفوضة» ومن الواضح أنها قد تقبل تباعا بعد الآن.
&