صالح القلاب
&
عندما يقال أنه لا حل للأزمة , أو الكارثة , السورية إلا الحل السياسي فإن هذا يعني أولاً استبعاد الحلول العسكرية بعد أربع سنوات من الدمار والاقتتال الدموي وإن هذا يجب أن يعني ثانياً أن المقصود ليس المعارضة وحدها وإنما أيضا وقبل ذلك هذا النظام الذي دمر البلاد وشرد وقتل العباد والذي يواصل الإصرار, بدعم روسيا وإيران , على حسم الأمور لمصلحته بالعنف وبالصواريخ والدبابات والبراميل المتفجرة.
&
& كانت هناك فرصة لتحييد العنف والعمل العسكري عندما توصل المعنيون , روسيا والولايات المتحدة أساسا , إلى صيغة جنيف «1» &التي أساسها مرحلة انتقالية بدون بشار الأسد وبقاء جزء من نظامه لكن المعروف أن الروس والإيرانيين قد أحبطوا تلك المحاولة وأضاعوا تلك الفرصة عندما قلبوا ذلك الاتفاق رأساً على عقب وأصروا على أن الأولوية, أولوية الجميع , لمواجهة التنظيمات الإرهابية وذلك مع أنهم هم الذين»خلقوا» داعش وغير «داعش» الآن جدد وكلاء نظام بشار الأسد الحديث عن الحلول السياسية وأنه لا حل إلا الحل السياسي للأزمة السورية فقد بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلك الرسالة , التي رد عليها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بعنف وبصراحة , والتي تحدثت عن حلول سياسية لوضع حدٍّ للعنف والاقتتال دون أن تشير ولو مجرد إشارة إلى أن المعارضة لا تتحمل وحدها مسؤولية هذا العنف وأن هذا النظام له النصيب الأكبر مما جرى في هذا البلد الذي لا تزال أزمته مفتوحة على شتى الاحتمالات وأسوئها .
&
& كان على الرئيس الروسي ألا يخاطب القمة العربية بهذه الطريقة وكان عليه , إذا كان حريصٌ فعلاً على وقف الاقتتال في سوريا , أن يذهب مباشرة إلى ما تم الاتفاق عليه في جنيف «1» فهو يعرف أن الحل المعقول والمقبول هو حل جنيف «1» وهو يعرف أنه لا مكان لـ «بشار الأسد» في هذا الحل لأن يديه ملطختين بالدماء ولأن بقاءه في الحكم سيعني أن هذا العنف سيستمر وأن المحصلة بالنتيجة أن سوريا ستنقسم ولن تبقى موحدة وأن هذه الأوضاع المأساوية قد تستمر لعشر سنوات مقبلة .
&
& والمشكلة أن بوتين ومعه وزير خارجيته سيرغي لافروف ليس لا يعرف وإنما يتجاهل أنه برحيل الأسد ورحيل نظامه أيضا لن تفقد روسيا سوريا التي ورثتها من الإتحاد السوفياتي منذ عام 1949 وحتى الآن بل وهي بالتأكيد أيضاً ستكسب المنطقة كلها فالجميع في هذه المنطقة يريدون علاقات مصالح مشتركة مع موسكو ولكن بدون أي تدخل في الشؤون الداخلية لأي من دولها وبدون الوقوف إلى جانب نظام قاتل ومجرم وضد رغبة وإرادة شعبه .&
&
& ستكون روسيا خاسرة حتى ولو منحها بشار الأسد سوريا كلها كقاعدة عسكرية وليس مجرد ما عرضه قبل أيام قليلة إذا جرى هذا كله رغم رغبة وإرادة الشعب السوري وخلافاً لما تريده معظم دول هذه المنطقة فالرهان على هذا النظام الزائل لا محالة هو رهان خاسر والرهان يجب أن يكون على شعب هذا البلد الذي من المفترض أن الروس يعرفون أنه حسم أمره وأنه بعد كل هذه التضحيات لا يمكن أن يقبل بالعودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى وعلى غرار ما حدث بعد مذبحة حماه عام 1980 .